التجار يرفضون تخفيض الأسعار رغم تراجع الدولار!!..

التجار يرفضون تخفيض الأسعار رغم تراجع الدولار!!..

لا تترك الفعاليات الاقتصادية وغرف التجارة في سورية مناسبة إلا وتحمّل فيها الدولار مسؤولية ارتفاع الأسعار، وهذا ليس إلا فصلاً جديداً من مسرحية أتقن أصحاب الفعاليات الاقتصادية ومن خلفهم أداءها، ففي الماضي القريب نفى هؤلاء أنفسهم وجود احتكار القلة في الأسواق، والتي كانت تخلق باعتراف المتابعين للشأن الاقتصادي- موجات متلاحقة من الارتفاع في الأسعار زمن الاستقرار..

وهذا يؤكد بشكل قاطع أن القصة ترتبط بعقلية تبريرية لكل سلوكيات التجار مهما بلغت درجة استغلالهم للسوريين، وغرف التجارة شركاء فعليون للفعاليات الاقتصادية في نهب المستهلكين واستغلالهم، لأنهم يغطون نهبهم ويبررونه، ورغم كل ذلك لا يزالون هم الفاعلين والمساهمين في صناعة القرار الاقتصادي..
 
السيناريو الأسوأ
السيناريو الأسوأ هو الحاصل اليوم، حيث يسارع التجار إلى رفع الأسعار عند اشتمام رائحة ارتفاعٍ في الدولار، رغم أنهم يبيعون المستهلك سلعاً من مخازنهم، إلا أنهم يحركون الأسعار وفق الارتفاع اليومي للدولار بعكس المنطق الاقتصادي، فالبضاعة التي استوردت بسعر دولار 100 ل. س تباع اليوم على أساس دولار 200 ل.س، أي بسعر مضاعف مقارنة بتكلفة استيرادها الحقيقية، إن لم نقل أن هناك سلعاً غير غذائية استوردت على أساس دولار 50 أو 60 ل.س، وتباع اليوم على السعر الرائج للدولار..
تراجع سعر الدولار مرات عدة بشكل مؤقت، إلا أن أسعار السلع لم تنخفض، وهذا ما أثبتته التجربة أكثر من مرة، فالتجار يتجاهلون بشكل مقصود انخفاضه، ولا تعود الأسعار خطوة واحدة إلى الوراء مهما تراجع الدولار..

إجراءات رادعة مغيبة!
لم يسمع السوريون من أصحاب القرار الاقتصادي سوى التشخيص لمشكلة ارتفاع الأسعار في الندوات واللقاءات المختلفة، وهم من أصابهم الملل من تنظير هؤلاء، دون أن يكون لهم الدور في ردع المخالفين الكبار أو فضحهم على أقل تقدير، ولذلك يتساءل المراقبون، والذين هم لسان حال ملايين المستهلكين المنهكين من ارتفاع الأسعار، لما لم نشهد تحركاً واحداً من جانب أصحاب القرار الاقتصادي لفضح تلك التجاوزات قبل ردعها؟! وهم من يمتلكون البيانات التي تحدد الكميات المستوردة من السلع، وتكلفة استيرادها بالدولار وبالليرة السورية، وهم القادرون على تحديد السعر التقريبي لكل سلعة مستوردة بشكل دقيق مع ترك هامش ربح للتجار، وهم الذين يمتلكون القدرة على كشفها أمام المجتمع السوري عبر وسائل الإعلام بدلاً من الإصرار على التعامل معها بسرية غير مفهومة، وبما يتيح للتجار التلاعب بالمستهلكين والأسواق على هواهم، لتكون تلك السرية، ومن يصرّون عليها، شركاء في استغلال السوريين ونهبهم أيضاً، إلا أن ما نراه حتى اليوم، هو استمرار القرار الاقتصادي في خدمة مصالح أصحاب رؤوس الأموال من مستوردين وتجار بالدرجة الأولى..

لما يستمر التصدير؟!
ليست ألعوبة الدولار وحدها حجة التجار لرفع الأسعار، ولكن قلة السلع المعروضة في الأسواق حجة أخرى في هذا السياق، ولكن هل تساءل أحد عن اسباب قلة توفر السلع الزراعية والحيوانية في السوق المحلية؟!  وهل صعوبة النقل وحدها وراء هذا الانخفاض؟! فهل يعلم السوريون أننا نصدر البندورة السورية إلى لبنان وبعض الدول المجاورة؟! وهذا ما رفع سعرها في الأسواق!! وهل هم على دراية أنه تم تصدير 58 مليون بيضة في عام 2012، والتصدير مستمر في عام 2013، وهو ما يساهم في ارتفاع أسعار البيض محلياً؟! وهل يعلمون أن البطاطا تم تصديرها إلى الأردن في الاشهر الماضية بينما كانت ترتفع اسعارها في السوق المحلية؟! وكثيرة هي السلع التي يتم تصديرها بينما ترتفع أسعارها في السوق المحلية، فلم يسمح بتصدير المنتجات الزراعية والحيوانية؟! في الوقت الذي تقيد فيه الأردن تصدير البندورة إذا ما ارتفعت أسعارها محلياً على سبيل المثال، أم أن المستهلك العربي أكثر أهمية من السوري لدى القائمين على القرار الاقتصادي لدينا؟! وهم من يتفننون في خنقه بقراراتهم الخاطئة، والتي تخدم مصالح أقلية لم تعد خافية على أحد..