البدراوي لقاسيون: وحده التحالف المدني - العسكري كفيل بإنشاء نظام متقدم في مصر
محمد كامل محمد كامل

البدراوي لقاسيون: وحده التحالف المدني - العسكري كفيل بإنشاء نظام متقدم في مصر

أجرت قاسيون اتصالاً هاتفياً مع الرفيق ابراهيم البداروي ممثل حركة اليسار المصري المقاوم، تناول الاتصال أهم مستجدات الساحة المصرية بعد الموجة الثانية من الثورة المصرية..

 إلى أين يتجه المشهد المصري برأيكم إلى العنف أم إلى تجذير الثورة أم إلى الاثنين معاً؟
بداية يجب التأكيد على أن هذا الزحف كان ناتجاً عن كون الإخوان المسلمين هم تاريخياً جزءاً من الطبقة الرأسمالية الريعية المتوحشة. واليوم في تقديري بدأت الثورة المضادة بالفعل حيث تقوم النخبة السياسية المدنية بعمليات مساومة لاغتيال هذه الموجة الثورية التي ليس لها مثيل في التاريخ، رغم أنها بلاطليعة قوية تستطيع أن تقود هذه الثورة. إن هذا الواقع يضعنا أمام الاحتمالين على قدم المساواة، احتمال إنهاء المسألة سلمياً، والاحتمال الآخر الذي هو نتيجة لتوحش هذا العدو الطبقي والفكري الذي يقوم على الإسلام السياسي بكل مكوناته سواءً الإخوان المسلمين أم السلفيين، فهم مستعدون لتحويل مسار السلمية إلى أعمال عنف إرهابية قد يطول أمدها، وإن ما يساعد في ذلك هو أن الكتلة السياسية من النخبة المدنية بدأت تدخل في مساومات تحت مايسمى المصالحة، و لكن كيف تتم المصالحة بين القاتل والمقتول؟!!
ومن ناحية أخرى فإن 33 مليوناً من الشعب المصري خرجوا ولايمكن رؤية الإسلام السياسي إلا نقطة في بحر الجماهير، كما أن الشعب المصري والجيش المصري يعتبران ضمانة أكيدة للتطور السلمي. ومع هذا تبقى الظروف تحتمل الاحتمالين، احتمال التطور السلمي وتحقيق نصر حاسم، واحتمال التطور غير السلمي والدخول إلى معترك العنف الذي قد يستغرق وقتاً يطول أو يقصر وفقاً للمعطيات على الأرض.. 
 هل انتهى مشروع الإخوان عند هذا الحد وماهي حوامل المشروع الأمريكي في الساحة المصرية اليوم؟
الإخوان المسلمون أو السلفيون هم أصحاب مشروع واحد، فهذا التيار هو تيار فوق وطني وفوق قومي، وهم عبارة عن «شركة متعددة الجنسيات» تعتمد العنف سبيلاً للوصول إلى السلطة، وأعتقد أن هذا المشروع السياسي سقط بنظر الجماهير الشعبية التي تبينت من خلال تجربتها الذاتية وعبر أكبر خروج في التاريخ البشري- 33 مليون مواطن- خطر هذا المشروع، وكثير من الناس البسطاء من مختلف الشرائح الذين التقيتهم تعتقد أنه في حال استمر الإخوان في مصر سنة أخرى فإننا لن نجد مصر، لأن المشروع يستهدف تدمير مصر لحسابات تخص الإخوان المسملين كإقامة الخلافة والأسلمة إلى آخر هذه المسائل.
على مستوى الوعي الشعبي سقط هذا المشروع نهائياً وأنا أعتقد أن سقوطه في مصر يعني سقوطه على مستوى الإقليم كله، والجديد اليوم في المشروع الأمريكي أنهم بدؤوا الاتصال بالسلفيين عبر السفيرة الأمريكية في القاهرة التي تعمل على  التخريب، ويتردد أن السلفيين يطلبون 7 مليارات دولار لتنفيذ المشروع الأمريكي، فهذه الجماعات لاتعرف معنى الوطن كما أن البديل الآخر فيما لو فشل السلفيون هي بعض القوى من النخبة السياسية الليبرالية، لذلك ندعو قوى اليسار والقوى الديمقراطية والقوى الشعبية لبناء كتلة قادرة على التصدي لكل القوى المرتبطة بالمشروع الأمريكي سواء الإخوان المسلمون  والسلفيون أو قوى الليبرالية الجديدة والتي قد تصبح بديلاً ملائماً للأمريكيين أكثر من السلفيين لذلك سيسعون إلى إجراءات شكلية لتحسين شكل المشروع الأمريكي كي يمر.
  ماذا عن المساعدات الأمريكية والخليجية.. وهناك حديث أيضاً عن مساعدات روسية؟
قرأت أن أوباما الآن قيد الاستجواب في الكونغرس في قضية إعطاء مبلغ 25 مليار دولار للإخوان المسلمين، حيث أعطى هذا المبلغ للإخوان كي يصلوا إلى السلطة في انتخابات مجلس الشعب وانتخابات الرئاسة وأعطى للسلفيين مبالغ أقل وفقاً لما قرأت، وعلى فكرة هناك رفض شعبي لهذه المعونة فالمصريون يتساءلون ماذا نستفيد من هذه المعونة؟
أما بالنسبة لمعونات الخليج، فهذه الدول «الإمارات أو السعودية أو الكويت» استشعرت أن هناك خطراً داهماً عليها من جماعة الإخوان، وفي مقام آخر يريدون احتواء مصر وذلك لأجل إجهاض الموجة الثورية الجديدة عبر المعونات، ونحن نرفض كل معونات مشروطة لا تؤمن الاستقلال في عملية التنمية.
