طرق للإيجار!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

طرق للإيجار!

يبدو أن شهية الاستثمار أصبحت مفتوحة، وستصيب عدواها الاستثمار الطرقي.فقد صرح وزير النقل مؤخراً عن خطة لدى الوزارة، سيتم من خلالها تنفيذ طرق مأجورة في سورية.

مشروع قديم متجدد
يشار إلى أن وزارة النقل سبق وأن أعلنت عن نيتها القيام بتنفيذ مثل هذه المشاريع الاستثمارية وذلك منذ عام 2009، حيث أعلنت المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، بحينها، عن رغبتها في التعاقد مع شركات لتنفيذ طريقين دوليين مأجورين، يصل الأول بين طرطوس والحدود العراقية، بينما يصل الثاني بين الحدود التركية شمالاً والأردنية جنوباً، وقد تم التصريح بوقتها أن هذين الطريقين سوف يتم تنفيذهما من قبل الشركة التي تحصل على المشروع على نظام BOT، حيث يتم إنشاء الطريقين ثم تشغيلهما من قبل الشركة التي تتقاضى أجوراً عن استخدامه من المواطنين، قبل أن تتم إعادة الطريق إلى الدولة بعد فترة محددة من الاستثمار.
ولا ندري الآن ما هي النية لدى وزارة النقل على هذا المستوى، حيث لم يوضح الوزير أية تفصيلات بما يخص تلك المعلومة.

الحاجة والضرورة!
على الرغم من وجود مثل هذه المشاريع في بعض البلدان، عبر إنشاء طرق سريعة ومخدمة مخصصة لهذه الغاية الاستثمارية، تحت يافطة الخدمات، إلّا أن الواقع الطرقي والمروري القائم في سورية ربما لا يستدعي وجود مثل هذه المشاريع، التي تعتبر كبيرة ومكلفة، لكنها بالمقابل مربحة استثمارياً.
مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لابد من تطوير وتوسيع شبكة الطرقات الحالية، وإعادة تأهيلها، خاصة بعد أن تم استهلاكها، واهتلاكها، بشكل كبير، طيلة سني الحرب والأزمة دون ترميم، أو مد قمصان اسفلتية جديدة عليها، ولعل ذلك يعتبر من الضرورات الملحة الآن، والتي من واجب وزارة النقل أن تقوم بها، قبل الخوض بأية فكرة استثمارية على مستوى الطرق المأجورة أو غيرها.
فالطرق والأتسترادات المحلية، الداخلية والدولية، ليست بذاك القدر من الازدحام الذي يفرض إنشاء طرق وأتسترادات جديدة مخصصة للاستثمار على شاكلة تلك الموجودة في بعض البلدان، اللهم إلا إن كان الحديث الرسمي سيشمل الطرق الموجودة بعملية الاستثمار المأجور تلك، أو أن الطرقات الموجودة سوف يطالها الإهمال الرسمي تباعاً ورويداً من أجل الترويج للطرق الاستثمارية المأجورة المحدثة، ما يعني استلاباً مشرعناً لحقوق المواطنين، وتعدياً عليها.

استثمار بالجملة!
من المتعارف عليه، أن الاستثمار الطرقي على مستوى الطرق المأجورة يقوم على أساس القيام بإنشاءات جديدة مخصصة لهذه الغاية، ومضافة على ما هو موجود سلفاً، من طرق مخدمة بين المناطق المختلفة، على أن تشمل تلك الإنشاءات الجديدة الكثير من الخدمات المساعدة والمرافقة، من استراحات منامة ومطاعم ومحطات وقود ونقاط شرطية وصحية، وغيرها، بالإضافة طبعاً إلى البنية التحتية المرافقة من شبكات مياه وكهرباء وصرف صحي وتحويلات طرقية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كلاً من هذه الخدمات المرفقة تعتبر مشروعاً استثمارياً بذاته، يدّر الأرباح الإضافية على المشروع الأساسي، ما يعني بالواقع العملي أن الاستثمار الطرقي على هذه الشاكلة سيكون محط اهتمام الكثير من الشركات الخاصة، المحلية والدولية، بغض النظر عما سيتكبده عابرو هذه الطرق ومستخدموها من تكاليف ونفقات وأجور، استغلالاً تحت يافطة الاستثمار والخدمات.
ختاماً: يمكننا القول: إنه في حال نشأت الضرورة لاحقاً لإحداث مثل هذه المشاريع، فإنه لا بد من أن تكون بيد الدولة، تنفيذاً واستثماراً، فالطرق والأتسترادات من البنى التحتية الهامة التي لا يمكن، ولا يجب التفريط بها تحت أية ذريعة، وتحت أي مسمى وغلاف.

معلومات إضافية

العدد رقم:
824