عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

دردشات القطاع العام.. والمعركة المصيرية القادمة

قبل أشهر، عندما صدر توجيه رئيس الجمهورية بإلغاء تأجير شركات الأسمنت، وشركة الحديد في حماة، عمت الفرحة بين الناس وخصوصاً في الأوساط النقابية والعمالية، واستبشرت خيراً بهذه المبادرة الطيبة، والخطوة الإيجابية في طريق التراجع عن خصخصة القطاع العام.

وبعد الحرب الهمجية الإسرائيلية الأمريكية على لبنان وبروز احتمال توجه العدوان ضد سورية، تعزز هذا الاتجاه أكثر فأكثر، إذ أعلن في نطاق الحكومة والجبهة الوطنية التقدمية: «أن التطورات أثبتت أن القطاع العام هو الوحيد القادر على القيام بأعمال التعبئة والجاهزية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف المجالات، ولا مجال لإضعافه».
بل إن بعض المسؤولين تنصل من تحمل مسؤولية الفترة السابقة التي سادت فيها توجهات الخصخصة والإيجار والتشاركية. . . فتضاعفت الفرحة والتفاؤل بأمل نكوص الحكومة عن سياستها الاقتصادية السابقة. . . . لكن التفاؤل بهذا التوجه - الأمل لم يدم طويلاً، وعادت حليمة إلى عادتها القديمة، رغم أن المعركة مع الإمبريالية وإسرائيل لم تنته بعد، بل ربما لم تبدأ بالمعنى المباشر، وسورية لازالت في دائرة الخط.
لقد عادت من جديد فكرة استثمار ساحة مرفأ اللاذقية وأرصفته الجديدة ورصيف الحبوب الموازي، ومحطة الحاويات، مع أنه تم تأجيل البحث في تأجيرها ـ كما جاء في الشقيقة «النور» ـ نتيجة معارضة عمال اللاذقية ونقاباتهم وإصرارهم على أن شركة المرفأ، قادرة بإمكاناتها الذاتية على تنفيذ كل مشاريع التطوير المتعلقة بالمرفأ.
يبدو أن سياسة الحكومة الاقتصادية في تصفية القطاع العام، بالخصخصة أو بالتأجير والتشاركية، لصالح الحيتان المالية، مع ماتلاقيه من معارضة شديدة من نقابات العمال والجماهير الشعبية، أصبحت استراتيجية ثابتة لا رجوع عنها. وليس من قبيل المصادفة اتضاح أن الحكومة أدارت ظهرها، لكل شعار تقدمي ورد في الدستور أو في أدبيات حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، وفي ميثاق الجبهة، وحتى للشعار الشهير الذي طرحه الرئيس الراحل حافظ الأسد: «لا حياة في هذا القطر إلا للتقدم والاشتراكية».
إن إعلان المسؤولية في نطاق الحكومة والجبهة ـ المنوه عنه أعلاه ـ عن الدور الكبير للقطاع العام في حياة البلاد السياسية والاجتماعية ومن حيث التعبئة الجماهيرية يشكل موقفاً وطنياً مميزاً، أخذت الظروف الموضوعية التي تمر بها البلاد والشعب بعين الاعتبار، ويتفق ويتلاءم مع الخطاب السياسي الذي كرس مقاومة الضغوط والتهديدات التي تتعرض لها سورية، خياراً وطنياً أقل كلفة من موقف الرضوخ لها.
أما عودة فكرة تأجير ساحة مرفأ اللاذقية .  . وغيره، تعني أن شهوة مراكمة الأموال من قبل الرأسماليين، هي فوق مصالح الشعب والوطن وهذه السياسة ستلقى مقاومة ضارية من قبل جميع فئات الشعب الكادحة ونقاباتها وأحزابها التقدمية.
والحكومة هي في مجال الاختبار، بين هذين الخيارين، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها سورية. فيا أيها الذين تمسكون بجميع مفاصل القرار في بلدنا باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، ذي التاريخ النضالي التقدمي، عليكم الاهتمام بمصالح الشعب المعاشية والديمقراطية التي يئن منها حتى درجة اليأس، وأن تعطوه على الأقل، المتطلبات التي تصون كرامة الوطن والمواطن، ليدافع عنها وعنكم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
283