إعادة النظر بقطاع التأمين الصحي لمصلحة المؤّمن عليهم
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

إعادة النظر بقطاع التأمين الصحي لمصلحة المؤّمن عليهم

شهد فرع التأمين الصحي تطوراً ملحوظاً ونمواً كبيراً، حيث شهد قفزة كبيرة في حجم أقساطه وعدد مؤمنيه، بعد السماح للقطاعين الإداري والاقتصادي في الدولة بإجراءات التأمين الصحي للعاملين في هذين القطاعين، وذلك اعتباراً من عام 2010.

وتعمل في سورية سبع شركات لإدارة النفقات الطبية، ومجموع رؤوس أموالها 350 مليون ليرة سورية، وهي: شركة ميدكسا- شركة إيمبا- شركة الخدمات المميزة- شركة غلوب مد- شركة ميد سير- شركة كير كارد- شركة الرعاية الطبية، وذلك حسب التقرير السنوي لقطاع التأمين بعام 2014.
وبتاريخ 21/5/2017 بلغ عدد مزودي الخدمة المنتسبين إلى الشبكة الطبية للمؤسسة العامة السورية للتأمين /8460/ مزود خدمة (أطباء- مخابر- مشافي- تصوير شعاعي- ...).
خصخصة وحلقات
وساطة متداخلة
مع الأخذ بعين الاعتبار أن المظلة التأمينية وفقاً للنمط المعمول به والمفروض على المؤمن عليهم، من حيث جودة الخدمة والاقتطاعات الشهرية المترتبة عليها، وما يستفيد منه المؤمن عليه من خدمات لقائها وأسعار كل منها، لم تكن إلا خطوة من خطوات خصخصة القطاع الصحي، عبر رفع يد الدولة رويداً وتباعاً عنه، لمصلحة القطاع الخاص، والوسطاء، بل وسطاء الوسطاء (المؤمن عليه- الجهة العامة- مزود الخدمة- شركات إدارة النفقات- السورية للتأمين- شركات التأمين) في حلقات متداخلة تحصد كل منها جزءاً من هوامش الأرباح على حساب معيشة المؤمن عليهم، وصحتهم، الأمر الذي انعكس، وما زال، سلباً على مصلحة المؤمن عليهم.
مشاكل متفاقمة
على الرغم من كل ما سبق (التطور والنمو الملحوظ- تعدد شركات إدارة النفقات الطبية، زيادة أعداد مزودي الخدمة المنتسبين) إلا أن هذا القطاع تتفاقم مشاكله، وخاصة على مستوى انعكاسات ذلك على مستوى المستفيدين من الضمان الصحي من العاملين في الدولة، بقطاعيها الاقتصادي والإداري، حيث يمكن تلخيص بعض المشاكل والانعكاسات السلبية بالتالي:
ارتفاع أسعار الأدوية، وخاصة للأمراض المزمنة- انخفاض سقوف التغطية أو عدم وجودها لبعض الأمراض- فقدان الثقة مع شركات النفقات الطبية- التكاليف المرتفعة التي يحتاجها المؤمن عليه لاستكمال علاجه- امتناع بعض الشركات عن صرف بعض الوصفات والإجراءات الطبية، مثل علاجات الأسنان وليزر العين، وغيرها من المشاكل اليومية التي تعترض مصلحة المؤمن عليهم، وتنعكس سلباً على صحتهم، ناهيك عما يحتاجه بعض المرضى من تصوير طبقي محوري، أو بالمرنان، بظل عدم توفر هذه الخدمات في بعض الأحيان، أو التذرع بتعطل الأجهزة لدى مزودي الخدمة، وغيرها من مبررات عدم استفادة المؤمن عليه منها، وارتفاع تكاليفها بالمقابل لدى القطاع الخاص، سواء في المراكز الطبية أو في المشافي، على الرغم من أن الاقتطاعات الشهرية لقاء التأمين يتم فرضها وحسمها تباعاً، بغض النظر عن جودة الخدمة وفاعليتها وجدواها.
سلبيات على حساب
المؤمن عليهم
لقد كان لكل هذه المشاكل انعكاسات سلبية على مستوى المؤمن عليهم، وصحتهم، والغاية المرجوة أصلاً من مضمون التأمين الصحي، ما يستدعي ضرورة إعادة النظر بالمظلة التأمينية الصحية وفقاً لضوابط وشروط أفضل، تتناسب مع ظروف واقع المؤمن عليهم ومشاكلهم الصحية، وخاصة ناحية الظرف الاقتصادي المعاشي المتردي لهؤلاء، باعتبار أنهم من أصحاب الدخل المحدود، والمتآكل، بالإضافة للانعكاسات السلبية على المستوى الصحي العام نتيجة مجمل سياسات الإفقار المتبعة حكومياً، والتي طالت عموم المواطنين، ناهيك عن أن المظلة التأمينية لم تشمل المحالين على المعاش والمستقيلين، وخاصة من كبار السن، والذين تغدو الحاجة للطبابة والعلاج بالنسبة إليهم ضرورة حياة وبقاء، نظراً لكثرة أمراضهم المتعلقة غالباً بالسن والشيخوخة، باستثناء بعض القطاعات وبشكل اختياري، ولعل ذلك يبدأ اعتباراً من تخفيض عدد وسطاء تأمين الخدمة، وصولاً لاستعادة الدولة لدورها الكامل على مستوى الطبابة والعلاج، سواء للعاملين في الدولة، أو للمواطنين عموماً.
