كازاخستان.. منجم اليورانيوم الأكبر
جون سي. كيه. دالي جون سي. كيه. دالي

كازاخستان.. منجم اليورانيوم الأكبر

 تنتشر على الصعيد العالمي، أكثر فأكثر، الصورة المأخوذة عن كازاخستان كواحدة من الدول المتقدمة في مجال تصدير النفط، حيث حققت ما يمكن اعتباره إنجازاً كبيراً إذا ما لحظنا أن إنتاجها من الهيدروكربون، قبل عقدين من الزمن، كان ضئيلاً لا يستحق الذكر.

ترجمة قاسيون

وها هي ذي الدولة الوسط آسيوية، الأوسع مساحة من أوروبا الغربية، قد شقت طريقها في حقل جديد من حقول الطاقة. إذ حلت في المرتبة الثانية عالمياً من حيث حجم مخزونها الاحتياطي من اليورانيوم المقدر بمليون ونصف طن، فيما كان ترتيبها الثالث عالمياً قبل عامين فقط. وأصبحت تنتج 33% من يورانيوم العالم، تتبعها كندا المنتجة لـ 18%، ثم أوستراليا بنسبة 11%. أي أن هذا الثلاثي يتحكم بـ 62% من اليورانيوم المستخرج عالمياً.

وطبقاً لمعطيات «كازاتومبروم»، الشركة الوطنية للطاقة الذرية، «استخرجت الجمهورية الكازاخية 13.957 طناً من اليورانيوم، خلال الفترة المنصرمة بين شهري كانون الثاني وأيلول، أي أزيد بنسبة 11% من حجم إنتاج ذات الفترة من العام الفائت». ويمكن وضع أهمية الإنجاز الكازاخي في السياق الصحيح إذا ما تذكرنا أن إنتاجها من اليورانيوم قبل خمس سنوات كان 5.279 طناً.

أما الأكثر إثارة للإعجاب فهو ارتفاع عائدات الشركة المملوكة للدولة بنسبة 72% سنوياً. مع العلم أن «كازاتومبروم» تقوم بتصدير اليورانيوم إلى جانب تصديرها المعادن النادرة، والوقود النووي المستخدم في تشغيل محطات الطاقة النووية، والتجهيزات والتقنيات، والمواد ذات الاستخدام المزدوج.

وفي حين أن كارثة آذار الماضي في مجمع فوكوشيما النووي الياباني دفعت عدة دول أوروبية نحو إعادة تقييم اعتمادها على الطاقة النووية، بقيت الدول المعتبرة أسواقاً لكازاخستان مضمونة، تتمثل بدول آسيا المتنامية الاعتماد على محطات الطاقة اقتصادياً، على رأسها الهند والصين. ورغم أن رد فعل بكين على كارثة فوكوشيما تجلى بإجراء تدقيق شمل كافة محطات توليد الطاقة النووية لديها، إلا أن لجنة تكنولوجيا العلوم وصناعة الدفاعات الوطنية أعلنت ضمن خطتها السنوية الحادية عشرة للصناعات النووية، عن عزمها إنتاج 40 غيغا واط من الطاقة الكهربائية النووية خلال العقد الحالي.

 وإذا ما مضت الصين في خططها الطامحة لبناء 77 محطة جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية نووياً فسوف تحتاج إلى ما يقارب الـ 44 مليون باوند من اليورانيوم سنوياً، ولديها حالياً 11 محطة، أقدمها محطة «كينغشان-1» التي بدأت عملها في عام 1991. ولا تقل طموحات الهند شأناً عن طموحات الصين في هذا المجال، إذ تعتزم بناء 19 مفاعلاً نووياً حيث منشآتها القائمة حالياً لا توفر سوى 3-4% من مجمل طاقة البلد الكهربائية.

لكن رغم ذلك تعكرت أجواء التفاؤل في العاصمة الكازاخية إثر كارثة اليابان النووية، فبعد أن كان رئيس شركة «كازاتومبروم» قد أعلن، في المؤتمر الذي تم عقده في العاصمة «أستانة»، 5-7 نيسان الفائت، أن كارثة فوكوشيما لن تؤثر كثيراً على خطط الشركة الكازاخية انخفضت أسعار اليورانيوم في السوق العالمية من سبعين دولار للباوند إلى 49 دولار، ولم ترتفع إلى 55 دولار حتى تشرين الثاني الماضي.

غير أن كازاخستان التي تتجاوز الاعتماد على استخراج اليورانيوم تنتج أيضاً قضبان الوقود النووي. وسبق لوزير الطاقة الفرنسي «إيريك بيسون» أن أبرم مع الحكومة الكازاخية اتفاقاً يسمح لشركة «أريفا» الفرنسية بافتتاح محطة لإنتاج الوقود النووي بالاشتراك مع «كازاتومبروم». ويلحظ أحد البيانات الصادرة عن مكتب الوزير بيسون أن «هذا الاتفاق يفتح الباب لكازاخستان، أهم منتج لليورانيوم عالمياً، لبناء منشأة إنتاج الطاقة النووية لعموم السوق الأسيوية. وسيبدأ العمل على بنائها بمجرد إنهاء دراسة الجدوى الاقتصادية مع نهاية الربع الأول من العام القادم 2012». كما ينص الاتفاق على أن تتضمن المنشأة فتح خط جديد للإنتاج في محطة «أولبا» الكازاخية، تملك 51% منه شركة «كازاتومبروم» و49% منه تعود للشركة الفرنسية «أريفا».

ومع توفر السيولة النقدية لديها، قد تشتري كازاتومبروم محطة «أورال الكتروكيميكال انتيغريتد» الروسية، أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم تابعة لشركة الطاقة النووية الروسية «روساتوم». وفي الشهر الماضي صرح سيرغي كيريينكو، مدير «روساتوم» التنفيذي أمام الصحافيين: «نعمل حالياً على إنجاز بعض الأمور ذات الطابع التقني المحض، آخذين بعين الاعتبار بعض القيود (الناجمة عن إغلاق إحدى المنشآت النووية)، ونسير وفقاً لجدول زمني معد مسبقاً، ولدينا خطة لإنهاء العمل في عام 2012. لذلك سيبدأ تعاوننا مع شركة كازاتومبروم في العام ذاته».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت الوكالة الدولية للطاقة تقرير عام 2012 السنوي عن «حال الطاقة في العالم» الذي يشير إلى أنه فيما إذا كان العالم جاداً بالتعامل مع ارتفاع درجات حرارة الكوكب فعليه الانتباه إلى تزايد استخدام الطاقة النووية من أجل تخفيض انبعاث الغازات الملوثة. لكن كازاخستان المصدرة لـ 1.74 مليون برميل نفط يومياً والمتحولة إلى أكبر مستخرج عالمي لليورانيوم، يبدو أن «أستانة» تسعى، في المدى المنظور، إلى حصاد مزيد من السيولة النقدية بغض النظر عن سياسات الطاقة المتبعة عالمياً.