أمبيرات (الشمال) والجيوب المستنزفة!

أمبيرات (الشمال) والجيوب المستنزفة!

بنتيجة الحرب والأزمة التي تمر بها البلاد، وكتداعيات لها وعلى هامشها، ظهرت أنواع وأشكال عديدة من الأزمات الأخرى التي تمس حياة المواطنين اليومية، ومنها أزمة الكهرباء، وخاصة على مستوى ساعات التقنين، التي كان لمحافظة الحسكة النصيب الأكبر منها.

فأزمة الكهرباء في المحافظة هي أزمة حقيقية، باعتبار أن التيار الكهربائي ليس حالة ترفية، بل هو من أساسيات الحياة اليومية وضروراتها، المعيشية والاقتصادية والخدمية.

انقطاع شبه دائم!
ما من شك بأن المعاناة على مستوى قطاع الطاقة الكهربائية هي معاناة عامة، على مستوى البلاد، ولكن كانت حصة محافظة الحسكة من هذا التقنين في توزيع الطاقة الكهربائية هي الأكبر على ما يبدو، حيث يعاني سكان المحافظة من انقطاع شبه تام للتيار الكهربائي، ما دفع بسكان المحافظة إلى اللجوء إلى أساليب أخرى، كبدائل مؤقتة، مثل( المخزنات واللدات والمولدات)، وذلك لسد بعض الحاجات الضرورية جراء هذا التقنين.

بدائل احتكارية مكلفة!
تلك الضرورة الحياتية التي فُرضت للاعتماد على البدائل، كانت فرصة مربحة لبعض التجار والمستوردين، وتجار الحرب والأزمة، فقد نشطت تجارة وبيع تلك البدائل، حتى أصبحت مصدراً احتكارياً للبعض منهم، حيث يجني هؤلاء الأرباح الطائلة استغلالاً للحاجات، وخاصة مع فسح المجال أمامهم للاستثمار في توليد الطاقة عبر المولدات الكهربائية، والذين باتوا يعرفون بـ «تجار الأمبيرات»، حيث يقوم هؤلاء بوضع مولدات كهربائية في الأحياء السكنية والصناعية، لتباع كمية الطاقة المولدة بـ (الأمبيرات).
وقد يصل سعر الأمبير الواحد إلى الـ ١٢٠٠ ليرة سورية، وفي بعض الأماكن إلى الـ ١٥٠٠ ليرة سورية شهرياً، مقابل ٨  ساعات عمل يومياً، هذا طبعاً في حال توفرت كميات الوقود الكافية للتشغيل والتوليد، وهو ما يتذرع به «تجار الأمبيرات» أحياناً، من أجل فرض أسعار أعلى في كل مرة.
واذا أخذنا بعين الاعتبار أن كل أسرة تستهلك بالحد الأدنى ٤ أمبيرات كي تستطيع سد احتياجاتها الأساسية والضرورية اليومية، فهذا يعني: أن ما تتكبده كل أسرة  يعادل ٦٠٠٠ ليرة شهرياً بالحدود الدنيا من أجل الكهرباء فقط، ما يعني بالنتيجة عبئاً جديداً يتحمله المواطنون على حساب معيشتهم اليومية، إضافة إلى أعباء الحياة الأخرى، التي فاقت إمكاناتهم وقدرتهم، وخاصة الأكثرية المتمثلة بأصحاب الدخل المحدود والفقراء والمعدمين.

ترهل ولا مبالاة!
وعلى الرغم من مرور وقت ليس بالقصير على هذه المعاناة المستمرة، منذ سنين، وعلى الرغم من الكثير من المطالبات الأهلية من أجل تحسين واقع الحال على مستوى كمّ الطاقة الكهربائية المخصص للمحافظة، وعلى مستوى تخفيض ساعات التقنين والعدالة فيها، إلا أن الجهات المعنية لم تقم بأية خطوة ملموسة في هذا المجال، رغم الكثير من الوعود والتصريحات المكررة والممجوجة، فواقع الكهرباء ما زال على حالةٍ من التردي في المحافظة، كما ما زالت أساليب الاستغلال قائمة من قبل تجار ومستوردي البدائل، كما من قبل «تجار الأمبيرات»، وذلك أيضاً بسبب عدم الجدية بوضع الحدود لجشع هؤلاء، وغياب عين الرقابة، أو تغييبها، على ممارساتهم الاستغلالية على حساب المواطنين وحاجاتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
822