عبد العزيز حسين عبد العزيز حسين

في الذكرى الثانية والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري منظمة الجزيرة.. تاريخ حافل بالنضال

شكل الثامن والعشرون من الشهر المنصرم بداية احتفالات شيوعيي الجزيرة - كما رفاقهم في بقية المحافظات السورية الأخرى - بالذكرى الثانية والثمانين لميلاد حزبهم العظيم، الحزب الشيوعي السوري، هذه الذكرى الخالدة والمجيدة  والغالية على قلوب جميع الشيوعيين وأصدقائهم.

وفي هذه المناسبة العظيمة، نجدد ونؤكد نحن شيوعي الجزيرة الصامدة، التزامنا وإيماننا بحزبنا وفكرنا الماركسي اللينيني، ونذكر بأن منظمة الحزب بالجزيرة هي من المنظمات العريقة والقديمة في سورية، ويؤكد ذلك نضالنا المستمر، مثلما تؤكده المصادر التاريخية.
 يقول (زياد الملا) في كتابه (صفحات من تاريخ الحزب الشيوعي 1924 - 1954): في التاسع من كانون الأول عام 1925، وفي خضم الغضب الشعبي ضد الاستعمار الفرنسي عقد الحزب مؤتمره الأول وحضر هذا المؤتمر (15) مندوباً بينهم مندوب عن الجزيرة.
والمنظمة حسب بعض المعلومات التي حصلتُ عليها من ذاكرة بعض الرفاق الأوائل، قد بدأت نشاطها فعلياً في أواسط الثلاثينات على يد بعض الرفاق الأرمن الذين أنهوا دراستهم من الخارج، و تحديداً الرفيق د. (أنجيان) الذي تخرج في هذه الفترة من فرنسا، وقدم إلى الجزيرة وهو متأثر بالحزب الشيوعي الفرنسي، وفتح عيادته في البداية بمدينة المالكية ثم انتقل إلى مدينة عامودا، وساهم د. (أنجيان) في نشر الأفكار الماركسية اللينينية في محافظة الجزيرة ومن خلال علاقاته وصلاته ومعارفه. ثم كلف الرفيق (جان صعيب) وهو من لبنان بالعمل في الجزيرة، وفعلاً فتح الأخير محل (كوّا) للتمويه، ولعب الرفيق جان دوراً كبيراً في تشكيل التنظيم في عدد من مدن الجزيرة، وكان للرفيقين (عبد الجليل سيريس، ناصر حدة)  أيضاً دور مهم في مساعدة الرفيق جان وغيره لنشر الأفكار وتعزيز التنظيم. ثم جاء دور الرفاق (آراكيل - عبد الأحد عبدلكي - ملكي عيسى - رمو شيخو - آرام مادويان - عثمان إبراهيم - أيوب شمعون - نوري الخالدي - رشيد كرد - ملا رشيد سعيد - جميل سعدون - جمعة قجو وغيرهم...) فأكملوا المسيرة.
ساهمت منظمة الجزيرة بالرغم من إمكانياتها المتواضعة آنذاك إلى جانب الشخصيات الوطنية في العمل الوطني ضد الاحتلال الفرنسي منهم (سعيد آغا الدقوري - حسين أسعد آغا - وفلاحي بياندور - وهيمو - وغيرهم...) من المناضلين الوطنيين ضد الاحتلال الفرنسي.
وكان للمنظمة دور مهم في تعزيز الوحدة الوطنية، وقد نشرت الجريدة المركزية (نضال الشعب) عدد «72 – 1950» مقالة في الصفحة الأولى تحت عنوان «مظاهرة القامشلي» جاء فيها: قامت منظمة الحزب بالجزيرة والمنظمات الشعبية الديمقراطية الأخرى بدور كبير في محاربة النعرات القومية والطائفية، وفي تغذية الكره للاستعمار والرجعية وتطوير الشعور الوطني الصحيح والإخاء الأممي الجامع، ففي صفوف هذه المنظمات تنتظم الجماهير الشعبية العربية - الكردية - الأرمنية - السريانية على السواء في جيش وطني وأممي واحد دون تمييز بين قومية وقومية أو عرق وعرق أو دين ودين .