علماً أن كل ما سبق ذكره كان محور الكثير من النقاشات والمطالبات المحقة من العاملين المؤمن عليهم في الدولة، بقطاعيها، الاقتصادي والإداري، سواء عبر إداراتهم، أو عبر ممثليهم في النقابات، كما من قبل اتحاد نقابات العمال، حيث سبق وأن تم عرض الكثير من النقاط والاقتراحات بهذا المجال، ولكن دون أية جدوى إيجابية تصب في مصلحة هؤلاء حتى الآن، بمقابل استفادة شركات التأمين، ومزودي الخدمة، وغيرهم من الوسطاء، على حسابهم، وعلى حساب تدهور صحتهم.
أرقام رسمية
لمصلحة أصحاب الأرباح
تجدر الإشارة إلى أن حصاد أقساط فرع التأمين الصحي بلغت 5.246.207.818 ليرة سورية، وبنسبة بلغت 36.19% من إجمالي الفروع التأمينية الأخرى، وهي النسبة الأعلى من فروع التأمين، وذلك حسب بيانات عام 2014، كما بلغت نسبة النمو بين عامي 2013- 2014 4.91%.
كما لابد من الإشارة إلى أن حصة شركات التأمين الخاصة من الأقساط في عام 2014 بلغت 911.646.786 ليرة سورية، وبنسبة زيادة عن عام 2013 بلغت 9.94%.
أما من ناحية توزع التعويضات المسددة على التأمين الصحي فقد كانت بنسبة حوالي 34.7 % من إجمالي التعويضات، حيث بلغت تعويضاته حوالي 3.7 مليار ليرة بزيادة 28 %عن المسدد في العام 2013 ونسبته حوالي 70%من أقساط التأمين الصحي.
الأرقام أعلاه، تشير إلى حجم هذا الفرع التأميني الكبير، ونسبة نموه المرتفعة عاماً بعد آخر، كما يشير بنفس الوقت إلى حجم العائدات من الأقساط المقتطعة من المؤمن عليهم لمصلحة شركات التأمين، ومزودي الخدمة، من أصحاب الأرباح الذين يزدادون ثراءً، بمقابل تزايد المشاكل والسلبيات التي يحصدها المؤمن عليهم، من أصحاب الأجور والمعدمين، وحدهم، سواء على حساب معيشتهم، أو على حساب صحتهم ومستقبلهم.
للتذكير والتأكيد والمتابعة
أخيراً نرى ضرورة التذكير ببعض الواجبات والتعهدات التي من المفترض أن يقدمها مزود الخدمة للمؤمن عليهم، والتي تعترضها الكثير من الشوائب عند التنفيذ، في ظل ازدياد حالات التفلت جراء تدني مستوى الرقابة والمتابعة، بما في ذلك من محاباة للشركات بموجب العقود معها في كثير من الأحيان، أو التغاضي عن بعض سلبيات مقدمي الخدمة من المتعاقدين مع هذه الشركات، من أطباء ومخابر ومشافٍ ومراكز طبية وعيادات وغيرها، خاصة بظل عدم معرفة المؤمن عليهم لحقوقهم بسبب كثرة التعديلات التي تصدر بخصوص شرائح الأسعار ونسب تحمل العقود، وغيرها من التعليمات المتبدلة الأخرى:
- يتعهد مقدم الخدمة بأن يستقبل حاملي بطاقة التأمين الصحي والذين هم بحاجة إلى العلاج.
- ويتعهد بالالتزام بالتعرفات والأسعار المتفق عليها وأن لا يتقاضى أي مبلغ إضافي من المريض المستفيد، فيما عدا المبلغ المبين في النظام الإلكتروني أو النسبة المئوية الظاهرة على البطاقة، أو كلفة أية أعمال إضافية لخدمات طلبها المستفيد أو غير مغطاة أو مرفوضة.
- كما يتعهد مقدم الخدمة بأن يوضح للمستفيد حامل البطاقة مبلغ حصته ومبلغ حصة شركة التأمين وذلك بإبراز التعرفة أو إبلاغ المريض بالقيمة قبل الشروع بأي إجراء.
- يتعهد مقدم الخدمة بعدم إجراء أي تعديل أو تغيير في التعرفات والأسعار ما لم يكن صادراً رسمياً عن وزارة الصحة.
- يتعهد مقدم الخدمة بتخصيص موظف (حيث أمكن وفقاً لحجم العمل) يهتم بالمرضى المستفيدين حملة بطاقات التأمين الصحي.
- كما يتعهد مقدم الخدمة بالحرص على تقديم الخدمة المطلوبة والمألوفة والمتعارف عليها للمستفيدين، ووفقاً للأصول والبروتوكولات المعمول بها دون أي تمييز في التعامل بين حملة البطاقات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
812