في الجزيرة السورية نقص في الدواء أم تحكم ومتاجرة؟

في الجزيرة السورية نقص في الدواء أم تحكم ومتاجرة؟

ما زالت مشكلة تأمين الدواء هاجساً يومياً لدى أهلنا في منطقة الجزيرة على اتساعها، وخاصةً الأساسية منها، أو المخصصة للأمراض المزمنة.

 

المشكلة الحقيقية لم تقتصر على نقص الدواء، بل تعدتها إلى التحكم به من قبل بعض السماسرة، من مستودعات أدوية وصيادلة وحتى أطباء أحياناً، حيث بات هؤلاء تُجاراً للحياة، يهبونها لمن يملك ويمنعونها عمّن لا يملك، حيث بات فقراء الحال والمعدمون ضحيةً لشره هؤلاء للربح الاحتكاري.

اعتراف رسمي بالمشكلة

في المؤتمر السنوي لفرع نقابة الأطباء في الحسكة، المنعقد بتاريخ 19/2/2017، طالب الأطباء بتوفير الأدوية المختلفة، فيما قال مدير صحة الحسكة خلال المؤتمر: «في ظل صعوبة تأمين الأدوية، وحصر نقلها جواً إلى المحافظة، وضعت مديرية الصحة أولويةً في تأمين الأدوية الأساسية والمزمنة، وإجراء حملات اللقاح الوطني، وقد وصل منذ بداية العام ولغاية تاريخه 35 طنا من الأدوية المختلفة».

وسبق لوزير الصحة، تحت قبة مجلس الشعب، أن قال: «إن الأدوية في المحافظة يتم تهريبها أحياناً إلى خارجها، ومع ذلك فإن الوزارة تواصل إرسال الأدوية لها، واتفقت مؤخراً مع نقيب الصيادلة فيها على إرسال المزيد من الأدوية بشكل دوري».

وحول احتكار الأدوية من قبل بعض الصيادلة بهدف الاتجار بها على حساب المواطنين، عبر فرض أسعار مرتفعة لها، أكد الوزير: إن موضوع الاحتكار تعالجه الوزارة وبشكل مستمر وقال: «تم وضع ضابطات عدلية في المحافظات كلها، وتسليم الموظفين فيها بطاقات، تخولهم الدخول إلى الصيدليات ومراقبة عمل الصيدليات، علماً بأن هذا الأمر ليس من مهام الوزارة بل من مهام نقابة الصيادلة بالتشاركية مع الوزارة من خلال مديريات الصحة».

الواقع الدوائي

البعض من الأصناف الدوائية تم توفيرها، لكن لا يزال هناك قسم كبير غير متوفر، حيث تقوم مستودعات الأدوية في المدينة باستغلال بعض الأصناف.

على العموم  تفرض بعض هذه المستودعات نسبةً دنيا 10% حتى 100% حسب نوع الدواء، أيضآ هناك بعض الأنواع من الأدوية «المفقودة» المحتكرة عملياً، تفرض عليها بنسبة 500% مثل بخاخات الربو الأجنبية.

أدوية الصرع، مثل «غينو بارتيال» عيار 15 مفقودة، ولا بديل لها، وقد تتوفر أحياناً بدائل  تركية «تهريب»، لكنها أغلى بخمسةٍ وعشرين ضعف (الوطني 230  ليرة سوري أما  التركي بـ 5 آلاف ليرة)، أيضاً دواء الصرع «بونستام» شراب مفقود، والمرضى يستعينون بالحب (الحب بدل الشراب  المفقود)، «تغري تول» مفقود، ويتوفر أحياناً دواء بديل تركي لكنهُ غير فعال.

هناك نقص كامل لتحاميل سعلة الأطفال، أيضاً أدوية الضغط مفقودة، ويقوم المرضى بالاستعانة بالأدوية البديلة التي تكون قريبة (مشابهة)، القطرات، قسم كبير منها مقطوعة (مفقودة) ولا بدائل لها،  كذلك الأمر، أدوية مرضى تسارع «خفقان» القلب (تسرع بالقلب) عيار 10 + عيار 40  مفقودةً، أيضاً دواء «ريتان» لمعالجة حب الشباب سعره (550) يباع للصيدلية  بسعر  خمسة آلاف ليرة، أي بنسبة 10 أضعاف زيادة، أيضاً حبوب «ليبا»  عيار (300) غير متوفرة، وهي دواء للشحوم، وغيرها الكثير من الأمثلة على واقع الأصناف الدوائية، تتحكم بها تجارة سوداء على حساب صحة وحياة المواطنين بالمحافظة، وخاصة الأدوية المرتفعة الثمن أصلاً مثل: أدوية السرطان والسكري وغيرها.

الصيادلة يحذرون

حذرت بعض المصادر في فرع نقابة الصيادلة في الحسكة، بالإضافة إلى مديرية الصحة بالمدينة، من الأخطار المترتبة على وجود بعض الأدوية المهربة، غير المراقبة صحياً، والتي تؤثر سلباً على صحة المرضى غالباً، وقد تصل لدرجة الوفاة في بعض الأحيان، وذلك حسب نوع الدواء ومصدره وتاريخ صلاحيته، حيث سَبّبَ نقص الدواء إلى رواج تهريب بعض الأصناف الدوائية من دول الجوار، العراق- تركيا، وذلك بغاية الحصول على المزيد من الأرباح، ولو كان ذلك على حساب صحة المواطنين وحاجتهم، وربما حياتهم.

ومع استمرار إغلاق الطرق البرية، بظل الحصار المفروض على المحافظة من قبل إرهابيي «داعش»، سيبقى موضوع تأمين الأدوية عبر الجو هو الحل المتاح، ما يعني استمرار المشكلة، على الرغم من تأمين بعض الكميات الدورية للمحافظة، ولكنها تبقى دون الاحتياج الحقيقي، وما زالت قاصرةً على بعض الأصناف، وليس جميعها، ما يعني استمرار التحكم من قبل تجار الحياة بالمواطنين وصحتهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
799