مشفى دير الزور.. عفواً لا يوجد جهاز ضغط!

مشفى دير الزور.. عفواً لا يوجد جهاز ضغط!

يتناسى بعض المسؤولين بأنهم مؤتمنون لخدمة هذا الشعب وتيسير أموره وخدماته في المحافظة.

العكس من ذلك هو ما نراه ونشاهده، في دوائر القطاع الصحي بدير الزور فهؤلاء يعطون الدواء للذين يملكون النفوذ، والضعفاء والفقراء يعطونهم الداء، من خلال عرقلة أمورهم بين الروتين أو الدفع.
الصحة ليست بمطرحها
إذا تكلمنا عن مديرية الصحة «فحدّث ولا حرج» وسنجد العجب العجاب.
المشفى الوحيد العامل في المحافظة سوى مشفى الأسد، ولا توجد أدوية في الصيدلية إلاّ بعض الأدوية الإسعافية البسيطة والنظافة غير موجودة.
بعد الدوام الرسمي لا يوجد كادر طبي سوى ممرض في قسم الأطفال وآخر في قسم التوليد، علماً بأن بعض الأطباء يجرون العمليات في المشفى لحسابهم الخاص، حيث يقنعون المريض بأن يأتي إلى العيادات الخاصة بهم، وإذا احتاج المريض إلى عمل جراحي يجريه له في المشفى ولكن لحسابه الخاص، وكأن المريض يدخل إلى مشفى خاص وليس إلى مشفى عام.
حديث الوجع والألم
يحدثنا «أبو سمير» عن الوضع الصحي في مشفى الأسد: راجعت المشفى- قسم الإسعاف في دير الزور- لوعكة صحية ألمت بي فجأة، وصدمت بفجاعة كبيرة، حيث لم يستقبلني طبيب مقيم في هذا القسم، طلبت من أحدهم... أن يقيس لي ضغطي، فاعتذر لي لعدم وجود جهاز قياس للضغط في القسم، ثم طلب مني التوجه إلى قسم الداخلية فهم يملكون ذاك الجهاز العظيم الغالي، فَصِحتْ، يا إلهي هل هذه كارثة ألمت بمدينتي أم فساد أم بلاء؟
وهناك نسيت نفسي بأنني مريض، فَهَول المصيبة أعظم من حالتي الصحية وأصعب، فدفعني فضولي بأن أرى بقية أقسام المشفى وأجهزتها..
هذه المشفى التي أقيمت على ما يقارب 150 دونماً، وأعلم بأن المريض لا يتلقى أي اهتمام أو عناية طبية إلّا إذا كان من المدعومين، أو أصحاب الوساطات والنفوذ، فوجدت التالي:
- هناك جهاز أشعة بسيط يعمل بطاقته القصوى وبضغط عالٍ ومعرض للعطل والتوقف.
- هناك بعض الأخصائيين المعدودين، قد توقف بعضهم عن ممارسة اختصاصه بسبب تفريغهم لأعمال إدارية.
التجهيزات والتحاليل المخبرية
يتابع أبو سمير: لا توجد نتائج صحيحة للتحاليل المخبرية بسبب انتهاء مدة صلاحية أكثر المواد الموجودة واللازمة للتحليل، وأغلبها تحاليل إسعافية يطلبها الطبيب بالتقليد العفوي من قبله، حيث لا يوجد طبيب أخصائي مخبري تعلم منه فائدة هذا التحليل، فمثلاً: تحليل TSH يكلف بحدود 4000 ليرة سورية حسب ما أذكر، أما بقية التحاليل الهرمونية والتحاليل الضرورية فتطلب يوم الاثنين والخميس فقط ولا أعرف السبب.؟
الأنسولين والهيبارين والساليون «رذاذ» وهي أدوية إسعافية مخبأة لدى أحد الأطباء، لا تُعطى للمريض المحتاج، إلّا إذا كان الطبيب المؤتمن على رأس العمل، أما بقية الأدوية فلا يوجد منها شيء.
إن النظافة تكاد أن تكون معدومة في المشفى، وهي عنوان للطاقم المسؤول عنها وعن إدارتها افتراضاً.
يضيف «أبو سمير»: اتصلت بعدة أخصائيين ممن عملت معهم سابقاً في القطاع الخاص وكنت أحثهم بأن يرجعوا إلى المدينة، وأن مرضاهم وأهلهم ومدينتهم بأمس الحاجة لهم، فكان الجواب من بعضهم: أن السيد مدير الصحة اعتبرهم بحكم المستقيلين، وكأنه لا رغبة أو ضرورة لوجودهم في دير الزور.
والسؤال على لسانه: لماذا لا تفرز وزارة الصحة أطباء آخرين للمحافظة، أو تؤمن للأطباء الحد الأدنى من لوازم السكن والمعيشة وتسهل لهم العودة بإجراءات إدارية.؟
وختم أبو سمير بقوله: أوجه شكري لأولئك الخيِّرين من أبناء بلدي وأهلي وما أكثرهم، وأتمنى من القائمين والمسؤولين أن يتيحوا لهم الفرصة لأخذ دورهم الصحيح في إعادة بناء وترميم وتأهيل هذا البلد، فيكفيه ما عاناه من مصائب ومصاعب ودماء، ونشكر جريدة قاسيون وكادرها التي لا يوجد سواها في المحافظة والتي تستمع إلى هموم المواطنين وتقوم بنشرها للرأي العام، ولعل من يهمهم الأمر يتحركون.
ريف بلا خدمات صحية
أما الريف الشرقي ليس أفضل حال من الناحية الصحية من المدينة، فالمستوصفات في الريف الشرقي وبعد اطلاعنا عليها لا يوجد بها أي شيء سوى اليافطة التي يكتب عليها اسم المركز الصحي، وبعد النقاش مع أحد المسؤولين ... طلب منا أن نكتب عن الوضع الصحي السّيء في الريف وأن تطالب جريدة قاسيون المسؤولين بأن يدعموا المراكز الصحية بالأدوية اللازمة.
علماً بأن الخط الشرقي في المحافظة لا يوجد به سوى مستوصف إيراني وهو الذي يحمل العبء الأكبر في هذا الخط ويقدم المساعدات الطبية للمواطنين حسب الأدوية المتوفرة لديه.
الفاسدون
حسب أقوال الوزير بأنه تتوفر أدوية تكفي لمدة خمس سنوات، ولكن أين هي، حيث لم يلمس المواطنون توفرها!؟ هل باعوها ودخل ثمنها في جيوب الفاسدين؟
هذا غيض من فيض الواقع الصحي ومعاناة المواطنين، لأننا لم نتطرق إلى الأوبئة والأمراض المنتشرة وخاصة: القلبية والتنفسية والسرطانية والجلدية والنفسية، والتي يسيطر عليها المرض الأكبر: مرض الفساد المهيمن وخاصةً الكبير منه في محافظة دير الزور والمرتبط بالمركز، والذي يمارس علناً ولا يحاسب أحد من الفاسدين، وإن «طلعت ريحته»، فهو يخرج منها بقدرة قادر (كالشعرة من العجين) والأمثلة كثيرة.
أما بقية دوائر الدولة كمديرية التربية والتعليم والأحوال المدنية «النفوس والتجنيد» ليست بأفضل حال في المحافظة من الصحة.