أما بالنسبة للمعونات الروسية فيما لو طرحت، فتاريخياً  كانت تجربة الشعب المصري مع المساعدات السوفييتية قبل انهيار الاتحاد السوفييتي جيدة، ورغم مضايقات الشرطة للشيوعيين في مصر لم تكن المساعدات تتأثر، فالسوفييت سابقاً والروس حالياً ليس لهم أي ماض استعماري في المنطقة العربية، ونعتقد أن معوناتهم مبرأة وهي قائمة على علاقات ندية وفق مانشاهد.
 كيف تقيمون دور المؤسسة العسكرية فيما حصل؟
رأيي ومنذ أمد طويل أنه قد أرسي في مصر قانون خاص للتطور، حيث أن مشروعات التطور الوطنية بدءاً من محمد علي ثم الثورة العرابية ثم ثورة 23 يوليو، مرهونة بتحالف مدني عسكري، فمشروع محمد علي ورفاعة الطهطاوي ومجموعة المثقفين الذين تم أرسالهم للدراسة خارج مصر كان راقياً ومتقدماً جداً بمعايير ذلك العصر، والثورة العرابية كذلك كانت تحالف العسكريين وقوى مدنية تقديمة كعبدالله النديم والشيخ محمد عبدو وغيرهم، ثم جاءت ثورة الـ19 التي قادتها نخبة مدنية فقط والتي لم تحقق شيئاً، ثم جاء جمال عبد الناصر وأقام تحالفاً بين قوى شعبية مدنية والجيش وبنى مشروعاً هاماً، قد ننتقده إلا أنه مشروع وطني تقدمي. بينما جاء مشروع السادات ومبارك كمشاريع للنخبة المدنية التي أوصلتنا إلى مانحن عليه الآن، فبتدميرهم للمشروع القومي والتقدمي أسهموا بإجلاس مرسي على كرسي الحكم وخلقوا بيئة حاضنة للتيار الديني الذي ينتعش في بيئات الفقر والجهل.
بتقديري هذا هو القانون الخاص لمصر، فالجيش هو طرف أصيل في المعادلة السياسية وهذا لايعني أن الجيش يجب أن يكون فيه خلايا لهذا الحزب أو ذاك، إلا أن الجيش هو الطرف الأصيل في القرار الاستراتيجي ورسم السياسة، والجيش من الشعب ودوره رائع جداً، والشعب المصري يدرك أن هذه المؤسسة مؤسسته وليست مؤسسة الإخوان المسلمين ولا مؤسسة النخبة السياسية ولا مؤسسة الطبقة الرأسمالية المهيمنة، ونحن ننادي بأن التحالف المدني العسكري وحده القادر على إحداث نقلة نوعية لإنشاء نظام متقدم تنطلق منه مصر وينطلق معها كل الأشقاء العرب.
 ما رأيكم  بالحكومة الجديدة؟
أنا تحدثت أن هناك مخاطر والنخبة السياسية التي مازالت في الواجهة تريد الحفاظ على النظام الاقتصادي الاجتماعي التابع الذي يتغذى على عرق ودم الشعب المصري، فهذا النظام أنتج 5% من المصريين يمتلكون 80% من الثروة، و95% من المصريين يعيشون على 20% من الثروة، ومن يعيشون تحت خط الفقر هم 45% والأمية تقريباً 45%، وهذا طبعاً هو ما أوجد البيئة الحاضنة للتيار الديني وذلك نتيجة لسياسة التبعية والإفقار التي تفرضها الرأسمالية المتوحشة التي اتبعها أنور السادات وأكملها حسني مبارك، وماينبغي العمل عليه الآن هو تأمين تحالف مدني عسكري بأي صيغة كانت الذي سيؤمن لمصر مخرجاً من احتمالات دخول نفق مظلم.
 ماهي انعكاسات الموجة الثانية من الثورة المصرية إقليماً ودولياً برأيك؟
باعتقادي إن الشعوب العربية كانت مرحبة بما حصل، وحتى دول الخليج اضطرت للترحيب بذلك، باستثناء النظام التركي ونظام الغنوشي والقوى الإخوانية المرتبطة بالأمريكيين والعدو الصهيوني، وعلى المستوى العالمي فقد اعترف الأمريكيون أن خروج المصريين لم يسبق له مثيل بالتاريخ، فهناك انبهار عالمي بهذا الخروج وبسلميته، وقد أجبر هذا التحرك القوى الدولية على تغيير مواقفها العلنية ولكن هذا لايعني أن القوى الإمبريالية والخليجية ستترك مصر تتطور دون إعاقتها، لكن هذه العملية هي صراع طويل يجب خوضه ويجب أن نختار حلفاءنا كالروس والصينين، وعلينا أن نعمل على برنامج يحقق القرار الوطني المستقل وعلاقات دولية داعمة لهذا الخيار، وعلينا تحديد قائمة الحلفاء والأعداء. وعلى المستوى الداخلي علينا العمل لتحقيق سياسات اجتماعية اقتصادية لمصلحة الشعب قائمة على التخطيط الشامل وعلى إعادة توزيع الثروة وعلى نظام ملكية جديد يقوم على الملكية العامة لوسائل الإنتاج والملكية التعاونية والملكية الخاصة، لنتخلص من نظام الاقتصاد الريعي، ويجب تحقيق ديمقراطية اجتماعية حقيقية في ظل علاقات دولية متكافئة قائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، وهذا ماينبغي أن يكون مسار المرحلة القادمة