وقامت منظمة الحزب بالجزيرة  في الخمسينات بجمع /7000/ توقيع على نداء (استوكهولم ) لتحريم السلاح الذري، وكان للرفيق رشيد كرد الدور الأساسي في جمع هذه التواقيع إلى جانب الرفاق الآخرين.
كما قادت المنظمة مظاهرة (24/تموز/1950) في مدينة القامشلي ضد العدوان الأميركي على كوريا وضد البيان الثلاثي  وضد الاستعمار الإنكليزي الأمريكي الفرنسي، وضد المشاريع الحربية الاستعمارية الهاشمية وغيرها، وفي سبيل تحريم القنبلة الذرية، ودعم السلم، والدفاع عن معيشة الشعب ضد الاحتكار والغلاء وغيره من المطالب الوطنية والديمقراطية والشعبية آنذاك.
وخاضت المنظمة المعركة الانتخابية للبرلمان بمرشحين «القائد الشيوعي والنقابي الرفيق إبراهيم بكري، والشاعر الكردي الكبير جُكرخوين،  والصديق الكبير للحزب فؤاد قدري جميل، وفاز الصديق، ولم ينجح الرفيقان نتيجة تدخل الأجهزة والتزوير. وكان لهذه المعركة الانتخابية دور بارز في نشر أفكار الحزب في الجزيرة.
وقادت المنظمة نضال الفلاحين ضد الإقطاع، وخاضت معارك عديدة من أهمها معركة: (أبو راسين) بقيادة الرفيق رفاعي، وقرية (علي فرو) بقيادة عابد شريف، وقرية (كريبري) بقيادة الرفيق ملا سليمان نسي، وقرية (خجوك) بقيادة الرفيق حسن عدلي، وقرية (نيف) بقيادة عبد الله حسن - ومنطقة (جراحي) بقيادة الرفيق نهروز، و(خانسري) بقيادة الرفيق مصطفى ظاظا، وقرية (تل خنزير) بقيادة الرفيق إبراهيم سيفو، و(تل براك) و(فايج) بقيادة الرفيق يحيى حاجي  وغيرهم من الرفاق في كافة مناطق الجزيرة، واعتقل المئات واستشهد البعض، وعلى رأسهم  الرفيق حاج عمر هيواني. كل ذلك في سبيل توزيع الأرض على الفلاحين وضد الإقطاع في المحافظة.
ولعبت المنظمة دوراً أساسياً في تأسيس العديد من النقابات العمالية وخاصة نقابة العتالة برئاسة الرفيق عثمان إبراهيم ونقابة الميكانيك برئاسة الرفيق ملكي عيسى. ووقفت المنظمة ضد النظام الديكتاتوري أيام الوحدة السورية المصرية واعتقل العديد من الرفاق وزج بهم في سجن المزة منهم ( رشيد كرد - صبحي أنطون - وغيرهم من الرفاق).
وكان للمرأة الشيوعية في الجزيرة دور مهم إلى جانب الرفاق في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية ومن أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقامت بتوزيع المناشير وحماية الرفاق الملاحقين وزيارة السجناء وأبرزهن فاطمة كالو أم سليم - عمشة خليل أم شلال - غزالة إبراهيم  أم جنكو - فاطمة أم سنانيك - مارين سروه - روزا مرحو –- منجة أم عابد شريف) وغيرهن العشرات بل المئات من الرفيقات في مختلف مناطق الجزيرة. كما كان لبعض رجال الدين الأفاضل دور في بناء وتوسيع المنظمة وأذكر منهم: (ملا شيخموس  جكرخوين - ملا رشيد سعيد - ملا يوسف بهلوي - ملا أمين - ملا عمر - ملا سليمان نسهي - ملا أسعد - ملا شيخموس خجي) وغيرهم من رجال الدين الأكارم.
