في قرية سعلو بمحافظة دير الزور قوةٌ سحرية .. أقوى من الحقّ والقانون وكل المسؤولين!!

كان قرار حلّ مزارع الدولة من أسوأ القرارات التي اتخذت, وجريمة لم يحاسب عليها أحدٌ لتاريخه, حيث أعيدت الكثير من الأراضي إلى الملاكين الإقطاعيين السابقين الذين اغتصبوها من عرق ودماء الفلاحين!! وقسم آخر وزعته اللجان المشكلة للقريبين من المتنفذين في هذه اللجان دون وجه حق. و وقسم آخر صار من حقّ العمال الذين كانوا يعملون في تلك الأراضي، والقسم الأخير كان من نصيب بعض الفلاحين المنتفعين الذين لا يملكون أرضاً.

وأراضي مزرعة «سعلو» تعرضت للمصير نفسه، وهي تبعد عن ديرالزور حوالي 30 كم شرقاً، وتابعة لمنطقة الميادين،  وللعلم فإن اسم «سعلو» مشتق من السعلاة و(السعلوية) باللهجة الشعبية، وهي الغول الوهمية في الأساطير المحلية,  ويبدو أنها تمنح البعض قوة سحرية لا نعلم سرّها للآن، تجعلهم يواجهون قوة الحق والقانون، وكل المسؤولين الإداريين والسياسيين في المحافظة، وعلى رأسهم المحافظ و أمين فرع حزب البعث, وحتى اتحاد الفلاحين بدير الزور، والاتحاد العام، والقيادة القطرية, فالجشع تعدى أملاك الدولة إلى أملاك هؤلاء المنتفعين!! وإليكم هاتين الحكايتين بالتفصيل المثير للأسى والغضب:
 
الغيلان تبتلع الأرض؟!
أربعة عشر فلاحاً من القرية ممن انتفعوا من توزيع أراضي المزرعة كونهم لا يملكون أرضاً، اعتدى وتجاوز على أراضيهم بعض من لهم صولة وجولة في القرية وحتى خارجها، فلم يترك المنتفعون باباً إلاّ طرقوه، ولا مسؤولاً إلاّ زاروه منذ عام 2004، وللآن لم يحصلوا على حقهم رغم الوثائق والقرارات والكتب واللجان، حتى القضاء الاستئنافي خذل بعضهم بسبب خلل شكلي فني بسيط جرى استغلاله!! فلجؤوا إلى «قاسيون» باعتبارها صوتاً للعمال والفلاحين ولكل الكادحين. وسنستعرض فيما يلي لمن يهمه الأمر الوثائق والقرارات والكتب التي تثبت حقهم:
•  قرار من المحافظ رقم 462 تاريخ 12 /1 /2004:
بناء على شكوى المنتفعين، وباقتراح من عضو مجلس المحافظة المختص، تشكيل لجنة لترسيم الحدود بين الفلاحين المنتفعين وأصحاب الأراضي المجاورة المعتدين، وأخذ تصاريح بعدم التجاوز في المحضر 115العقاري، تحت طائلة التوقيف العرفي، وتثبيت محضر جلسة أصولي بذلك.
•  محضر جلسة اللجنة بتاريخ 4/11/2007
أكد التجاوز، واقترح فيه تأجيل وضع الحدود إلى ما بعد قطاف القطن، إلا أن توصيات اللجنة لم تنفذ!!
• كتاب أمين فرع البعث رقم 2353 /وق ف تاريخ 30/1/2008:
 إلى مدير الزراعة، بناءً على كتاب اتحاد الفلاحين رقم 277/ص تاريخ 27/1/2008 لفرز جرارات للجنة، وضع الحدود للتنفيذ، أي بعد انتهاء قطاف القطن... ولم يُنفذ الكتاب !!
• كتاب من القيادة القطرية رقم 9007/ص تاريخ 24/6، وبناءً عليه كتاب من رئيس اتحاد الفلاحين بتاريخ6/8/2008 إلى المحافظ، للإيعاز لمدير المنطقة لتسليم المنتفعين أرضهم، ولم ينفذ شيء!!
كتابان من أمين الفرع إلى المحافظ، الأول بتاريخ 12/6، والثاني بتاريخ 15/9/2008 للمعالجة والاطلاع والإعلام بالإجراءات المنفذة.. ولم ينفذ شيء!!
• كتاب رقم 6004 تاريخ 14/10 من أمين الفرع إلى المحافظ، يتضمن أنه تم تشكيل أكثر من لجنة، وأن المتجاوزين المخالفين لقرار القيادة القطرية وقرار المحافظ يعودون للتجاوز، والإيعاز للسلطات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية لردعهم لتجنب حصول مشاكل اجتماعية .. ولم ينفذ الكتاب!!
• كتاب من المحافظ رقم 9243/مص تاريخ 1/12/2008 إلى مدير ناحية الميادين لتنفيذ التسليم وعدم تكرار التعدي بالسرعة الكلية .. ولم ينفذ !!
• كتاب من أمين الفرع رقم 8832 تاريخ 27/12/2008 يتضمن كل الكتب والقرارات السابقة إلى المحافظ، ويوضح أن مدير منطقة الميادين لم ينفذها، وهذه المرة طلب كتاباً من القضاء للتنفيذ، رغم تقديم اللجنة كل الوثائق .
•  ثلاثة كتب من المحافظ إلى مدير منطقة الميادين في 25/2 و23/3 و4/5 /2009 للتنسيق مع اتحاد الفلاحين للتنفيذ، تعاد من مدير المنطقة لعدم حضور ممثل الاتحاد محمد الركاض رئيس مكتب الشؤون الزراعية.
 
