حتى التعامل مع الحشرات «خيار وفقوس»!

حتى التعامل مع الحشرات «خيار وفقوس»!

أتى الصيف وحرارته المرتفعة مصطحباً معه الكثير من أنواع الحشرات التي انتشرت بكثافة، خارجاً عن المألوف، في الكثير من المحافظات والمناطق، مع إجراءات مكافحة محدودة وخجولة قامت بها المحافظات والبلديات.

ما إن انتهت فترة تكاثر حشرة الخنفساء، والدورة البيولوجية لها، والتي انتشرت على غير العادة في الكثير من المدن، حتى اكتسحت الأجواء أسراب من الحشرات الطائرة، ناموس- برغش- فراشات..، منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف، ويشاهد لأول مرة بهذه الكثافة داخل المدن.

أمرٌ طبيعي

لا شك أن ظهور هذه الحشرات، بتنوعها واختلاف أحجامها، وبهذه الكثافة هذا العام، كان نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، وبسبب كثافة الهطولات المطرية التي عمت البلاد، والتي أدت لانتعاش الغطاء النباتي وزيادة في نموه، وخاصة الأعشاب، التي تعتبر البيئة الطبيعية للحشرات مؤثرة على تكاثرها ودورتها البيولوجية الطبيعية.
على ذلك يبدو انتشار أسراب الحشرات ليس مستغرباً بالتوازي مع المتغيرات البيئية الطبيعية، وهو ما أكده الكثير من الاختصاصيين، والذين أكدوا أيضاً أن غالبية هذه الحشرات تعتبر غير ضارة، وهو ما تم تداوله بشكل رسمي أحياناً مع التعميم من قبل بعض المسؤولين.

المشكلة ليست بالتبريرات بل بالإجراءات

المشكلة بالنسبة للمواطنين المتأذين من كثافة الانتشار الحشري ليست مرتبطة بحال من الأحوال بالتبريرات المساقة عن كون هذا الانتشار طبيعي أم لا، أو بكون هذه الحشرات ضارة أو ليست كذلك، فما يهم المواطنين بالنتيجة متعلق بالإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل مكافحة هذه الحشرات، خاصة وقد أصبحت الحياة معها لا تطاق، فبعض الناس يقولون بأن هناك بعض الحشرات يشاهدونها لأول مرة في حياتهم، وهناك أحجام كبيرة لبعضها لم تكن قبلاً.

فكثافة الانتشار الحشري، وخاصة خلال ساعات المساء والليل، أحالت حياة الناس إلى جحيم، وهذا الأمر ليس مقتصراً على مدينة دون سواها، أو بلدة دون أخرى، فهو أمر شبه عام في الكثير من المدن والقرى والبلدات، حيث لم يعد من الممكن السير في الشوارع بسبب الحشرات التي تتقافز وتطير لتلاطم الأوجه والرؤوس، بل وتخيف الناس أحياناً بسبب كبر حجم بعضها.
في المقابل، كانت الإجراءات الرسمية على مستوى المكافحة الحشرية محدودة جداً لدرجة اعتبارها وكأنها نوع من الإجراءات الخجولة لذرّ الرّماد في العيون ليس إلا.

ناس بسمنة وناس بزيت

الأهم من ذلك، بحسب بعض المواطنين، أن إجراءات رش المبيدات الحشرية والمكافحة تقتصر على بعض الأحياء والمناطق فقط دون سواها، وطبعاً من المعروف عن أية أحياء ومناطق يتحدث الناس، فهي الأحياء التي يقطن بها علية القوم عادة من مسؤولين ومترفين، فيما تغصّ بقية الأحياء الفقيرة والمهمشة بالحشرات من كل نوع ومن كل صوب، والأهم، أن زيادة الانتشار الحشري بهذه المناطق والأحياء مرتبط كذلك بواقع الخدمات العامة، على مستوى القمامة وترحيلها، وواقع شبكات الصرف الصحي فيها، حيث تصبح أكوام القمامة مرتعاً لتفريخ المزيد من الحشرات، وبؤرة لاستقطابها، مع الكثير من الكائنات الحية الأخرى، كالقوارض والكلاب الشاردة وغيرها.
المشكلة الأكبر بالنسبة للمواطنين والمرتبطة بهذا النمط من إجراءات المكافحة المحدودة والقاصرة على مبدأ «خيار وفقوس» هو أنّ هذه الحشرات غزت البيوت أيضاً، مع ما يترتب على ذلك من خشية مشروعة على الصحة العامة، وخاصة على صحة الأطفال.
ولعل المطلوب بالحد الأدنى بعد كل ذلك، هو: أن تكون هناك إجراءات مكافحة جدّية وعاجلة، على أن تكون عادلة ومنصفة، ليس مع الحشرات، بل مع الناس، فهل هذا ممكن؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
917
آخر تعديل على الأربعاء, 12 حزيران/يونيو 2019 16:23