مخيم «واشوكاني».. معاناة وتردٍ خدمي

مخيم «واشوكاني».. معاناة وتردٍ خدمي

شتاء قارس جديد طرق أبواب النازحين السوريين، الذين نزحوا من مختلف المناطق السورية إلى مخيمات البرد والجوع، سواء كانت هذه المخيمات ضمن الأراضي السورية أو في دول الجوار، وتضم هذه المخيمات أعداداً كبيرة من هؤلاء النازحين، ليأتي العدوان التركي على الشمال السوري ويضيف أكثر من 300 ألف نازح جديد إلى سجلَّات النازحين، كانوا قد نزحوا من مدينتي رأس العين في محافظة الحسكة، وتل أبيض في محافظة الرقة.

ونظراً لزيادة عدد هؤلاء النازحين (حيث لم تعد مراكز الإيواء من مدراس وغيرها قادرة على استقبال هذا العدد الضخم) تم إنشاء مخيمات جديدة من قبل «الإدارة الذاتية» لإيواء هؤلاء النازحين، وقد خصص مخيم «واشوكاني» قرب بلدة (التوينة) غرب الحسكة، لاستقبال النازحين من مدينة رأس العين.
ليبدأ مسلسل المعاناة الذي يشهده كل نازح يقصد هذه المخيمات، حيث إن تجهيز هذا المخيم اقتصر فقط على عدد محدود من الخيام، دون أية مقومات أخرى للحياة، فضلاً عن أنَّ الخيام المقدمة أيضاً عددها محدود ولا تتناسب مع عدد النازحين الكبير فيه.

خيم قليلة وخدمات سيئة

يعاني هذا المخيم من نقص حاد في الخدمات الضرورية لاستمرار الحياة، من مرافق عامة مروراً بالطرق والخيم المتحركة وصولاً إلى الغذاء والملبس.
حيث يعاني هذا المخيم من عدم وجود مجارير صرف صحي نظامية، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة نتيجة مخلفات الصرف الصحي، كما أنَّ طرقات هذا المخيم لا تزال غير صالحة، حيث لا تزال غير معبدة ولا حتى مفروشة بالحجارة المكسرة، مما يُصعّب من التنقل في الهطولات المطرية ونتيجة الطين المتراكم في الطرقات ما يزيد ظروف النازحين مأساة فوق مآسيهم.
بالعودة إلى موضوع الخيم المقدمة إلى النازحين فإن هذه الخيم لا تغطي أعداد النازحين الكبير، فتقيم في كل خيمة أكثر من عائلة، بعدد أفراد يفوق الـ15 شخصاً ضمن خيمة صغيرة، بالكاد تكفي عائلةً واحدة.
وتشير التقديرات إلى أن اكثر من 170 شخصاً يعيشون في خيم جماعية، عدا عن الأعداد الكبيرة التي لا تزال تسكن في العراء فتفترش الأرض وتلتحف السماء، وكل ذلك نتيجة النقص الحاد في أعداد الخيم، أضفْ إلى ذلك تطاير هذه الخيم جراء العواصف الهوائية التي تهب في تلك المنطقة، وذلك بسبب عدم تثبيت هذه الخيم بالشكل المطلوب من قبل إدارة المخيم والقائمين عليه.
كما أنَّ مشكلة نقص الملابس الشتوية لا تقل عن المشاكل آنفة الذكر، حيث إن نازحي هذا المخيم، ونتيجة الأعمال القتالية في مناطقهم، فروا بالملابس التي كانوا يرتدونها، دون وجود أية قطعة شتوية تقيهم برد الشتاء، حيث إنهم في هذا البرد الشديد لا يزالون ينتظرون الملابس الشتوية على أن تصلهم تداركاً لهذا البرد الشديد الذي حل عليهم، أضف إلى ذلك معاناة عدم وجود أية وسيلة للتدفئة، معرضين- نتيجة ذلك- للأمراض الشديدة بسبب البرد القارس.
يقول أحد النازحين: «أعيش أنا وعائلتي مع أربع عوائل أخرى في خيمة واحدة، حيث لا وجود للملابس الشتوية ولا مدافئ، أولادنا يعانون من الأمراض نتيجة البرد والأوساخ».

هل من مجيب؟

لا يزال نازحو هذا المخيم على حالهم دون أي تحسن، مع كثرة المطالبات والمناشدات، ولكن دون أن تلقى هذه المناشدات أية آذان مُصغية، في حين أنَّ ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني أوقفت كامل خدماتها التي كانت تقدمها للنازحين، بحجة الهجمات التركية على المنطقة، كما أنَّ إدارة المخيم التابعة (للإدارة الذاتية) لا تزال مقصِّرة في أداء واجباتها تجاه هؤلاء متذرعة بعدم توفر الإمكانات الكافية، وعدم مساعدة المنظمات الدولية لها.
ليبقى نازحوا هذا المخيم عرضة للأمراض بسبب البرد وسوء التغذية ويكونوا ضحايا التقصير الحاصل في أداء الواجبات، ورمي كل طرف المسؤولية على عاتق الطرف الآخر، فضلاً عن أنهم ضحايا الحرب والأعمال العدائية، التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ناهيك عن الإتجار بمأساتهم، سياسياً وإعلامياً، حالهم كحال جميع النازحين والمهجرين، داخلاً وخارجاً، من قبل الأطراف والقوى المختلفة، وبما يناسب مصالح كل منهم، على حساب استمرار كارثتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
950
آخر تعديل على الإثنين, 27 كانون2/يناير 2020 13:17