ماذا نتج عن سياسات الانقسام في السودان؟

ماذا نتج عن سياسات الانقسام في السودان؟

لم يختلف المشهد بين السودان الشمالي بقيادة البشير عن شقيقه السودان الجنوبي رغم كل وعود الغرب الذي دعم التقسيم، ضمن استراتيجيته تجاه المنطقة العربية، حيث يشهد السودان الآن احتجاجات شديدة.

الشماليون إلى أين؟

عادت المظاهرات لتنطلق من جديد منادية هذه المرة بـ«إسقاط نظام البشير» في 22 أيلول الماضي لتفتح ملفات كثيرة في السودان، كان آخرها قرار الحكومة رفع الدعم عن مواد الطاقة وزيادة الأسعار، وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل 24 واعتقال 700 آخرون وفقاً لبيانات حكومية بينما تقول مصادر أخرى أن عدد القتلى فاق الـ 200 واعتقال 800 منهم 17 عضوا في الحزب الشيوعي السوداني و15 عضوا من حزب المؤتمر، بالإضافة الى اعتقال العديد من نشطاء الحركات الشبابية.
في هذه الأثناء تحمل المعارضة السودانية وأهمها «تحالف القوى الوطنية المعارضة» الذي يضم كل من  الحزب الشيوعي السوداني، وحزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، والحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال، حكومة البشير المسؤولية عن تدمير الوضع الاقتصادي وذلك لإهماله قطاعات الإنتاج الرئيسية التي كانت ممكن أن تحل محل النفط.
هذا وقد قال ابراهيم الأمين الأمين العام لحزب الأمة القومي إن حاملي السلاح مستعدون لتركه اذا ما حدث تغيير للنظام، وإن السودان مؤهل أكثر من باقي الدول لـ«ربيع عربي»، وأكد الأمين وجود انقسام داخل الحزب الحاكم بخصوص الأحداث الأخيرة، وهذا دليل على أن العقلاء يمكنهم التوصل إلى تحول ديمقراطي في السودان، فيما تحدثت أنباء عن انسحاب الحزب «الاتحادي الديمقراطي» بزعامة محمد عثمان الميرغني من حكومة البشير التي يشارك فيها منذ أكثر من عام. فيما قالت مصادر أخرى إن الانسحاب جاء بعد إعلان المتحدث باسم الحزب إبراهيم الميرغني عن استقالته من الحزب واعتزاله العمل السياسي احتجاجاً على ما وصفه بالموقف الضبابي للحزب من الاحتجاجات
لكن في الوقت ذاته قالت بعض التقارير أن أطرافاً ما دعت المتظاهرين إلى الوقوف إلى جانب القوى المسلحة التي تقاتل البشير مدعية أنها مضطرة لحمل السلاح ضده، في حين تدافع الحكومة عن نفسها بأنها تحارب من سمتهم «مخربين ومثيري الشغب»، ليبدو المشهد في السودان الشمالي كأحد مشاهد ما يسمى «بالربيع العربي» في بداياته.

الجنوب أيضاً

أما في السودان الجنوبي فقد بدأت بوادر الاحتقان الشعبي تطفو على السطح حيث يعاني السكان من غياب التنمية والحريات السياسية وارتفاع معدل البطالة والقمع الأمني الشديد والتفرقة العرقية وهو مالم يأمله الجنوبي بعد الانفصال، وقد أكدت دراسات أن أغلب سكان الجنوب باتوا يخشون التحول إلى العنف من جديد نتيجة تدهور الأوضاع هناك فقد جاء في بعض التقارير أن« نصف السكان يشعرون أن جنوب السودان يسير في الاتجاه الخاطئ حيث يتزايد الفقر ومعدل الجريمة» حسبما أشار مسح أجراه «المعهد الجمهوري الدولي». 
وقد صرح دينق أثواي رئيس تحالف المجتمع المدني لجنوب السودان الذي يدعو لسيادة القانون «الناس غاضبون، الجميع غاضبون» وأضاف «لا شيء على ما يرام» ويظهر تخوف كبيرمن مؤسسة الجيش في الجنوب، حيث قامت بارتكاب انتهاكات في ولاية جونفي، وقالت الأمم المتحدة: «إن الجنود نهبوا وكالات الإغاثة وأدى القتال إلى حرمان عشرات الألوف من السكان من المساعدات»، في الوقت الذي تصرف فيه حكومة الجنوب أغلب مواردها على القوات المسلحة تخوفاً من اندلاع الحرب مع جارها الشمالي.
في السودان الذي يشكل السلة الغذائية لإفريقيا، والذي يعد فيه إقليم دارفور من أكبر مخازن اليورانيوم الطبيعية، وحيث تحتوي أراضي جنوبه على مقدرات ضخمة من النفط الخام، والذي يشكل منبع المياه العذبة لدول الشمال الأفريقي بنيليه الأبيض والأزرق، تتصارع قوى عديدة للنيل من وحدته مرة تلو الأخرى ولتحويل كنوزه إلى غنائم يتقاسمها أصحاب مشروع الشرق الأوسط الجديد بالتواطؤ مع الفاسدين في الحكم الذين ضيعوا الشعب أول مرة بتقسيم السودان وهم اليوم يمعنون في قمعه ونهبه.