بعض ملفات الفساد تطوى بقدرة قادر!
سمير علي سمير علي

بعض ملفات الفساد تطوى بقدرة قادر!

يحار المتتبع للقضايا (المطلبية والخدمية والاقتصادية وغيرها) التي يتم التوقف عندها وتسليط الضوء عليها عبر الصحف ووسائل الإعلام المحلية، بين بداياتها ومقدماتها، وصولاً لخواتيمها ومآلاتها.

 

فالبعض منها، وعلى الرغم من أهميتها، تُنسى وتُهمل حتى يعاد إثارتها مجدداً وهكذا، والبعض الآخر منها تلفلف ويتم السعي لطي صفحتها من أجل عدم إثارتها مجدداً، والكثير منها يتم الحديث عن إحالتها إلى الجهات الرسمية المسؤولة عنها لمعالجتها، لتذوب وتتوه في أروقة الروتين أو في الدروج، وربما القلة القليلة من القضايا المثارة هي ما تتم متابعته جدياً.
فيما يلي، نعرض ما يمكن اعتباره مثالاً قريباً على ما سبق أعلاه:
مقدمات ومآلات
من مصادر حكومية مسؤولة، أفردت إحدى الصحف المحلية، بتاريخ 18/2/2018، مادة صحفية بعنوان «شبهة فساد.. خط بندورة مرمي بساحة في جرمانا يركب في «كونسروة دمشق»».
وقد تم العرض والإشارة في متن المادة إلى «وجود إشكالات في شركة كونسروة دمشق، حول التعاقد على توريد وتركيب خط استقبال بندورة بطاقة انتاجية 10 أطنان في الساعة، وبسعر 7.5 مليون ليرة، عن طريق أحد الموردين عبر مؤسسة تجارية»، مع الكثير من العرض والشرح حول: «وجود شبهات فساد شابت عملية التعاقد» تلك، خاصة وأن «الخط المذكور كان موجوداً في العراء بساحة في مدينة جرمانا»، وقد ختمت الصحيفة مادتها بوضع الملف برسم الجهات المعنية.
ومن مصادر خاصة، وبتاريخ 26/2/2018، أفردت إحدى الصحف الرسمية مادة صحفية بعنوان «عشرة ملايين ليرة خطة إسعافية لكونسروة دمشق».
وقد تم التوضيح عبرها «أن الإجراءات كلها، التي قامت بها الشركة بشأن تركيب خط سير البندورة، قد تمت وفق القوانين والأنظمة والإجراءات القانونية المتبعة والموثقة بمحاضر لجان فض العروض، والإشراف على التركيب والاستلام الأولي.. وأنه بناءً على العروض الواردة إلى الشركة عن طريق الظرف المختوم والمسجلة أصولاً في ديوان الشركة، وعلى محضر فض العروض من قبل اللجنة المختصة، تم اختيار العرض الأنسب سعرياً والمتوافق مع دفتر الشروط، والبالغة قيمته 7،5 ملايين ليرة». كما تمت الاستفاضة والشرح حول نقاط إضافية مرتبطة بعمل الشركة.
أين الجهات المعنية؟
بعد الاستعراض المختصر عن القضية أعلاه، فمن الواضح أن مضمون المادة المنشور في الصحيفة الرسمية، يمكن اعتباره رداً على ما ورد من حيثيات في مضمون المادة الأولية، فلا شبهة ولا فساد، وكل ما جرى وتم، هو موثق وفق القوانين والأنظمة!.
ومن المقدمات والمآلات أعلاه نتساءل:
هل يمكن اعتبار القضية المثارة قد وصلت لخواتيمها، وتم إغلاق ملفها نهائياً بحيث لن تتم إثارتها مجدداً؟ وهي على ذلك لن تختلف عن الكثير من القضايا المثارة، والتي تطوى وتنسى بقدرة قادر!
أم أن الجهات المعنية، التي وضع ملف القضية بعهدتها، لها رأي آخر؟
بغض النظر عن موضوع القضية المثارة نفسها، فالحديث عن ملفات الفساد، وخاصة الكبيرة منها، فيه الكثير من الشجون، خاصة وأن بعض الملفات التي تم تداولها إعلامياً خلال السنوات الطويلة السابقة، فجأة تقف عند حدود مسؤولية صغار الموظفين والمتنفذين، فيتم تحميل هؤلاء وزر الأخطاء والمسؤوليات لتطوى من بعدهم هذه الملفات وتغلق وتنسى، وكأن كبار المسؤولين والمتنفذين لديهم من الحصانة ما يكفي لإعفائهم من مغبات الأخطاء ومسؤوليتها وتبعاتها، حيث لم يسبق أن سمعنا بأن المحاسبة طالت أياً من هؤلاء في الملفات الكثيرة التي فتحت وطويت.
لا غرابة.. فكل شيء ممكن، وكل شيء مباح، في زمن غض الطرف عن الكبائر والكبار، والتغني المستمر بمحاربة الفساد!