درعا.. بدء عودة الحياة

درعا.. بدء عودة الحياة

رغم مساعي التيئيس والإحباط كلها، التي يتم ترويجها من قبل المتضررين من أي شكل من أشكال الاستقرار والهدوء، وعلى إثر البدء بتنفيذ اتفاق خفض التصعيد الجاري في المنطقة الجنوبية، وخاصة في درعا، ورغم أنف المعادين لأستانا وجنيف، إلا أن واقع الحال يقول: إن جزءاً هاماً من الأهالي بدأوا يستعيدون حياتهم ونشاطهم، رغماً عن إرادة هؤلاء جميعاً.

فمنذ سريان اتفاق خفض التصعيد بتاريخ 9/7/2017 المتضمن: وقف إطلاق النار_ البدء بإدخال المساعدات_ والإدارة المحلية المدنية، وغيرها من البنود الهامة بانعكاساتها الإيجابية على الحياة اليومية لأهالي البلدات والقرى في محافظة درعا، بدأ هؤلاء باستعادة بعضاً من أنفاسهم، كما باستعادة بعضاً من حياتهم الطبيعية.
مناطق السيطرة
الواقع على الأرض يقول: أن هناك ثلاث قوى رئيسة مسيطرة على محافظة درعا ببلداتها وقراها.
الجيش العربي السوري يفرض سيطرته على مركز المدينة، وصولاً للشمال والشمال الشرقي منها، بالإضافة للعديد من البلدات والقرى الأخرى.
الجانب الشرقي ببلداته وقراه الواصلة للحدود الإدارية للسويداء، والجانب الغربي ببلداته وقراه الواصلة للحدود الإدارية للقنيطرة، تسيطر عليها مجموعات من الفصائل المسلحة تحت مسمى «الجيش الحر» بالإضافة لانتشار بعض الفصائل المنضوية تحت راية «جبهة النصرة».
أما المنطقة الجنوبية الغربية من المحافظة، وخاصة حوض اليرموك، فهي تحت سيطرة «جيش خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم «داعش».
الاشتباكات والمعارك، على الرغم من انخفاض وتيرتها وتضييق رقعتها على إثر اتفاق مناطق خفض التصعيد، إلا أنها ما زالت جارية بين القوى المسيطرة، وخاصة في مواجهة الفصائل المتشددة، «النصرة وداعش».
ما يعني أن دائرة المعارك تنحسر بالواقع العملي يوماً بعد آخر، في اتجاه المنطقة الجنوبية الغربية من المحافظة، بينما واقع الهدوء يتعزز في بقية المناطق تباعاً، مما يعزز حال من الاستقرار بالنسبة للأهالي في الكثير من البلدات والقرى.
تلاشي الخوف لا يمنع القلق
الخوف الذي كان مسيطراً في ظل اعتبار أرضهم وبلداتهم مناطق حربية للمعارك المتبادلة طيلة السنوات الماضية، مع ما يتبعها من قصف وقذائف وإطلاق للنار، ومع نتائجها التي كانت تحصد البعض منهم كضحايا ومصابين، بدأ بالزوال والتلاشي تباعاً مع كل يوم إضافي يمر على هذا الاتفاق ويقويه ويدفعه إلى الأمام، على الرغم أن الأمر لا يخلو أحياناً من قذيفة هنا، أو تبادل لإطلاق النار هناك، لكن ذلك يبقى بشكل محدود ومقيد، ولم يعد له ذاك التأثير على الحياة اليومية كما سبق أن كان.
ولعل ما يُبقى بعض القلق على مستوى السلامة والأمن عند أهالي المنطقة عموماً، هو: استمرار وجود جيوب مسيطر عليها من قبل «جبهة النصرة»، بالإضافة إلى سيطرة «داعش» على بعض بلدات وقرى حوض اليرموك، والذين ما زالوا يتعاملون مع الأهالي هناك، على أنهم ليسوا أكثر من رهائن ودروع بشرية، مع الكثير من التداعيات السلبية على المستوى المعيشي اليومي لهؤلاء، في ظل تحكم وسيطرة عناصر هذه المجموعات الإرهابية على الحياة اليومية، طبعاً مع تداعيات تواجد هذه المجموعات على مستوى استمرار استهدافها بغاية تصفيتها وإنهائها، كون اتفاقات وقف إطلاق النار لا تشملها باعتبارها إرهابية في ممارساتها ومصنفة على هذا الأساس.
بدء استعادة الحياة!
مع البدء بزوال عامل الخوف على الأمن والسلامة، تزايدت حركة الأهالي المطمئنة والنشطة في الكثير من البلدات والقرى، اعتباراً من مركز المدينة، مروراً بشرقها وغربها وجزء هام من جنوبها، سواء على مستوى الزيارات المتبادلة، أو على مستوى معاودة الأرض والبدء بالإنتاج الزراعي، الذي يعتبر مصدر الرزق الأساسي لأهالي المنطقة على اتساعها، كما كان فرصة لعودة الكثير من الأهالي إلى بلداتهم وقراهم وأحيائهم.
لقد ترافق ذلك مع بدء الأهالي بالعمل على ترميم ما يمكن ترميمه بإمكاناتهم الذاتية لبيوتهم المتضررة القابلة للإصلاح والترميم، والذي شجع على بدء عمل الكثير من المهن والحرف المرتبطة بعمليات الترميم تلك، أو بضرورات ومتطلبات الحياة الأخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية المساعدات الإنسانية التي بدأت تدخل المنطقة تباعاً، وخاصة من الجانب الروسي وتحت إشرافه، علماً بأنها أصلاً كانت متواصلة منذ ما قبل اتفاق خفض التصعيد أعلاه.
ومنذ شهرين وحتى الآن تم تسجيل عودة الكثير من أهالي بلدات وقرى درعا، الذين اضطروا للنزوح عنها خلال السنوات الماضية، سواء من الداخل أو من الخارج، وخاصة من الأردن، وهؤلاء مع غيرهم بانتظار عودة البقية المتبقية من أهالي درعا وبلداتها من أجل استعادة الحياة والنشاط على المستويات كافة.
الكثير قيد الإنجاز
على الرغم من ذلك كله ما زال هناك الكثير من المعيقات أمام أهالي درعا وبلداتها، من أجل استكمال عودتهم واستعادة حياتهم الكاملة بالشكل المطلوب، وخاصة على مستوى الخدمات (مياه- كهرباء- شبكات صرف صحي- تعليم- صحة- وغيرها الكثير) والتي تضررت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، لدرجة توقف بعضها بشكل كلي، بالإضافة إلى واقع البيوت والمنازل المهدمة والمتضررة، وخاصة تلك المدمرة التي يصعب ترميمها، بالإضافة للنقص في الكثير من الاحتياجات الغذائية وضرورات الحياة اليومية وارتفاع أسعارها، والأهم من ذلك كله هو: فرص العمل ومصادر الرزق التي تحفظ الكرامة وتبعد أشباح الفقر والجوع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
834