اللاجئون في المخيمات.. رهائن ولؤم إعلامي
عادل إبراهيم عادل إبراهيم

اللاجئون في المخيمات.. رهائن ولؤم إعلامي

الكارثة التي يعيشها اللاجئون السوريون في المخيمات، وبأية رقعة جغرافية كانوا، لم تتغير إحداثياتها طيلة السنين الطويلة الماضية من عمر الحرب والأزمة، إلّا بمقدار مساحة وحجم الاستثمار بها من قبل بعض القوى والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية، حيث لا يزال هؤلاء يعيشون البؤس والحرمان بعيداً عن كل المعايير الإنسانية التي تطغى على وسائل الإعلام فقط.

ولا شك أن هذه الحال الكارثية تتزايد مفاعيلها وآثارها السلبية على هؤلاء خلال فصل الشتاء وموسم البرد والأمطار والسيول التي تجرف الخيام، كما تجرف معها مقومات الحياة البسيطة وشبه المعدومة التي يعتمدون عليها.
مخيم الزعتري في الأردن
هذا المخيم يعتبر من أكبر المخيمات مساحة وتعداداً للاجئين السوريين المقيمين فيه، فهو مترامي الأطراف في بيئة صحراوية قاسية، وهو يضم حوالي 60 ألف لاجئ تقريباً، موزعين على عدد كبير من الكرفانات والخيام، ومقسمين على 12 قطاعاً.
الهطولات المطرية الغزيرة التي أتت خلال شهر شباط الماضي، والتي تصاحبت مع الثلوج والرياح القوية في بعض الأيام، لم تكن نتائجها محدودة على مستوى البرد والمعاناة منه في ظل عدم توفر وسائل التدفئة، بل أدت مع الرياح إلى تغوّل مياه الأمطار لتشكل سيلاً جارفاً كان سبباً في اقتلاع بعض الخيام، ودخول المياه إلى الكرفانات والخيام، بالإضافة طبعاً للبرك الطينية التي سادت مساحة المخيم، ما أدى إلى استحالة التنقل في بعض الأماكن من المخيم.
مخيم الركبان على الحدود الأردنية
لم يكن حال اللاجئين السوريين في هذا المخيم بأفضل من حال الموجودين في الزعتري، وخاصة على مستوى المعاناة جّراء العواصف والأمطار والبرد، وغيرها من أوجه المعاناة والبؤس اليومية.
ففي نهاية شهر شباط «حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من استمرار ازدياد حالات وفيات الأطفال في مخيم الركبان، بمعدل يُنذر بالخطر، مشيرة إلى وفاة طفل واحد في المخيم كل خمسة أيام منذ بداية هذا العام»، وذلك حسب ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام.
لكن ما يزيد من بؤس هؤلاء، أن القوات الأمريكية تمنع الراغبين منهم بالعودة إلى الداخل السوري، مع الكثير من الذرائع التي لا تخلو من التهويل والتهديد والمخاطر، حيث أصبح هؤلاء رهينة بيد الأمريكي خدمة لسياساته بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، في استثمار سياسي وعسكري وأمني أصبح واضحاً وفجاً، بل ووقحاً، على حساب هؤلاء السوريين، على الرغم من فتح ممرات إنسانية بغاية خروج هؤلاء من المخيم إلى مراكز إقامة مؤقتة أخرى داخل الأراضي السورية.
وسائل الإعلام أكثر لُؤماً
اللاجئون السوريون في المخيمات الكثيرة والعديدة والمنتشرة في دول الجوار من الناحية العملية لا يختلف حالهم عن بعضهم، فجميعهم في البؤس سواء، وكذلك جميعهم موضع مبازرة ومساومة.
وبرغم كل الحديث عن ضرورة عودة هؤلاء إلى سورية، وأنه لا حل لكارثتهم إلّا من خلالها، إلّا أنّ ما يجري على أرض الواقع هو الحيلولة دون ذلك الحل مع الكثير من التبريرات والذرائع العقيمة.
الأكثر بؤساً ولؤماً ربما، هو أن الكثير من وسائل الإعلام لم تعد تغطي حال هؤلاء اللاجئين وبؤسهم، إلا بمقدار ما تؤمنه هذه التغطية لمموليها من القوى الفاعلة والمؤثرة من استثمار سياسي أو أمني أو عسكري، حسب الحال باللحظة المعنية، على حساب معاناة هؤلاء اللاجئين واستمرار كارثتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
903