يسمّموننا جميعاً بالرأسماليّة المنفلتة
ترجمة : بطرس شنيص ترجمة : بطرس شنيص

يسمّموننا جميعاً بالرأسماليّة المنفلتة

هناك حرب غير معلنة تدور بين الأغنياء والفقراء هنا في الولايات المتحدة، ويعتقد الأغنياء أنهم وجدوا طريقةً ليكسبوها. يعتقد الأغنياء أن باستطاعتهم العيش في مجتمع لأنفسهم وأن يتجاهلوا مجتمع الجميع، ولكنهم مخطئون وإليكم السبب.

من الشائع في الولايات المتحدة أن الفقر والصحة أمران لا يتجزءان، جميع المؤشرات الرئيسيّة عن الصحة البدنيّة، مرض السكري، الأمراض القلبيّة، وحتى إمكانيّة الحصول على طعامٍ مغذٍ، مرتبطة بالحالة الاقتصاديّة-الاجتماعيّة، وبإلقاء نظرة على أي خارطة لمعدلات البدانة في الولايات المتحدة نجد أن الولايات الأفقر كـ«ميسيسيبي» و«أركانساس» هي أيضاً الأكثر بدانة.
يمكننا معرفة سبب ذلك عند مقارنة هذه الخرائط مع أحد خرائط صحاري الغذاء في أمريكا، والتي عرفتها وزارة الزراعة الأمريكيّة على أنها المناطق التي يعيش فيها خمسمئة شخص على الأقل على بعد أكثر من ميلٍ عن أقرب مركز تجاري أو متجر بقالة وخضراوات كبير. هذه الولايات المفقرة وصاحبة معدلات البدانة المرتفعة هي أيضاً أكثرها حاجة للطعام الطازج بدلاً من المواد التي يبيعونها في متاجر «7-Eleven» أو «McDonald’s».
التفاوت الطبقي
الأمور لا تتحسن أبداً بالنسبة لفقراء أمريكا، وذلك بعد اثنين وثلاثين عاماً من قيام اقتصاد رونالد ريغان بجلب معدلات مرتفعة من التفاوت الطبقيّ والفقر. بينما نجد لدى أكثر البلدان تطوراً في العالم معدلات فقر أقل من 10%، فإن معدل الفقر الرسمي هنا في الولايات المتحدة يحوم حول 15% حسب بيانات أحدث الإحصاءات السكانيّة. هذا يعني أنه حوالي ستة وأربعين مليون شخص يعانون للبقاء على قيد الحياة في أغنى دولة في العالم.
لزيادة الأمور سوءاً، فإن أرقام التفاوت في الدخل باتت أسوأ في جميع ولايات بلادنا خلال العقود الثلاثة الأخيرة منذ أن أصبح ريغان رئيساً، كما جاء في تقرير على موقع «Huffington Post» أن :«مداخيل الخمس الأدنى من الأمريكيين على سبيل المثال نمت حوالي 20% بين عامي 1979 و 2007 ، بينما نمت مداخيل النخبة، أغنى 1%،  بمقدار 275%»
سموم الأغنياء
سابقا في هذا الشهر، وضح علماء من جامعة إكستر في المملكة المتحدة عن العلاقة الوثيقة بين الحالة الاقتصاديّة-الاجتماعيّة ومعدل المواد السامة في أجسام البالغين الأمريكيين.
كما كان متوقعاً فإن أجسام الأمريكيين القادمين من بيئات أفقر كانت مليئة بمواد كيميائية ليست موجودة في أجسام القادمين من بيئات أغنى. وضحت جيسيكا تايريل، أحد مؤلفي دراسة جامعة إكستر، النتائج في مقال لموقع« Science World Report»:
«تدني الحالة الاقتصاديّة-الاجتماعيّة ترافق بازدياد في معدلات مرتفعة من الرصاص، الكادميوم، الأنتيمون، ثنائي الفينيل، وهذه المواد تستخدم بشكل أساسي في صناعة البلاستيك...يعتبر تراكم مادة الكادميوم مؤشراً خاصاً هاماً جداً للفقر لأن وجوده مترافق بالتدخين وبنظام غذائيّ فقير، وهو ما نجده شائعاَ لدى الأمريكيين الأفقر».
المزعج هو أن الرأسماليّة المنفلتة والتي تدمر الأرض، تجعل الواحد بالمئة الأعلى يقتلون الجميع، أينما كانوا يسكنون إن كان في القسم الأعلى الشرقي أو في دلتا الميسيسبي.

عن افتتاحية « The Daily Take» الأربعاء، 07 آب 2013 ، برنامج توم هارتمان