في لبنان60 عائلة لاجئة تحت جنح الظلام والمطر!

في لبنان60 عائلة لاجئة تحت جنح الظلام والمطر!

فوجئ اللاجئون السوريين في مخيم الدَّلهميَّة في البقاع – قرب مدينة زحلة ومعروف برقم 027 – بعد منتصف ليل الأحد 24 كانون الأول 2017 (صباح الاثنين) باقتحام جهات أمنية لبنانية لمخيمهم، طالبين منهم إخلاءه فوراً.




ولم تُجدِ نفعاً توسلات العائلات التي قوامها نحو 300 إنسان بتأجيلهم أو إمهالهم ريثما يجدوا مأوى بديلاً، فاضطروا إلى الانصياع وترك المخيم على عجل.
إلى مغاطس الطين
لم يستقبلهم في البداية سوى طين الشوارع المحيطة بالمخيم، والتي هي مثل أرض مخيمهم، وعرة ومظلمة وغير مأهولة بغيرهم، وقد تحولت بفعل المطر إلى مغاطس طينية خطرة، حتى أن بعض الأطفال وكبار السن تعرضوا لجروح ورضوض بسبب انزلاق أرجلهم على الطين، كما تعرضت امرأة لجرح كبير في رأسها نتيجة سقوط عمود الخيمة عليها، وهي تحاول أن تفكّها، إذ أن الملكية الوحيدة لهؤلاء اللاجئين هي خيمهم وقليل من التبرعات كالأغطية والملابس والأغذية والأدوية.
ومع ذلك لم يسعفهم الوقت والخوف والبرد لأخذ معظم هذه «الثروة» معهم فتركوها حيث هي مع خرائب المخيم.
المأوى هنغار للدجاج!
أما ثاني مستقبليهم بعد طين الشوارع، فقد كان هنغار تربية الدجاج القريب من المخيم، والذي أمضوا تلك الليلة تحت سقفه ريثما استطاع جزء منهم الانتقال في الصباح، ليلجؤوا مؤقتاً إلى أقارب لهم في مناطق، أو مخيمات أخرى.
أما الجزء الأكبر الباقي (نحو 40 عائلة حتى ساعة إعداد هذا الخبر) فما زالوا في هنغار الدجاج طيلة الوقت، باستثناء ليلة البارحة فقط (الاثنين) حيث استطاعت إحدى المنظمات الخيرية تأمين منامة مؤقتة لهم في إحدى المدارس، ليعودوا باقي النهار إلى حظيرة الدجاج التي لا يمانع مالكها فكرة تأجيرهم المكان، لكن مقابل مبلغ من المال يعجزون عن دفعه! وحتى وهم في الهنغار تعرّضوا أيضاً إلى إنذار جديد لكي يرحلوا منه أيضاً!
ذرائع أمنية وابتزاز!
كانت الجهات الرسمية اللبنانية، قد قامت سابقاً بتقسيم المخيم إلى جزأين، وأزالت بالفعل الجزء الأقرب منهما إلى مطار الرياق العسكري «لأسباب أمنية» إذ يبعد المخيم عن المطار نحو 7 كم، وتم آنذاك الإبقاء على الجزء الثاني «لأنه لا يشكل خطراً»، ومنذ نحو الشهر تلقَّى الجزء الباقي من المخيم إنذاراً بالإخلاء، وللأسباب «الأمنية» نفسها، كما قيل لهم.
ولم تقدم الجهة التي أنذرتهم ولا أية جهة رسمية أو غير رسمية، ولا جهة محلية أو أممية، أي مأوى بديل، فتركت هذه المهمة للاجئين أنفسهم، والذين أخذ قلقهم من إعادة التشريد يتزايد يوماً بعد يوم، وهم يجرِّبون مساعيهم المتواضعة لإيجاد بديلٍ يأويهم، إذ لم يتركوا جهة رسمية بلدية أو إغاثية يعرفونها إلا وطرقوا بابها، عسى أن تؤمن لهم مأوى بديلاً، لكن دون جدوى، إذ كانت تتم مطالبتهم بإحضار الكثير من الموافقات من عدة جهات أمنية وبلدية ومن ملاك الأراضي... ويتعرضون في محاولاتهم للحصول عليها إما إلى الرفض أو التجاهل، فضلاً عن الابتزاز طلباً للرشاوى.
الاستثمار في المعاناة!
في إطار أعمّ، يذكر بأنه في الشهور الأخيرة الماضية لوحظ بشكل بارز: أنّ كثيراً من المنظمات غير الحكومية NGOs ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بالإغاثة وشؤون اللاجئين (مثل: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR) والتي ما زالت الهيمنة الأمريكية عليها، كما على باقي هيئات الأمم المتحدة، سارية المفعول حتى الآن رغم تغير ميزان القوى الدولي_ قد قلصت بشكل كبير تمويل ودعم برامجها الإغاثية للاجئين السوريين، وخاصة في بلدان الجوار، إذ يبدو أنّ الاستثمار السياسي في معاناتهم صار أقل جدوى في الآونة الأخيرة، مع تقدُّم مسارات الحل السياسي، الذي لا بديل عنه كحل وحيد لإنهاء معاناة الشعب السوري عموماً، وضمناً العودة الكريمة للاجئين والنازحين في الخارج والداخل.