خبر مفرح لكنه غير سار!
سمير علي سمير علي

خبر مفرح لكنه غير سار!

خبر «مفرح» تداولته وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية خلال الأسبوع الماضي، مفاده تنفيذ مشروع لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية في محافظة طرطوس، من قبل أحد المستثمرين، وذلك بكلفة مبدئية تصل إلى 5 مليارات ليرة سورية، وبطاقة 5 ميغا وات.

لا شك أن توليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد على المصادر البديلة المتجددة من الطاقة، مثل: الطاقة الشمسية، يعتبر أمراً مفرحاً، وذلك لتناسبه مع التطورات العلمية، ولتوافقه مع ضرورات الحفاظ على البيئة، خاصة وأنه سيلبي جزءاً من الضرورات والاحتياجات الطاقوية في المحافظة، وهو ما يجب الاستثمار فيه والتشجيع عليه من كل بد، لكن يبقى أن نضيف أن ذلك سيكون على حساب الأراضي الزراعية في طرطوس، خاصة وأن ألواح الطاقة الشمسية تحتاج إلى مساحات كبيرة من الأرض، وتتزايد هذه المساحة مع ازدياد إجمالي الطاقة المستهدفة للإنتاج.
لنتساءل: هل لدينا فائض من الأراضي الزراعية أو بديل عنها؟
الآتي أعظم
المشروع بحسب صحيفة البعث الرسمية بتاريخ 12/12/2018، «سيتم إنجازه على ثلاث مراحل، ابتداءً من توليد 2 ميغا وات خلال الأسابيع القليلة القادمة، والباقي خلال الأشهر الثلاثة التالية بمعدل 1 ميغا وات كل شهر، وسيولد المشروع نحو 9 ملايين ك.و.س/السنة، وسيسهم في توفير المشتقات النفطية من فيول وغاز وملحقات التشغيل الأخرى التي تتطلب الكثير من الأعباء المادية والمساهمة في دعم استقرار التيار الكهربائي»، ولم يتبين في الخبر ما هي مساحة الأرض التي أقيم عليها هذا المشروع في مرحلته الأولى، وما هي مساحة الأرض الإجمالية التي ستوضع في خدمته ولغاية تنفيذه كاملاً.
لكن الملفت في الأمر هو تتمة الخبر المتداول، والتي أتت على لسان مدير عام شركة كهرباء طرطوس، حيث قال: «لدى الشركة عشرات المشاريع المماثلة التي نشجعها ونبرم عقود شراء إنتاجها الكهربائي وربطها بالشبكة الكهربائية بشكل مباشر»، فيما قال مدير دائرة حفظ الطاقة في الشركة: «إن عدد مشاريع المستثمرين في مجال الطاقة الشمسية وصل إلى 23 مستثمراً، تم وضع أربعة منها بالخدمة، وتنتج 540 ك.واط، وخمسة مشاريع قيد التنفيذ، اثنان منها بطاقة 3 ميغا واط، فيما وصل عدد المشروعات التي لا تزال قيد الترخيص إلى 14 مشروعاً، والعدد في تصاعد مستمر ويلقى إقبالاً لافتاً من الراغبين في هذا النوع من الاستثمار».
خلاصات العجز والتنافس
الخبر مع التتمة أعلاه، يمكن أن نستخلص منهما ما يلي مبدئياً:
عجز شركة كهرباء طرطوس عن تلبية احتياجات المواطنين من الطاقة الكهربائية، بدليل موافقتها على المشاريع الاستثمارية في توليد هذه الطاقة.
اعتماد شركة كهرباء طرطوس على ما تنتجه هذه الاستثمارات من طاقة، بدليل إبرام عقود شراء إنتاجها الكهربائي.
عجز شركة الكهرباء عن تنفيذ مثل هذه المشاريع، بالرغم من حجم تكلفتها الذي تعتبر قليلاً.
المشاريع الطاقوية المزمعة، قيد الاستثمار أو قيد التنفيذ، رابحة، بدليل زيادة وتصاعد أعداد المتقدمين على الاستثمار فيها.
زيادة التنافس على الإنتاج الطاقوي سيكون على حساب الأراضي الزراعية، باعتبار أن جميع الأراضي في المحافظة هي أراضٍ زراعية.
ولعل كلاً من النقاط سابقة الذكر تستدعي طرح مجموعة من الأسئلة حيالها، وأهمها يتمحور حول دور ومهام وزارة الكهرباء وشركاتها تجاه المواطنين واحتياجاتهم الطاقوية المتزايدة، والأهم من ذلك، هو: مصير الأراضي الزراعية في طرطوس في حال تزايدت وتصاعدت الاستثمارات الطاقوية فيها.
الاستثمار في الأراضي غير الزراعية
خلاصة القول: في ظل تراجع دور ومهام الجهات الرسمية عن تأمين احتياجاتنا من الطاقة الكهربائية، قد يفرحنا مؤقتاً أمر الاعتماد على الطاقات المتجددة لتوليد الكهرباء، وتأمين هذه الاحتياجات من خلالها، على حساب أراضينا الزراعية المحدودة أصلاً.
في المقابل لاشكَّ أن تراجع مساحات الأراضي الزراعية، وقلة إنتاجنا الزراعي، وتراجع معدلات الأمن الغذائي، لن نكون مسرورين به بالنتيجة!
أخيراً، نوجه تساؤلاً لوزارة الكهرباء والمستثمرين والحكومة، لماذا لا يتم توجيه مثل هذه الاستثمارات الضرورية والهامة نحو الأراضي غير الزراعية؟
فسورية تمتلك مساحات واسعة من الأراضي غير الزراعية، وذات المواصفة الأفضل بالنسبة لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية أو غيرها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك يحقق:
تخفض كلف الإنتاج، التي تعتبر قيمة الأرض جزءاً أساساً منها.
إمكانية زيادة أعداد مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية عبر البدائل المستدامة، وتنوعها.
إمكانية التوسع في المشاريع المقامة، ما يؤمن زيادة الكفاءة، وتخفيضاً إجمالياً التكاليف بالمحصلة.
المحافظة على المساحات الزراعية المتوفرة والمحدودة.
استمرار مصدر الغذاء المتمثل بالأرض الزراعية، باعتباره حقاً للأجيال القادمة أيضاً.
صرخة مواطن في وادي الحكومة ووزارة الكهرباء، فهل من صدى!