وهنا نتساءل: وهل هناك قوةٌ سحرية تمنع تطبيق القانون وقرارات الانتفاع؟!!
لقد اضطر ثلاثة من الفلاحين المنتفعين لرفع دعوى قضائية أمام محكمة الصلح المدني بالميادين، وحصلوا على حكم بالتنفيذ برقم 29 أساس 12 تاريخ19/3/2007، لكن محكمة الاستئناف فسخت القرار بتاريخ18/9/2007 بسبب خلل فني بسيط، وهو أن أحد الفلاحين الثلاثة لم يبصم على وكالة محاميه، رغم أن المحامي طلب عرض الوكيل المذكور أمامها شخصياً، لكن طلبه رفض!!
لم يبق إذاً أمام هؤلاء الفلاحين إلا التوجه إلى رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية عساهم يحصلون على حقوقهم، وبالتالي حقوق أبنائهم وأسرهم في هذا الوقت الذي أُثقل فيه كاهل الفلاح بالغلاء وارتفاع أسعار المازوت والسماد فأصبحت حياته ووجوده مهددين، فهل من منصفٍ لهم؟!! أم عليهم  انتزاع حقهم بأنفسهم عملاً بالمثل الشهير: ما حكّ جلدك مثل ظفرك؟!!
 
استضعفوها .. فأرادوا أكلها !؟
الحكاية الثانية لا تقل غرابة عن الأولى، فأرملة المواطن المتوفى محمد فرحان السعيد، جرى حرمانها مع أبنائها اليتامى من حقّ الانتفاع بأرض زوجها المشمول بقرار الانتفاع رقم 4022 تاريخ 1998، تحت حجة واهية بأن اسمه متشابه مع المواطن محمد فرحان العبيد الخلف!!
وبمساعدة من بعض الشرفاء في الجمعية الفلاحية في قرية سعلو اعترضت على ذلك، فطالبتها دائرة أملاك الدولة أن تثبت حقها بالأرض، فقام اتحاد الفلاحين مشكوراً بتوضيح الأمر في كتاب موجه إلى دائرة أملاك الدولة في مديرية الزراعة، يفيد أن المنتفع محمد فرحان السعيد لم يستلم أرضه، وأن المنتفع محمد فرحان العبد الخلف مستلم لأرضه.
 نحن بانتظار أن تقوم دائرة أملاك الدولة بدورها، وتعيد الحق لأصحابه الشرعيين، لتحقيق كرامة الفلاحين التي هي من كرامة الوطن، وفوق كل اعتبار.

معلومات إضافية

العدد رقم:
406