السودان بين الفقر المدقع.. والثنائيات الوهمية

السودان بين الفقر المدقع.. والثنائيات الوهمية

إثر انقسام السودان إلى شمالي وجنوبي في يوليو 2011 ، تكبد الشمال خسائر اقتصادية فادحة قُدرت تقريباً بثلاثة مليارات دولار سنوياً، فيما لا يملك الجنوب أي مورد اقتصادي حقيقي باستثناء النفط والذي يفتقر إلى منفذ لتصديره ليكون الخاسر الأكبر هو الشعب السوداني بمجموعه

المذكور آنفاً دفع السودانيين، ولا سيما في الشمال، للخروج إلى الشارع كنتيجة عن للأوضاع الاقتصادية المتردية والذي يتجسد سببها الرئيسي بفصل جنوب السودان عن شماله.
نصف السودان فقير
في الثالث والعشرين من أيلول الماضي أقرّت الحكومة قراراً ارتفعت على أثره أسعار المحروقات بحوالي 65% بحجة عجز الموازنة رغم أن العجز في الموازنة العامة عام 2008 في السودان لم يتجاوز 1% من الناتج المحلي فيما بلغ 3% من الناتج المحلي في عام 2012 فقط أي أن حجة تخفيض الإنفاق واهية. هذا القرار أدى بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار، مما أدى إلى خروج السودانيين إلى الشارع كرد على القرار الذي سيهوي بالمزيد من العوائل السودانية إلى ما تحت خط الفقر. وارتفع  معدل التضخم، الذي بلغ في عام 2008 حوالي 16%، ليتجاوز في عام 2012 حاجز 40% ، وذلك حسب أرقام رسمية سودانية.
كل هذه الأرقام الناتجة عن السياسات الاقتصادية للحكومة «الإسلامية« أدت إلى اعتبار حوالي ما يقارب 46% من العوائل السودانية تحت خط الفقر فيما دفعت إلى وضع 300 ألف أسرة في عداد العوائل المعدومة التي تصارع يومياً من أجل قوتها.
البشير وسيلفاكير.. هل من فرق؟!
فشلت حكومة البشير في التنمية، لكن أسوأ ما قامت به هو ضربها للوحدة الوطنية والجغرافية للسودان فبتبنيها نهجاً تمييزياً ضد الجنوبيين أدى إلى  تفتيت البلاد، وقد عمل البشير على فرض نمطه السياسي والاجتماعي على المجتمع الذي أُصيب جراء ذلك بما يمكن أن نسميه «جفافاً سياسياً«، هذا النمط الذي يفرض الليبرالية كنظام اقتصادي لينال المديح والثناء من الغرب ويتحدث يومياً عن مواجهة الغرب السياسية. روجت وسائل الإعلام تاريخياً إلى اعتبار الانفصاليين الجنوبيين- بقيادة سلفاكير والذي يتبنى الليبرالية أيضاً وزار «إسرائيل« في 2011 - في حالة عداء مع النظام الحاكم في الشمال وذلك في محاولة لإثارة تناقضات ثانوية داخل المجتمع السوداني بغية غض نظره عن جوهر الصراع الحقيقي، لتكون المحصلة تصادم الحركة الشعبية في السودان بعضها ببعض لإضعافها ومنعها من بلوغ أهدافها ومصالحها المناقضة للمصالح الغربية والتي دعمت تقسيم البلد مما يؤدي إلى ارتفاع وتيرة النهب والفساد والتراجع الاقتصادي في عموم السودان.