الغاز وآليات العرض والطلب المتحكم بها استغلالاً
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

الغاز وآليات العرض والطلب المتحكم بها استغلالاً

بدأت مشكلة توفر وتأمين أسطوانات الغاز للمواطنين تتزايد، فقد بدأت تظهر هذه المشكلة في الكثير من المدن والبلدات، برغم كل الحديث السابق عن توفر المادة وضبطها، ودور البطاقة الذكية بذلك.

مع كل فصل شتاء تظهر مشكلة توفر أسطوانات الغاز، والتي غالباً ما يسبقها الكثير من التطمنيات الرسمية بأن الكميات المنتجة كافية متطلبات وحاجات الاستهلاك، بل جرى الحديث أكثر من ذلك نهاية فصل الصيف بأنَّ المادة يمكن بيعها بسعر التكلفة، خارج البطاقة الذكية لمن يرغب، ما يعني وجود فائض من هذه المادة.

تأكيد المؤكد

خلال اجتماع مجلس محافظة دمشق في تاريخ 13/11/2019، أكد مدير التجارة الداخلية في دمشق، بحسب إحدى الصحف الرسمية مؤخراً، أنه «لا بدَّ من التعاون من أجل وضع حدٍّ لتلاعب الموزعين وعدم استغلال الوضع وبيع الأسطوانات بسعر مرتفع، مشدداً على ضرورة العمل على تشكيل لجان من المحافظة للإشراف على توزيع الغاز».
الحديث أعلاه من الناحية العملية يؤكد وجود المشكلة في دمشق، لكنه يوجهها إلى حلقة الموزعين، مع العلم أنه من المفترض أنّ البطاقة الذكية قامت بدورها على مستوى كبح جماح الاستغلال في هذه المادة، والحد من دور الموزعين على هذا المستوى، وهو ما سبق تأكيده على ألسنة المسؤولين مراراً وتكراراً، مع العلم أن سيارات توزيع الغاز تعمل أصلاً بإشراف المحافظة، والموزعون المعتمدون كذلك الأمر يعملون تحت الإشراف بالإضافة إلى الرقابة التموينية عليهم.
بدوره مدير فرع الغاز في دمشق أشار إلى وجود ثغرة فساد يستفيد منها الموزع برغم تأكيده بأن «البيع يتم عبر الجهاز وبموجب البطاقة الذكية»، فقد بين أن «وجود هامش ٥% للموزعين لوجود توالف في أسطوانات يفتح المجال للتلاعب وبيع الأسطوانات بأسعار مرتفعة عبر هذا الهامش تصل إلى ٧ آلاف ليرة, وأشار إلى أنه تمت المطالبة برفع توصية لإلغاء هذا الهامش وسد ثغرة الفساد»، وقد رشح أن مجلس المحافظة قد «صوت بالأغلبية على إلغاء نسبة الزيادة 5% على المخصصات التي يتسلمها المعتمد كنسبة تالف للإسطوانات»، بحسب ما تداولته بعض وسائل الإعلام.

إشراف على الإشراف والرقابة

المقارنة بين ما يجري على أرض الواقع من استغلال لحاجات المواطنين لهذه المادة، وبين التصريحات أعلاه، يؤكد أن الفجوة مستمرة، وبأن البطاقة الذكية وعمليات الإشراف والرقابة لم تكن كافية لسد الثغرات التي تعبر من خلالها أوجه الفساد والاستغلال.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان في ظل التأكيد على أن الكميات المتوفرة من المادة تكفي حاجات الاستهلاك، ما هي أشكال التدخل الجديدة المضافة من حيث الإشراف والرقابة على عمليات التوزيع والتي ستحول دون استمرار الاستغلال؟.
وكيف سينعكس إلغاء نسبة الهامش 5% للموزعين على عمليات التسليم بموجب البطاقة الذكية، التي من المفترض أنها تقوم بمهامها بالتوزيع العادل؟.
ما يخشاه المواطنون هو استمرار الوقوف بطوابير الانتظار خلال فصل الشتاء من أجل الحصول على أسطوانة الغاز عبر المزيد من إجراءات الإشراف التي يجري الحديث عنها، سواء من الموزعين أو من خلال السيارات، وهو بحد ذاته فجوة فساد ومحسوبية ووساطة، قد يستفيد منها الموزع والمشرف بآن معاً!
ولعل أمر المخصصات من المادة لكل محافظة ومدينة وبلدة هو بداية الحل، والمرتبطة بمقولة «آليات العرض والطلب» التي يتم التغني بها في ضبط الأسواق بشكل عام.
فإذا كانت الكميات المنتجة من المادة تكفي الحاجة وفيها فائض أيضاً، فلماذا لا يتم زيادة الكميات المخصصة والموزعة، بالتوازي مع كل أشكال الرقابة والإشراف، الأمر الذي يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق التوازن بين العرض الفعلي، والطلب المضبوط والمراقب من خلال دور البطاقة الذكية؟ أم آليات العرض والطلب المتحكم بها لمصلحة المستغلين ستبقى هي السائدة؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
940
آخر تعديل على الأربعاء, 20 تشرين2/نوفمبر 2019 11:57