محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

أزمة حقيقية في المواصلات بمنطقة الغوطة الشرقية

برزت في الفترة الأخيرة أزمة مواصلات حقيقية في مناق الغوطة الشرقية زادت من متاعب أهالي الريف، وخصوصاً في مناطق (عين ترما، حزة، كفربطنا، سقبا، حمورية، جسرين)، وهي معاناة يومية تصل إلى حد المأساة بالفعل، يعيشها بشكل يومي جميع الطلاب والعمال والموظفين المقيمين في هذه المناطق، وذلك حين توجههم قاصدين الوصول إلى العاصمة دمشق.

وبغض النظر عن الأزمة المرورية الخانقة الموجودة أصلاً في منطقة (العمارة، المناخلية، سوق الهال القديم)، والناتجة عن التجمع والازدحام الفظيع، فإن ما يزيد المشكلة وضوحاً هو أن الباصات السياحية الإيرانية تتخذ من تلك المنطقة مرآباً لها، ناهيك عن ضيق الشوارع ووجود الباعة الجوالين والعربات في كل زوايا السوق، ويضاف إلى ذلك تواجد الحواجز الأمنية بكثيرة على الطريق بين دمشق وسقبا، حيث أن عددها قد يصل إلى عشر حواجز أحياناً.

ومازاد الأزمة الحالية شدةً هو تقليص عدد الميكروباصات إلى النصف تقريباً، نتيجة لجوء الكثيرين إلى عمل آخر وإضراب غيرهم عن العمل بسبب فقدان مادة المازوت وارتفاع ثمنها.

يقول أبو أحمد (وهو سائق ميكروباص): «شيء طبيعي أن تصبح أمور المواصلات صعبة في هذه الأيام، فلم يبقى من الميكرويات سوى النصف، والعمل لا يأتي بثمار تكفي لسداد تكاليفه، كما أن المساء يحمل معه انحساراً شديداً للركاب في الغوطة الشرقية كلها، حيث لم يعد أحد من السكان يتجرأ على مغادرة المنزل، لذلك ترانا نحن أصحاب الميكروبات نروح ونرجع من الشام دون فائدة، ودون أي داع حتى، إذ لا يوجد أي راكب/ لذلك فقد أصبح الكثير منا يتوقف العمل منذ الساعة الثامنة».

ويقول أبو عبدو وهو سائق أيضاً: «إن هذا العمل لم يعد مقبولاً أو مرغوباً لدى الكثير من السائقين خصوصاً في الظروف الحالية، فالمازوت غالي الثمن وفي كثير من الأحيان لا نجد مازوت في الكازية، والمواد الغذائية يتضاعف ثمنها دون أن يستطيع العاملون في هذه المهنة من الحصول على ما يكفي من المال لسد الرمق، فكل شيء ارتفع ثمنه باستثناء أجرة الراكب بقيت كما هي؛ 10 ليرات».

ويقول نور وهو عامل: «إن عملي يتطلب مني العودة مساء في وقت متأخر إلى البيت، ولقد كانت المواصلات قبل الأزمة سهلة نوعاً، أما الآن فتغيرت الأحوال وبات من الصعب العودة إلى المنزل متأخراً لانعدام وسائل النقل والميكروباصات، وكثيراً ما أضطر للعودة بسيارة أجرة، والتي غالباً ما يأخذ سائقها مني أجراً مضاعفاً لإيصالي لمنطقة بعيدة ومحتقنة مثل كفربطنا في وقت متأخر».

ويقول محمد وهو طالب جامعي: «لقد أصبحت دائماً أتأخر عن الجامعة وبشكل يومي، والسبب في ذلك هو المواصلات التي تستغرق الآن من الزمن ضعف ما كنت تستغرقه في السابق، وذلك نتيجة لندرة الباصات التي تشتكي دائماً من عدم توفر المازوت وارتفاع ثمنه، وأرجو من الجهات المعنية النظر إلى هذا الموضوع بشيء من الاهتمام، فقد أصبح الناس في منطقتنا يركبون في السرفيس كالدجاج، وسعيد الحظ من تسنح له الفرصة في الجلوس على المقعد»..

يمكن القول أيضاً إن أزمة النقل في ريف دمشق قد تسببت بمشاكل كبرى أهمها فقدان الكثير من الشباب لعمله وتسريح العديد من الموظفين والمدرسين الوكلاء المقيميين في الغوطة الشرقية والمضطرين إلى الذهاب إلى العمل بشكل يومي، وفي هذا الصدد تقول بشرى: «أعمل في منظمة اللاجئين العراقيين وقد تم طردي من عملي نتيجة غيابي وتأخري المستمر عن العمل وذلك بسبب انقطاع المواصلات وانعدامها في كثير من الأحيان».

 

إن الوضع القائم يزيد من تعقيد الأمور واحتقانها ويزيد من درجة المشاكل في البلاد، وعلى مختلف الأوجه والأصعدة، وهو ما يجعل من الإصلاح أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد، فالمواصلات كمثال هي أبسط حق من حقوق المواطن وأبسط ما يمكن أن تقدمه الحكومة لمواطنيها.. فماذا تركت الحكومة للقضايا الأكثر تعقيداً؟!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
544