رفع متوقع لكشفية الأطباء!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

رفع متوقع لكشفية الأطباء!

من جديد يطرح نقيب أطباء سورية موضوع أجور المعاينات الطبية، وهذه المرّة من باب المواد المستهلكة المستخدمة في دراسة الحالة المرضية.

فقد صرح نقيب الأطباء عبر إحدى الصحف المحلية: أن «الأجور الطبية غير مضبوطة، ووزارة الصحة هي التي تضع التسعيرة، فالمفارقة ما بين 2004 إلى 2017 لم تتغير في آلية وضع الأجور، علماً أن المواد المستهلكة المستخدمة في المعاينات الطبية ازدادت ما يقارب عشرة أضعاف».

مفارقة من جيب المفقرين!
مع الطرح الأخير لنقيب الأطباء حول آلية وضع الأجور والمواد المستهلكة، وقوله: «بوجوب فصل أجور المعاينات الطبية عن المواد المستهلكة المستخدمة في دراسة الحالة المرضية»، وربط ذلك بأسعار الأجهزة الطبية التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، مع ذكره لأسعار بعض التجهيزات التي ارتفعت لدعم رأيه، لا ندري ما سوف تكون عليه قيمة الكشفية لاحقاً، ولا كيف سيتم احتساب قيمة هذه المستهلكات؟!.
والنتيجة: أن المريض وحده من سيتكبد قيمة الفارق السعري المتوقع، وهو ما لم ينكره نقيب الأطباء حيث قال: «هذه الزيادة في الأجهزة والمواد المستهلكة ترتب عليها زيادة في المعاينات الطبية، ولحقها الكثير من الفوضى في التسعير، حمل معظمها المواطن وخاصة أصحاب الدخل المحدود».
والمفارقة في موقف نقيب الأطباء بين المقدمة والخاتمة واضحة، فهل النقيب يدافع عن الأطباء أم عن أصحاب الدخل المحدود؟ في آلية تحديد قيمة الكشفية، ومطالبته بفصل الكشفية عن قيمة المستهلكات، وتبريره ما ترتب على ذلك من زيادة في المعاينات الطبية، واعترافه بأن هذه الآلية حمل وزرها المواطن، وخاصة أصحاب الدخل المحدود!.

لا محاسبة ولا من يحزنون!
يشار إلى أن الحد الأدنى للكشفية كان قد ارتفع عام 2016 من 700 ليرة إلى 1500 ليرة، وقد صرح نقيب الأطباء في حينها: «‏أن الأطباء المختصين الذين لا تقل خبرتهم عن عشر سنوات ستصبح كشفيتهم 1500 ليرة سورية، بينما الأطباء الذين تقل خبرتهم عن عشر سنوات ستصبح ألف ليرة سورية، وأن رفع النقابة لأجور الأطباء، من أجل محاسبة الذين يخالفون التسعيرة، ولكيلا يتذرع الطبيب بعد ذلك بأن التسعيرة قليلة ولا تساوي شيئاً في الظروف الراهنة».
ومنذ ذاك التاريخ وحتى الآن، لم يشهد المواطن أي التزام بتسعيرة الكشفية من قبل الأطباء، مع بعض الاستثناءات التي تؤكد القاعدة، حيث ما زال الكثير من الأطباء الأخصائيين يعتبرونها قليلة، ويتقاضون مبالغ أعلى من التسعيرة، حتى دون تقديم أية ذرائع.
وفي ظل مقولة «الحد الأدنى للكشفية»، وفي ظل تراجع عدد الأخصائيين نتيجة الأوضاع والأزمة، فإن الواقع يشير إلى أن بعض الأطباء تتجاوز كشفيتهم الـ 5000 ليرة، وبعضهم يتقاضى مبالغ أكثر من ذلك بكثير، حسب «الاختصاص والسمعة»، حيث لم يشهد المواطن أية محاسبة للمخالفين، أو أي دور للنقابة أو وزارة الصحة بذلك.

لا طبابة للمفقرين؟
وفي ظل هذا الواقع من الارتفاعات المتتالية لأجور الأطباء وقيمة الوصفات الطبية والتحاليل والتصوير، وغيرها من ضرورات الاستشفاء العلمية والصحية، التي من المفترض أن تكون مضمونة النتائج، ومع التدهور المستمر على المستوى المعيشي لحدود الفقر والعوز، والذي كانت إحدى نتائجه التدهور المستمر في الحالة الصحية للمواطنين، ومع التراجع العام لدور الدولة على مستوى الرعاية الصحية، ازداد لجوء المواطنين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود والمفقرين، إلى البدائل عند مرضهم، اعتباراً من الاعتماد على الصيدلاني دوناً عن الأطباء، مروراً بالاعتماد على الطب البديل (الشعبي- طب التغذية)، وليس انتهاءً باللجوء للعطارين.
ومع المطالبة الأخيرة لنقيب الأطباء، التي تعتبر مقدمة للرفع المقبل لتسعيرة الكشفية، وفي ظل استمرار تراجع الدولة عن دورها على المستوى الصحي، ومع استمرارها بسياساتها المفقرة، يتعزز القول: إن التداوي والاستشفاء أصبح حكراً على من يملك المال من أصحاب الثروة، أما البقية الباقية من مفقري الشعب، وفي حال أصيبوا بالأمراض، فقد لا يتمكنون حتى من الاستعانة بالبدائل السابقة.
وعندما نتحدث بعد ذلك كله عن الطبقية والفرز الطبقي الجاري على قدم وساق، هناك من يستشيط غيظاً وغضباً منا؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
831