تنمية شاملة.. «المي بتكذب الغطاس»!
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

تنمية شاملة.. «المي بتكذب الغطاس»!

مجلس الوزراء يحدد الركائز الأساسية للعمل خلال 2018: المضي بالمشروع الوطني للإصلاح الإداري، وتحقيق التنمية الشاملة بكل المجالات.

هذا كان العنوان العريض لجلسة الحكومة الأولى لهذا العام، والتي عقدت بتاريخ 2/1/2018.
مختصر غير مفيد
في العرض ورد التالي: «حدد مجلس الوزراء في جلسته الأولى لهذا العام الركائز الأساسية لعمل الحكومة خلال العام 2018 في الخطة التنموية لسورية ما بعد الحرب، والبرامج عبر الوزارة والمضي بالمشروع الوطني للإصلاح الإداري، إضافة إلى رؤى الوزارات التي قدمتها بما يحقق التنمية الشاملة في المجالات كلها».
ولم ترد عبر موقع الحكومة أية إيضاحات إضافية عن مجريات الجلسة بما يتعلق بالفقرة أعلاه، لا عن رؤى الوزارات التنموية، ولا عن ركائز العمل الحكومي، وربما تُرك للمطّلع على هذه الأسطر المحدودة، أن يستكشف بمهارته الاستقرائية والذاتية، ما هي الركائز الأساسية لعمل الحكومة خلال عام 2018، وتلك الرؤى الوزارية المقدمة، والتي ستحقق التنمية الشاملة في المجالات كلها، أما عن المشروع الوطني للإصلاح الإداري، فقد سبق وأن سمعنا الكثير عن مقدماته «الخلبية» خلال العام الماضي، وما سبقه من أعوام.
حسب الخبرات.. لا جديد!
على ذلك يمكننا القول: أن عبارة «التنمية الشاملة في المجالات كلها» هي عبارة كبيرة بحجمها، عميقة بمضمونها، واسعة بتأثيرها.
لكن وفقاً لاستقرائنا بالاعتماد على خبراتنا المتراكمة مع العبارات الحكومية ومدى فاعليتها التنفيذية خلال السنوات السابقة، ربما يمكننا القول: أن العبارة أعلاه، فيها الكثير من المبالغة والتضخيم ذي البعد الإعلامي والتسويقي فقط، خاصة وأنها لم ترتبط بأي مؤشر «رؤيوي وزاري» يمكن الاعتماد عليه من أجل عمليات القياس والتقييم الموضوعي!.
وإذا ما أضفنا إلى ذلك ما خبرناه من ركائز في العمل الحكومي خلال السنوات الماضية أيضاً، والذي كان جوهره وركيزته الأساس: المزيد من المحاباة لأصحاب الأرباح على حساب أصحاب الأجور، عبر الاستمرار بالسياسات الليبرالية نفسها المفقرة للعباد والمستهلكة لخيرات البلاد، نصل لخلاصة مفادها: أن الحكومة ماضية بإفقارنا، تاركة بوابات النهب المقونن للمواطن والوطن مشرعة على غاربها، بالإضافة لغض طرفها عن بوابات النهب غير المشروع، وما أكثرها.
والخلاصة: أن العمل الحكومي خلال 2018 لن يكون إلا نموذجاً «مجدداً» لما سبقه، فلا جديد ربما سيذكر على هذا الصعيد، ولتبدو العبارة أعلاه كبيرة بحجمها فعلاً، لكنها خاوية المضمون وبالتالي معدومة التأثير!
مصالح الكبار هي الأهم!
لا يا سادتي، لسنا ظالمين للحكومة بهذا الاستقراء، فعندما تعنون الحكومة جلستها بعبارة «تحقيق التنمية الشاملة في كل المجالات» دون أن تورد أية تفصيلات أو توضيحات فهي:
إما أنها ترمي عباراتها جزافاً!
أو أنها لا تعير المطلع على أعمالها والمتابع لها أي اهتمام!
أو أنها ستبقى مستمرة في التغطية والتمويه على جوهر سياساتها عبر مثل هذه العبارات، وما أكثرها!
وفي جميع الأحوال، إنها لا تعير المواطن المفقر والمستنزف بحياته ومعاشه وخدماته أي اهتمام، بالمقارنة مع اهتمامها المتزايد بكبار حيتان المال والاستثمار والفساد، خاصة، وأن عنوان العمل الحكومي الأساس خلال المرحلة المقبلة هو: إعادة الإعمار واستقطاب الاستثمارات، المحلية والأجنبية، وفقاً لقوانين تحابي مصالح هؤلاء الكبار، على حساب مصالح بقية المواطنين، بل والوطن كذلك الأمر.
ولعلنا نقول: أن «المي بتكذب الغطاس» فإذا كانت جلسات الحكومة أسبوعية، فإن نتائج سياساتها ملموسة لنا بشكل يومي، بل لحظي، على مستوى أجورنا ومعيشتنا وخدماتنا، وغيرها من التفاصيل الحياتية اليومية الأخرى.
وبعد مضي أسبوع على عبارة التنمية الشاملة تلك، فقد طال الانتظار علينا بجدواها وعمقها وتأثيرها؟ فهل بعد ذلك كله نحن ظالمين؟