المدينة الجامعية الفاضلة!
سمر علوان سمر علوان

المدينة الجامعية الفاضلة!

يحمل وصف المدينة الجامعية في جامعة دمشق كما جاء في موقعها الرسمي: عبارات خلابة، ولعل الأدق «خلبية»، فمما جاء فيها: «جهزت غرف الوحدات السكنية تجهيزاً جيداً بشكل يوافق متطلبات الطالب الجامعي، بحيث خصص لكل طالب سرير وخزانة وطاولة وكرسي، كما خصص لكل وحدة سكنية مكتبة فرعية للدراسة، وقد استوفت هذه الوحدات الشروط الصحية كافة، فالأبنية مزودة بالتدفئة المركزية.. حيث تتوفر في هذا السكن سبل الراحة والهدوء للطالب لقاء رسم رمزي».

ويحسب من يقرأ هذا الكلام من الطلاب المقبلين على الحياة الجامعية لأول مرة، أن السكن الطلابي ينعم بالدفء والسلام والراحة، ويتيح جواً ملائماً للدراسة والتحصيل العلمي، لكن ما مدى صحة هذا الكلام؟
على أرض الواقع
يكتشف الطالب المستجد، أن الحصول على سرير ينام عيه هو إنجاز عظيم لمن يقطن المدينة الجامعية، وأن كثيرين ينتهي بهم المطاف إلى النوم على الأرض، فعدد الأسرة لا يتناسب مع عدد الطلاب، والوحدات السكنية تتحمل أضعاف طاقتها الاستيعابية، ليصل العدد في بعض الغرف إلى 12 فرداً ينام نصفهم على أسرة طابقية، ويتدبر النصف الأخر أمره كيفما اتفق، وبالطبع فإن حشر هؤلاء في غرف يفترض أنها مخصصة لربع هذا العدد يعني: الحرمان حتى من خزانة يضع فيها الطالب ثيابه وكتبه، فيضطر إلى إبقائها في الحقائب تحت السرير طيلة العام، أو يتقاسم خزانة واحدة مع اثنين من زملائه،  فهل مازال بالإمكان الحديث عن الراحة؟
لولا الأزمة!
زيادة الأبنية السكنية لتستوعب الأعداد المتنامية من الطلاب هو الحل المنطقي الوحيد بدلاً من تكديسهم في الغرف، لكن هذا المطلب يصطدم بالأزمة وتداعياتها، تلك الشماعة السحرية، التي تنوء بحمل كل تقصير أو فساد على امتداد البلاد، فمنذ بداياتها تم زيادة عدد الطلاب في الغرف بشكل كبير، وإيقاف العمل بنظام التدفئة المركزية، إلى جانب توفير الماء الساخن ليوم واحد بدلاً من اثنين أو ثلاثة في الأسبوع_ ولك أن تتخيل المعارك الأسبوعية الطاحنة على الاستحمام_  أضف إلى ذلك تراجع الاهتمام بمكافحة الحشرات وتنظيف مجرى النهر.
خيار وفقوس
المضحك المبكي، أنك في المدينة الجامعية يمكن أن تجد غرفة تكتظ بعشرة طلاب، إلى جانب أخرى يتفرد فيها طالب واحد فقط، لمجرد انتمائه لاتحاد الطلبة أو امتلاكه «وساطة رفيعة المستوى» تعطيه الحق في أن يسكن وحده فيما يعاني رفاقه الأمرين لمجرد أنهم لا يمتلكون الحظوة التي يمتلكها، وبين هذا وذاك يمكن أن تجد غرفاً وسطية، فيها أقل من العدد الاعتيادي، وعادة ما يكون أصحابها من ذوي الواسطة الأقل شأناً، بحيث لا تسمح لهم سوى بقدر محدود من الامتيازات، أو يقدمون على شراء وصول سكن وهمية بالاتفاق مع إدارة الوحدة.
وفي حين يعيش من يملك الواساطة والنفوذ والمال حياة هانئة بين أحضان السكن الجامعي، يعاني آلاف الطلاب من ظروف معيشية سيئة للغاية، فرضت عليهم لمجرد أنهم حلموا باستكمال دراستهم الجامعية، دون أن يكون في حوزتهم ما يكفي من المال لتحقيق أحلامهم في مثل هذا المكان؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
838