نازحو الغوطة.. ضرورات حياة ومتطلبات عودة!

نازحو الغوطة.. ضرورات حياة ومتطلبات عودة!

موجات أهلية متلاحقة تتدفق يومياً نزوحاً من بلدات الغوطة الشرقية، هرباً من ويلات المعارك الدائرة في محيط بلداتهم وفي داخلها، بحثاً عن حياة آمنة، وأمان فقدوه.

 

عشرات الآلاف من أهلنا النازحين من الغوطة، رجالاً ونساءً وأطفالاً وطاعنين في السن ومرضى، يتم توزيعهم من قبل الدولة على عدد من مراكز الإيواء التي تم تخصيصها لهم تباعاً.
هؤلاء، وبعد سنين طويلة من المعاناة والألم، من المجموعات المسلحة، ومن الحرب وتداعياتها، ومن الحصار والجوع والمرض، لا يختلفون عن غيرهم من السوريين الذين نزحوا سابقاً عن مدنهم وقراهم وبلداتهم، فهؤلاء أيضاً اضطروا للنزوح بما عليهم من ثياب، تاركين خلفهم بيوتهم وممتلكاتهم وجنى شقاء عمرهم وتعبهم، وكلهم أمل ورجاء بألّا يطول غيابهم عن بيوتهم، ليعودوا إليها بأسرع وقت آمنين.
حفظ الكرامة والحقوق
مما لا شك فيه، أن هؤلاء بحاجة للكثير من المستلزمات ومن ضرورات الحياة، والأهم هو: توفير عوامل الأمن والأمان، التي عانوا من فقدانها طيلة السنين الماضية، بالإضافة إلى صون كرامتهم وحقهم المشروع بالحياة الكريمة.
إن تزايد معدلات التدفق اليومي من النازحين، من المفروض أن يترافق مع تأمين مراكز الإيواء بالمستلزمات والضرورات كافة لهم، اعتباراً من أماكن الإقامة، مروراً بالفرشات وبالبطانيات ومستلزمات المنامة، وصولاً لأدوات ومستلزمات الحياة اليومية، وليس انتهاءً بالمواد الغذائية وضرورات الحياة الأخرى.
بالإضافة إلى ما سبق، يجب عدم إغفال أهمية تأمين الجانب الصحي كذلك الأمر، والذي تظهر أهميته الاستثنائية نظراً لزيادة الأعداد والاكتظاظ المتوقع في مراكز الإيواء المخصصة، من مياه الشرب النظيفة، وشبكة الصرف الصحي، وأدوات التنظيف وموادها، إلى الطبابة والعلاج والأدوية وغيرها.
ومن خلال التجارب السابقة لعمل مراكز الإيواء، والقائمين عليها، لا بد من الإشارة إلى ضرورة زيادة الرقابة والاهتمام على مستوى العمل الإداري والتنظيمي في هذه المراكز، وخاصة بالنسبة لتوزيع ما يرد إلى هذه المراكز من مستلزمات ومواد وأغذية، سواء من قبل الجهات الرسمية المعنية بهذا الجانب، أم عبر المساعدات التي تقدمها بعض الجهات والجمعيات والمنظمات، منعاً من هدر حقوق النازحين، وللحد من أوجه الفساد التي قد يقوم بها البعض من المتنفذين المسؤولين عن هذا الجانب.
منع «التعفيش»
ولعل الضرورة تقضي الإشارة أيضاً، إلى أهمية الحفاظ على بيوت وممتلكات هؤلاء النازحين في بلداتهم وقراهم التي اضطروا لتركها خلفهم، بعد دحر المجموعات المسلحة منها، وبسط سيطرة الدولة عليها، وذلك عبر تشديد الرقابة منعاً من عمليات (التعفيش) المنظم التي يقوم بها البعض من المنتفعين وتجار الحرب والأزمة، الذين سبق وأن جردوا الكثير من البيوت في البلدات والقرى المحررة سابقاً من كل ما فيها، حتى أسلاك الكهرباء في الجدران وأحياناً البلاط أيضاً، كظاهرة من الواجب كبحها ومحاسبة القائمين عليها والمستفيدين منها.
الضرورة الوطنية
ويبقى أخيراً، التأكيد على ضرورة الإسراع بعودة هؤلاء، وغيرهم ممن سبقهم في النزوح، إلى بلداتهم وقراهم، مع تقديم أشكال المساعدة كافة لتأمين هذه العودة بأسرع وقت، مع تذليل الصعوبات التي تعترضهم بهذا الشأن، سواء كانت ذات طبيعة موضوعية، أو تلك غير الموضوعية والتي تعتبر عراقيل لا مبرر، أو مسوغ لها، في بعض الأحيان.
إن تأمين هذه المطالب ليست حقوق مشروعة لهؤلاء المواطنين فحسب، بل هي في الوقت نفسه رد ملموس على تلك القوى التي تنظم حملة دعائية واسعة تبرر التهديدات العدوانية الأمريكية والغربية، أي أنها ترتقي إلى مستوى الضرورات الوطنية.