«منظمة شنغهاي للتعاون» صراعٌ ضد «صراع الحضارات»!

«منظمة شنغهاي للتعاون» صراعٌ ضد «صراع الحضارات»!

في افتتاح القمّة الخامسة لـ«منظمة شنغهاي للتعاون» في العاصمة الكازاخستانية «أستانا» عام 2005، حضر رؤساء كل من الهند وإيران ومنغوليا وباكستان كمراقبين في المؤتمر، يومها افتتح رئيس كازاخستان «نورسلطان نازارباييف» المؤتمر بجملة تقال لأول في التاريخ: «قادة الدول الحاضرون هنا على طاولة الحوار هذه، يمثّلون نصف البشرية..».

تأسست «منظمة شنغهاي للتعاون» عام 2001 قبل أحداث 11 أيلول بثلاثة أشهر وضمّت دول: «الصين، كازاخستان، قرقيزستان، روسيا، طاجيكستان، أوزباكيستان» إضافة للدول المراقبين وكل من «بيلاروسيا وسيريلانكا وتركيا» كضيوف محاورين.
وجهة حضارية ضد الغرب
جاء تأسيس المنظمة استجابة للمخاطر الناتجة عن انهيار الاتحاد السوفييتي وما تركه من فراغ وثغرات أمنية وانهيارات في اقتصاد البلدان من ناحية، ومن ناحية أخرى كانت المنظمة ضرورة لتحقيق التعاون بين دول قلب وجنوب وشرق آسيا على أساس «الثقة والمنفعة المتبادلة، احترام استقلالية الدول واحترام التنوّع الحضاري وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المشتركة والمسؤولة» وفقاً لما جاء في بيانها التأسيسي آنذاك.
يمثل أعضاء المنظمة 60% من مساحة اليابسة، وإذا حسبنا الدول المراقبين، تصبح منظمة شنغهاي للتعاون تمثّل نصف سكان الأرض اليوم، و«منظمة شنغاهي للتعاون» هي الوحيدة بين المنظمات الدولية الكبرى التي لا توجد فيها الولايات المتحدة ولا أي من حلفائها، ويمتد تأثيرها بقوة اليوم على دول آسيا وشرق أوروبا.
التصدي للمشروع الأمريكي
في 2011، وبعد محاولة الولايات المتحدة وحلفائها جني الثمار الأولى للاختراق الذي أحدثوه في تلك الحراكات، دعمت «منظمة شنغهاي للتعاون» الانتقاد الروسي لنوايا الحلف الأطلسي نشر منظومة الدفاع الصاروخية عبر كل أوروبا. في المؤتمر نفسه أعلن قادة «منظمة شنغهاي للتعاون» رغبتهم في التعاون مع الجارة أفغانستان في الشؤون الأمنية والاقتصادية والتنمية، وقتها ذهب بعض الأعضاء بعيداً في هذه الرؤية عندما قال «نورسلطان نازارباييف» رئيس كازاخستان إنه من المنطقي والمتوقع أن تأخذ «منظمة شنغاهي للتعاون» على عاتقها معالجة العديد من القضايا والإشكاليات في أفغانستان بعد خروج قوّات التحالف عام 2014..!
في المؤتمر الأخير الذي انعقد في الـ13 أيلول 2013، تم التأكيد على تطوير التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وحماية البيئة وتنمية الزراعة بين الدول الأعضاء، والتركيز على تطوير عمل «اتحاد بنك المنظمة» ومساهمته في تمويل مشاريع البنى التحتية المشتركة واعتماد التكنولوجيا الموفّرة للطاقة وتوسيع مجال الدفع بــ«العملات الوطنية».
وهم صراع الحضارات
يعتبر «زانغ دغوانغ» الأمين العام للمنظمة التعاون الأمني والتنمية الاقتصادية العجلتين الرئيستين التي تسير وفقهما «منظمة شنغهاي للتعاون»، واليوم قارب الانتهاء من مشروع خط الغاز الإيراني- الباكستاني والذي ينظر إليه كمحور لربط المنطقة -جنوب وشرق آسيا تحديداً- اقتصادياً وفق قواعد التعاون المتبادل والحقوق المتساوية، وهو يعتبر اختراقاً لنظرية الفالق السنّي-الشيعي الأمريكية التي اعتمدتها لاختراق الشرق العظيم بأكمله، وفيه إمكانية قوية لحل النزاع الطويل الدائر بين باكستان والهند.
 هكذا تتجلى علامات النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب المبني على تعاون الحضارات والدول والشعوب على عكس نظرية «صراع الحضارات» المتبناة أمريكياً وصاحبها المنظّر الأمريكي المفضّل في الإعلام الغربي «صاموئيل هنتينغتون»..!