فوضى التكاسي مشكلة مزمنة وعصية
سمير علي سمير علي

فوضى التكاسي مشكلة مزمنة وعصية

الحديث عن فوضى أجور التكاسي، ومعاناة المواطنين معها، غالباً ما يقترن بالحديث عن العدادات، حيث يتم العمل عليها من خلال التعديل على العدادات، أو من خلال تبديلها كلياً، الأمر الذي يكبد السائقين تكاليف القيمة وأجور التركيب والصيانة، والتي تقتطع بالنتيجة من جيوب المواطنين أصحاب الشكوى بالأصل من هذه الفوضى، وكأنك يا بو زيد ما غزيت!.

فموضوع أجور التكاسي والعدادات وتركيبها وتبديلها شأن تعنى به مجالس المحافظات من خلال مكاتبها التنفيذية، التي تقوم بالتعاون مع فروع المرور والاتحادات التعاونية للنقل وغيرها من الجهات المعنية بكل محافظة بإقرار ما يلزم بهذا الشأن، وما على السائقين وأصحاب التكاسي إلا الرضوخ، وما على المواطنين إلا انتظار الفرج، الذي قد يتحقق من خلال الإجراءات المتخذة أو لا يتحقق غالباً.

بين النظري والعملي

نظرياً كل محافظة تُصدر التسعيرة الخاصة بالتكاسي من قبل المكتب التنفيذي، والتي يجب أن يتقيد بها السائقون، والرقابة على الموضوع تقع على عاتق المرور، الذي من المفترض أن يقوم بالإجراءات القانونية اللازمة بحال ضبط المخالفة وثبوتها، والتي تتمثل بالغرامة وبحجز المركبة أيضاً، والمرتبطة غالباً بالشكوى التي يتقدم بها المواطن الذي يتعرض للغبن على هذا المستوى.

أما عملياً فإن جشع الكثير من السائقين يدفع ضريبته المواطن، من جيبه، بل وعلى حساب كرامته أحياناً، استغلالاً لواقع النقل السيئ والازدحام على وسائط النقل بشكل عام، وخاصة خلال ساعات الذروة صباحاً ومساءً، وفي المناطق غير المخدمة، حيث تبدأ حال البازار بين السائق والمواطن غالباً قبل الركوب بالتكسي، وما يتمخض عنه هذا البازار من مبلغ هو السيد والحكم بالنتيجة، بغض النظر عن العداد بما له وما عليه، يضاف إلى ذلك أن اللجوء للشكوى ليس بالضرورة أن توصل المواطن إلى حقه، في ظل أنماط التواطؤ التي تظهر أحياناً من قبل بعض المروريين، أو في ظل أنماط البلطجة والتشبيح والاستقواء التي يلجأ إليها السائق نفسه أحياناً أخرى.

للسائقين معاناتهم أيضاً

على الطرف المقابل فإن للسائقين شكاواهم أيضاً، وخاصة على مستوى البنزين والكميات المخصصة وأسعارها، أو على مستوى التكاليف التي يتكبدونها لقاء عمليات الإصلاح والصيانة الدورية لسياراتهم والتي تسعر بحسب سعر الدولار، والتي يقولون بإن التعرفة المعتمدة لا تأخذها بعين الاعتبار، ليضاف إليها ما يتحملونه من نفقات إضافية بين الحين والآخر من أجل العدادات، تعديلاً أو تجديداً، والفانوس المركب ومواصفاته، واللوحات المتبدلة كل عدة أعوام أيضاً، ناهيك عن الرسوم السنوية وغيرها من المبالغ التي يدفعونها هنا وهناك، وخاصة لبعض المتصيدين من المروريين، بحسب قولهم، للمخالفات الخاصة بالسيارة، اعتباراً من نظافة المركبة وليس انتهاء بضوء الإشارة المكسور أو المشعور، وما أكثرها.

المشكلة عويصة وتبدو غير قابلة للحل والعلاج ضمن أنماط الترقيع المعمول بها، سواء على مستوى تعديل العدادات أو استبدالها، أو على مستوى أنماط المتابعة والرقابة لضبط المخالفات، والتي لم تسفر ولن تسفر عن النتائج المرجوة منها، خاصة وأنها جُرّبت كثيراً من المرّات سابقاً دون جدوى، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الاجراءات مكلفة ويدفع ضريبتها المواطنون بالنتيجة، طبعاً مع عدم إغفال ما تحققه إجراءات تعديل العدادات أو استبدالها، وإجراءات استبدال اللوحات كل عدة أعوام، من أرباح في جيوب متعهديها ومنفذيها ومن لف لفهم من منتفعين على هامشها.

فهل من الممكن أن نصل لحال من الإنصاف بين السائق والمواطن، يرضي الأول دون استغلال الآخر؟!

واقع الحال يقول عبث!...

معلومات إضافية

العدد رقم:
924
آخر تعديل على الأربعاء, 31 تموز/يوليو 2019 14:31