مونديال روسيا  2018 ... عرسٌ وكرنفال لشعوب العالم!

مونديال روسيا 2018 ... عرسٌ وكرنفال لشعوب العالم!

كرة القدم.. هذه الكرة الساحرة، صنعت الكثير في مونديال موسكو 2018، بدءاً من تصفيات القارات ووصولاً إلى مباريات الدور الأول، وسجلت مفاجآت عديدة، وشهدت تغيرات في موازين القوى الكروية، وتغيرات حتى في القوانين.

لتأتي مواقف الجماهير الرياضية المتابعة، وخاصةً في الملاعب، لتؤكد عمق العلاقات بين الشعوب والروح الرياضية التي ارتفعت، ولتختم بالتنظيم الرائع من قبل الروس لهذه البطولة العالمية.
المفاجآت
شهدت التصفيات الأولية بين فرق القارات مفاجآت عديدة، لكن أهمها خروج فرق قوية، وعدم تأهلها للتصفيات النهائية كإيطاليا وهولندا، وتأهلت فرق منذ 30 أو 40 عاماً لم تتأهل كالفريق المصري، والفريق الروسي، وعدم تأهل المنتخب السوري، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الوصول للنهائيات، وتحقيق آمال الشعب السوري، الذي وقف إلى جانب المنتخب، لكن ذلك لم يتحقق لأسباب إدارية وفنية.
الدور الأول
شهدت تصفيات الدور الأول مفاجآت عديدة، فقد تعرضت بعض الفرق لخسارة فادحة، كالفريق السعودي بنتيجة 5 لصفر أمام الفريق الروسي، وخسرت ألمانيا أمام كوريا الجنوبية بهدفين لصفر، مما أدى إلى خروج أقوى الفرق والمرشح للمنافسة للبطولة، المنتخب الألماني، بينما سجل فريقا الأورغواي وبلجيكا نتائج ممتازة وتنظيماً ومهارات عالية، وقدم فريقا إسبانيا والبرتغال مباريات متأرجحة، وكان الفريق الإنكليزي عادياً، لم يرتق إلى مستوى سمعة الأندية الإنكليزية، وقدم فريق البرازيل في مباراته الأخيرة مباراة تميزت بالتنظيم والفنيات الساحرة، والتي أعادت إلى الأذهان نكهة (فريق السامبا) الفريق البرازيلي بقيادة سقراط، وأيضاً تأهلت بعض الفرق القوية بصعوبة كالأرجنتين والمكسيك، وبعض الفرق كان اعتمادها على نجم واحد كالبرتغال، باعتمادها على نجمها كريستيانو، والأرجنتين باعتمادها على ميسي، وهذا ما يؤكد أن كرة القدم لعبة جماعية، مهما بلغ اللاعب فيها من مهارات فردية لن تغني عن اللعب الجماعي.
ولعل أسوأ النتائج هو عدم تأهل أي فريق من الفرق العربية الأربعة، مصر والسعودية وتونس والمغرب، وكانت نتائجهما مخيبة لآمال الجماهير الرياضية العربية، وإن كان فوز تونس على بنما وفوز السعودية على مصر، بمثابة ترضية للجمهور.
بداية الدور الثاني
لقد تأهلت للدور الثاني 9 فرق أوربية، و5 فرق من أمريكا الجنوبية، وفريق واحد من آسيا هو اليابان، ولم يتأهل أي فريق من إفريقيا، وعلى الرغم من ذلك فلا يخلو منتخب من المنتخبات المشاركة من لاعبين أو أكثر من أصولٍ إفريقية.
وشهدت مباريات اليوم الأول من الدور الثاني أعلى نسبة أهداف في يوم واحد وبلغت عشرة أهداف، وهذا الدور يعتمد على قاعدة خروج المغلوب، وفازت فرنسا على الأرجنتين بـ 4 أهداف مقابل 3، وأدى إلى خروج الأخيرة من التصفيات، في مباراة لم تعكس سمعة وقوة (فريق التانغو) المنتخب الأرجنتيني، وفازت الأورغواي على البرتغال بهدفين لهدف...
قوانين جديدة
اعتمدت لأول مرة في مونديال روسيا 2018 تقنية الفيديو، وعلى الرغم من أن الهدف منها هو تحقيق العدالة الرياضية، وهو ما تحقق فعلياً حيث استخدمت لأكثر من 30 مرة، إلاّ أن ذلك بقي تحت رغبة حكم الساحة، مما حرم بعض الفرق من ضربات جزاءٍ واضحة.
كذلك اعتمد لأول مرة حساب البطاقات التي يتلقاها الفريق في حال تساوي فريقين في النقاط والأهداف، للتشجيع على اللعب النظيف، وهذا ما أدى إلى خروج السنغال لنيلها 6 بطاقات صفراء أمام اليابان التي تلقت 4 بطاقاتٍ فقط..
ومن القوانين الجديدة في مونديال روسيا 2018 أيضاً، السماح بتبديل لاعبٍ رابع في حال تمديد المباراة شوطين إضافيين، لكننا لم نشهد ذلك حتى الآن.
التنظيم الجيد
اعتبر تنظيم روسيا للمونديال، أفضل تنظيم شهدته هذه البطولة، وخاصة بما قُدم للجماهير الرياضية التي جاءت لتشجع فرقها وتستمتع بكرة القدم، واستمتعت بما شاهدته من نشاطات فنية وثقافية ورياضية مرافقة، وما توفر لها من خدمات، ومنها: منح بطاقة المشجع لأول مرة، حيث تسمح هذه البطاقة لحاملها الدخول دون تأشيرة، واستخدام وسائل المواصلات مجاناً وتحول المونديال إلى عرس عالمي، وتحولت المدن الروسية إلى ساحات كرنفالات للشعوب تعبر فيها عن قيمها وعاداتها وتقاليدها، والأخلاق والروح العالية.
في انتظار استكمال المونديال، نؤكد أنه لا شكّ أن كرة القدم الساحرة لعبة تعتمد على اللعب الجماعي والمبني على خطط وتدريب إلى جانب المهارة والذكاء، كما لعبة الشطرنج.. فهي معركة رياضية تنافسية وليست تناحرية رغم المقاطعة التي فرضتها بعض الدول على المونديال، واضطرَّ بعضها للتراجع عن موقفها، كما فعلت السويد بعد تأهل منتخبها للدور الثاني، ليس لذلك فقط، بل لنجاح روسيا في التنظيم وتحقيق التآخي بين الشعوب.