فرز طبقي حتى في الإنارة!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

فرز طبقي حتى في الإنارة!

فكرة جهنمية مبتكرة تم إقرارها والتوجيه بها من قبل محافظة دمشق، تتمثل بالتعميم إلى كافة مخاتير مدينة دمشق بطلب التعاون مع المجتمع الأهلي لإضاءة مداخل الأبنية وبعض الجادات «بالليدات».

الطلب أعلاه تم تبريره بأنه بسبب الانقطاعات الدائمة للطاقة الكهربائية، والظلام الدامس في معظم الجادات الرئيسة والفرعية والحارات، مع العمل على تكريس هذه الحالة في أحياء مدينة دمشق.

تمييز وتهرُّب رسمي

مما لا شكَّ فيه أن المواطنين متضررون من واقع الظلام ليلاً بسبب غياب الإنارة في غالبية شوارع الأحياء والحارات في المدينة، اللهم باستثناء بعض الساحات والشوارع الرئيسة، وبعض الأحياء التي يقطنها النخبة من أصحاب الجاه والمال والثراء، وهو واقع تمييزي مكرَّس بشكل غير معلن على مستوى جميع الخدمات، وليس فقط بالنسبة للإنارة ليلاً في هذه الأحياء (الكهرباء- المياه- الصرف الصحي- الهاتف- النت- النظافة- الشوارع المعبدة- الأرصفة- المدارس- المستوصفات..).
مع الأخذ بعين الاعتبار أن مضمون الاقتراح أعلاه، سبق وأن تم تطبيقه طوعاً من قبل بعض المواطنين في بعض الأحياء والحارات وعلى مداخل بعض الأبنية والبيوت فيها.
أما أن يتم تكريس هذا التمييز بشكل رسمي وفقاً لنموذج التعميم أعلاه، وبغض النظر عن شكله الذي يظهر فيه على أنه يصب في مصلحة الأهالي وحرصاً على سلامتهم، وتفادياً لبعض المخاطر، إلا أنه على حسابهم، كما أنه شكل من أشكال التهرب من المسؤولية بهذا الصدد.
فحل مشكلة الإنارة ليلاً، وفقاً للنموذج المقترح أعلاه يعني فيما يعنيه أن المحافظة قد رفعت يدها من مهمة إنارة الكثير من الأحياء والمناطق ليلاً، وجيرتها لتصبح بمسؤولية المخاتير بالتعاون مع المجتمع الأهلي، وعلى حسابهم.
طبعاً الحديث هنا عن أحياء الفقر والتهميش أولاً، وعن أحياء المخالفات والعشوائيات ثانياً، وهذه الأحياء هي الأكثر اكتظاظاً، وكأن هذه الأحياء لا ينقصها إلا المزيد من التخلي الرسمي عنها، والمزيد من التعامل التمييزي ذي الطابع الطبقي بحقها، والمزيد من الإنفاق الذاتي والأهلي على الخدمات التي من المفترض أن تكون بعهدة المحافظة والبلديات وعلى نفقتها.
يتساءل أبناء العاصمة، المحسودون على فقرهم وإهمالهم على ما يبدو، ترى ما هي الإبداعات الجديدة التي من الممكن أن تسفر عنها اقتراحات المحافظة بحقهم وعلى حسابهم لاحقاً؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
950
آخر تعديل على الإثنين, 27 كانون2/يناير 2020 13:27