تصدي للتعفيش... مع التراخي
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

تصدي للتعفيش... مع التراخي

الحملة المشتركة التي نُفذت على سوق «التعفيش» في مدينة جرمانا خلال الأسبوع الماضي، كان لها وقع إيجابي لدى غالبية السوريين، خاصة وأنها جاءت استجابة للمطالب العامة.

 

فقد تداولت العديد من وسائل الإعلام، ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي، خلال الفترة القريبة الماضية، بكثير من الاستهجان، أخبار عمليات «التعفيش» المنظم التي أتت على بعض بلدات ومدن الغوطة، بعد أن تمت استعادة السيطرة عليها من قبل الدولة.
موقف مجتمعي رافض
لقد كان لهذه العمليات وقع أسوأ على أهالي وسكان مدينة جرمانا، بسبب وجود سوق لبيع البضائع «المعفشة» داخلها وعلى أطرافها، يقوم عليها البعض من ضعاف النفوس والمستغلين وتجار الحرب والأزمة، ليس بسبب ما يصاحب وجود هذه السوق من إزعاجات للأهالي جراء الازدحام وعمليات التحميل والتنزيل، والتي تكون غالباً خلال ساعات الليل، وما يتخللها أحياناً من إطلاق لبعض الأعيرة النارية كذلك الأمر، فقط، بل والأهم بالنسبة لأهالي المدينة، هي: السمعة السيئة التي تلحق بالمدينة جراء هذه الظاهرة السلبية، أخلاقياً ووطنياً، خاصة، وأن هيئات مجتمعية ودينية في المدينة كانت قد أعلنت سابقاً، وجددت إعلانها مؤخراً، بالوقوف بوجه هذه الظاهرة السلبية، وضرورة التصدي لها، ولكل من يشارك بها، بيعاً أو شراءً أو نقلاً أو تخزيناً، حيث جرى نوع من التكاتف المجتمعي في مدينة جرمانا، من باب نبذ ورفض هذا العمل، المخل والمخالف للعادات والتقاليد والمبادئ والأخلاق، مطالبين الجهات المختصة معالجة هذه الظاهرة بشكل حازم.
لمصلحة من؟
اللافت، أنه عندما اتُخذ القرار للتصدي رسمياً لهذه الظاهرة السلبية في جرمانا أخيراً، جرى تكاتف للجهود، حيث تم تشكيل دورية مشتركة من: «الجهات المختصة_ قوى الأمن الداخلي_ الدفاع الوطني» حسب ما تم تداوله إعلامياً، عملت على إزالة السوق، وقد جرى الحديث أن هذه الجهات ستواصل دورياتها الرقابية على هذا السوق وغيره.
بمعنى آخر، فإن ظهور هذه الظاهرة السلبية، وانتشارها، كان أحد أسبابها الرئيسة، هو: التراخي في قمعها والتصدي لها رسمياً، طيلة السنوات الماضية.
أما المستغرب، فهو أن عمليات القمع والتصدي لهذه الظاهرة أخيراً، أتت على الحلقة الأخيرة منها فقط، والمتمثلة ببعض المحال في مدينة جرمانا، والتي ما لبثت أن عاد بعضها للعمل بـ «الغفلة» عن أعين الرقابة الرسمية، بينما تم إهمال بقية الحلقات، اعتباراً من حلقة الحفاظ على ممتلكات المواطنين في أماكن وجودها داخل منازلهم، وهي الأهم أصلاً وأولاً، مروراً بحلقة نقل المواد والبضائع «المعفشة» على الطرق والحواجز، وصولاً لحلقة أسواق «التعفيش»، التي تكاثرت كالفطر السام خلال السنوات الماضية، في العديد من المدن وبداخل بعض أحيائها، والتي تقف خلفها جميعاً شبكات عاملة، وحيتان كبار من المستفيدين والمستغلين.
على ذلك، فإن قمع هذه الظاهرة السلبية، أخلاقياً واجتماعياً ووطنياً، والتصدي لها، هي إمكانية متوفرة وقابلة للتنفيذ، على مستوى كافة حلقاتها، شريطة توفر القرار والنية الفعلية على تنفيذه.
ولعلنا لا نبالغ بالقول: أن إمكانات التصدي لكافة الظواهر السلبية التي انتشرت وتعمقت خلال سني الحرب والأزمة، متوفرة وممكنة التنفيذ كذلك الأمر، لكن أيضاً شرط توفر القرار والإرادة.
لكن يبقى السؤال: لماذا كل هذا التراخي إذاً، ولمصلحة من؟