ندوة الإرادة الشعبية في حلب.. أفق حل الأزمة السورية..

ندوة الإرادة الشعبية في حلب.. أفق حل الأزمة السورية..

أقامت لجنة محافظة حلب لحزب الإرادة الشعبية ندوة سياسية بحضور العشرات من الرفاق والأصدقاء، حول اتجاهات تطور الوضع الدولي، وذلك بتاريخ 21\12\ 2018.

وبعد أن تحدث المحاضر عن التناقضات في الرأسمالية المعاصرة، وانسداد الأفق أمام المركز الرأسمالي الغربي، استكمل في عرض لمظاهر تراجع هذه المنظومة، وتجلياته المختلفة الاقتصادية والسياسية، مقابل تقدم القوى الصاعدة. وتأثير ذلك على بلدان الأطراف، وقال: «لأن الأزمة عميقة ومعقدة لانسداد الأفق وفقدان الحلول اقتصادياً، ذهبت النخب الرأسمالية في المراكز للعب بمراحل وأطوار الأزمة القادمة لا محال، حيث قدموا الحرب التي تعتمدها الرأسمالية كحل في الأطوار المتقدمة من تعمق الأزمة، إلى الطور الأول... فكانت الحروب الاستباقية، وهدفها بالدرجة الأولى تأجيل انفجار الأزمة والحفاظ على رأس أداة النهب (الدولار)، ولكن الأزمة انفجرت في 2008، ولم تحقق الحرب الأهداف المرجوة منها».
مظاهر التراجع:
- الانقسام الكبير في المركز الرأسمالي الأمريكي.
- الانقسام بين النخبة السلطوية والشعب عبر العالم وفي دول المركز.
- الانقسام بين الولايات المتحدة والحلفاء حول (الناتو– الاتفاق النووي الإيراني– فرض العقوبات على تركيا).
- الانقسام الأوربي- الأوربي (قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
- الانقسام في مجلس التعاون الخليجي.
- التراجع الأمريكي في الملف الكوري والأوكراني والسوري.
مقابل ذلك كان التقدم في:
- تطور ووحدة منظمة شنغهاي.
- العلاقة الصينية- الروسية (رفع العلاقات التجارية والاقتصادية إلى 100 مليار دولار بنهاية هذه السنة).
- العلاقة بين روسيا وتركيا وإيران، وتحولها إلى إطار لحل الأزمات الإقليمية، دون المركز، ودليل على تغير في العلاقات الدولية.
- مستوى التعاون الاقتصادي والتنموي في اجتماعات دول بريكس.
- قمة ترامب بوتين، كدليل على رغبة أطراف أمريكية بالخضوع للأمر الواقع، وللتوازن الدولي الجديد.
- اجتماع جنيف الأخير، واستكمال العمل على التسوية السورية، عبر ملف اللجنة الدستورية.
- وأخيراً قرار الانسحاب الأمريكي من سورية.
إن التراجع المذكور لهذه المنظومة جرى إلى هذه اللحظة بالنقاط، وكان عام 2018 له نصيب كبير من تراكم النقاط، ونتوقع أن نرى في عام 2019 تجلياً وتمظهراً لأحداث انعطافية أخرى، والحركة بتسارعٍ كبيرٍ، إلى ما أصبح محتماً في الاتجاه السياسي والاقتصادي العالمي: من الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية، وتراجع مستويات التبادل اللامتكافئ، واتضاح أكثر لموت الفضاء السياسي القديم، وسطوع ملامح أكثر للفضاء الجديد بشكله ونمطه العالمي.
أما إقليمياً وداخلياً نحن خاضعون بشكل تام لما يجري بالعام، وعالمياً أي: المحدد الأساس الآن لمسار الحركة هو التفاوت المستمر في ميزان القوى العالمي وانفتاح الأفق نحو نمط العلاقات الجديدة.
في المستوى الإقليمي، وفي سياق القضية الفلسطينية، رأيْنا التخبّط والتأزم والتراجع للعدو الصهيوني، وكيف أن التناقضات في حالة تزايد مستمرّ، ومقابل ذلك التقدم على الأرض وفي الميدان للشعب الفلسطيني الذي يركز على حل القضية بالممارسة. فجاءت مثلاً حركة الأسرى ومسيرات العودة ومقاومة المحتل عسكرياً والعمليات النوعية في الضفة الغربية.