كما أرسلت المنظمة العشرات من الرفاق للتطوع إلى جانب المنظمات الفلسطينية، فساهموا بشرف الدفاع عن القضية الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني المحتل، وجرح العديد منهم. وفي عام /1948/ أثناء معارك فلسطين كان لأبناء الجزيرة فوج خاص بهم، وأبدوا بسالة فائقة واستشهد منهم أكثر من /35/ مقاتلاً عرباً و كرداً وسريان .
وأكدت المنظمة على لسان ممثليها في مجلس الشعب ومجلس المحافظة وفي كل المنابر الأخرى  وقوفهم إلى جانب السياسة السورية الوطنية ضد التهديدات الأمريكية الإسرائيلية وعلى حرصها الشديد على الوحدة الوطنية، وطالبت ولا تزال تطالب بضرورة تعزيز دور القوى الوطنية التقدمية في حياة البلاد، و توسيع الديمقراطية وحماية المكتسبات التقدمية التي تحققت بفضل نضال العمال والفلاحين وجميع الكادحين، وخاصة القطاع العام وقانون الإصلاح الزراعي والعلاقات الزراعية وقرارات لجان الاعتماد، وأكدت على ضرورة إلغاء نتائج إحصاء عام /1962/ الاستثنائي بحق أكراد الجزيرة، وكذلك كل القرارات الاستثنائية الأخرى، وذلك تعزيزاً للوحدة الوطنية.
إن شيوعي الجزيرة أسوه برفاقهم في المحافظات الأخرى، يعتزون بتاريخ حزبهم ومنظمتهم ويفتخرون بصمود وتضحيات رفاقهم الأوائل الذين أعطوا ويعطون للشعب والوطن عرقهم ودمهم، وينحنون إجلالا لشهداء حزبهم ومنظمتهم وعلى رأسهم (حاج عمر هيواني - جمال جركس - محمود كرد ورفاقه) وغيرهم من الشهداء.. ويعاهدون الوطن أن يبقوا أوفياء مخلصين صادقين لهذا التاريخ المجيد، وأن يتابعوا المسيرة ورفع الراية، راية الماركسية اللينينية، راية الأممية الصادقة، والوطنية الصادقة بالرغم من كل الصعوبات والتعرجات والانتكاسات والأخطاء التي حدثت في الحركة الشيوعية مستفيدين من الأخطاء والنواقص بعيداً عن الجمود والعدمية، وأن يكونوا مع جميع القوى الوطنية والديمقراطية الأخرى في النضال من أجل وطن حر بشعب مقاوم.
إن شيوعي الجزيرة وأصدقاءهم يحتفلون في هذا العام بالذكرى الثانية والثمانين لتأسيس حزبهم، وهم ينظرون باعتزاز إلى ماضيهم، ويستمدون منه العزيمة والثقة بالمستقبل، وهم أيضاً أكثر تصميماً وإرادة من أجل التغلب على الانقسامات، ومن أجل وحدة الشيوعيين السوريين، مدركين جيداً الصعوبات التي تعترض طريق وحدتهم، وهم يملكون من الإرادة والخبرة ما يكفيهم للتغلب على هذه العراقيل، وإن الخطوات التنسيقية الوحدوية الأخيرة  بين الفصائل الاشتراكية والماركسية في مصر والأردن وتونس، والاجتماع السادس الأخير للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين بدمشق تأكيد على إمكانية تحقيق هذا الهدف النبيل والكبير للشيوعيين أينما وجدوا.
إن أهم تكريم لهذه المناسبة المجيدة هو في تجديد النضال وتعبئة كل القوى الوطنية والديمقراطية ضد التهديدات الأمريكية الإسرائيلية وكل الأخطار الأخرى المحدقة ببلدنا، والالتصاق أكثر فأكثر مع جميع الكادحين والدفاع عن مطالبهم الاقتصادية والمعاشية والاجتماعية والديمقراطية، هؤلاء الكادحون الذين يشكلون السياج المنيع والأمين لحماية الوطن .

معلومات إضافية

العدد رقم:
285