الأفق ينفتح أمام الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه ويُسد ويُغلَق أمام الكيان الصهيوني، ويمكن القول: إن الشعب الفلسطيني قد تجاوز تعبيراته السياسية الكلاسيكية، وأمام القوى السياسية خيارات: إما العودة إلى الشارع «بمعيّة» الشعب الفلسطيني، أو البقاء ضمن منظومة الفضاء القديم، أي: الموت بالتدريج.
أما التمظهر داخلياً يمكن أن نذكر ضمنه الأحداث التالية: انعقاد مؤتمر سوتشي الخاص باللجنة الدستورية– الاستمرار بجولات أستانا وترجمتها المباشرة في سورية (الغوطة– درعا– القنيطرة– شمال حمص– اتفاقيات وتفاهمات إدلب(.
لحسن حظنا تأثير العام له نصيب كبير علينا، فالجديد الصاعد على مستوى العلاقات الدولية، يفرض نفسه بقوة حيث استطاع أن يُطبق قانون «الحرب على الحرب» في سورية من خلال الحلول السياسية والدبلوماسية وإقرارها ببنود أممية، وهي عملية مستمرة لحين الوصول إلى تطبيق الحل السياسي على الأرض، ونقول: إن بدء الحل النهائي منظور ضمن الأفق القريب، بالرغم من وجود الكثير من المعيقات، وإن أية قوة سياسية لن تكتب لها الحياة إن لم تشارك بالمعادلة السياسية، ووفق الخطة الأممية المقرة بالقرار 2254 القرار الذي مضمونه يعني: عودة القرار السوري للسوريين. والقرار سيعيد السيادة للشعب السوري وطريقة اختيار شكل حكمهم وقادتهم، والقرار يؤكد على وحدة الأراضي السورية بما فيها عودة الجولان السوري أي: هناك ربط واضح ما بين القرار 2254 والقرار 338.
وعلى السوريين وقواهم السياسية أن يفرقوا تماماً بين الحل السياسي والحوار السوري- السوري، حيث الحل هو: إنهاء الكارثة، والقضاء على الإرهاب، وتحديد شكل الدولة القادمة، أما الحوار السوري- السوري فهي عملية مستمرة بين السوريين ولها أهمية كبيرة لتحديد عملية الربط وتنفيذ المهام المترابطة الثلاث: الوطنية، والاقتصادية- الاجتماعية، والديمقراطية، وربط النمو بالعدالة الاجتماعية.
جميعنا سمعنا البارحة بقرار انسحاب القوات الأمريكية من سورية، لقد كنا ومازلنا على يقين أنّ ميزان القوى الدولي الجديد سيفرض نفسه على الحالة السورية، فسواء انسحب الأمريكان سريعاً أم ماطلوا بالانسحاب، فإنهم منسحبون عاجلاً أم آجلا، وكل من اعتمد على الدعم والإسناد الأمريكي في سورية عليه أن يبادر إلى الاتجاه الصحيح، بالذهاب إلى الحل السياسي وبالسرعة القصوى... وإلّا فإنه سيخرج من المعادلة السورية. إن الحل يجب أن يضمن خروج كافة القوات الأجنبية عن الأرض السورية، لتكون حماية الحدود السورية وظيفة الجيش العربي السوري فقط.
لدينا في المنطقة الكثير والكثير من الأخطاء والمشاكل والقضايا المعقدة التي تحتاج إلى حل، وبخروج الأمريكي والغربي نمتلك القدرة على حل القضايا والتعقيدات أول بأول، وباللغة السياسية والتفاهم لما فيه مصلحة شعوب المنطقة وإحقاق الحقوق الكاملة لكل شعوب الشرق العظيم.
أمام السوريين فرصة كبيرة ومواتية لوضع أساس عملية التغير الجذري الحقيقي، والمسألة الدستورية بوابة ذلك التغيير، لتثبيت نمط جديد من العلاقة بين الأقطاب الثلاثة: المجتمع- الحركة السياسية- الدولة.