في المعهد الوطني للإدارة: إصلاح ينتظر من يصلحه! طلاب مداومون في مكتب العميد... ومهمات التدريس أشبه بالتنفيعة!!

كانت الفكرة من إنشاء المعهد الوطني للإدارة باقتراح وإشراف فرنسيين هو إعداد كوادر إدارية مؤهلة تنهض بمهمة الإصلاح الإداري لمؤسسات الدولة. وعلى هذا الأساس أنشئت مراكز أربعة في سورية بالاستعانة بالخبرات الفرنسية و علقت آمال جمة على هذه المراكز إلا ان النتائج على ما يبدو لم تكن متماثلة مع كم الآمال المعلقة:

بداية الإصلاح!

منذ البداية لوحظ عدم انطباق كامل شروط التقدم على بعض الطلاب المتقدمين ومن أهمها شرط الخدمة (إتمام ثماني سنوات خدمة حتى تاريخ 22/7/2004) حيث قام مدير المعهد ووزير المالية الأسبق بإعادة ثبوتيات القبول لكافة الطلبة في الفترة التحضيرية إرضاء للبعض منهم ومن أولئك الطلاب أصحاب الحظوة ممن كان يعمل رقيباً وحسيباً إن لم نقل مخبراً على زملائه بحكم موقعه في مكتب الطلبة العرب تحت علم عمادة المعهد ، معهد الإصلاح!. كذلك منذ البداية غابت الرؤية العلمية الموحدة والمشروع الواحد فيما بين المراكز الأربعة ولم يكن ذلك على مستوى المحاضرين وكم المعلومات المقدمة للطلاب ومدى نوعيتها وصلتها بعلم الإدارة فحسب بل على صعيد المناهج أيضاَ والتي تم إتباع أسلوب كيفي في تقريرها .وهنالك ما يتعلق بتوزيع حصص المقبولين في السنة الأولى بعد إعلان نتائج امتحانات الدورة التحضيرية ، فقد قررت إدارة المعهد أن عدد المقبولين سيكون خمسين طالباً ، نصفهم من العاملين في الدولة والنصف الآخر من العاملين في القطاع الخاص أو من غير الموظفين، ذلك دون مراعاة عدد المتقدمين من كل صنف، ودون مراعاة احتمال التفاوت في ترتيب العلامات ، مع العلم أن هذا التمييز بين موظف وغير موظف، أو بين عامل في القطاع الخاص أو العام ، يفتقد إلى أي عدالة في توزيع الفرص فيما بين المتقدمين.

ماذا عن الدوام؟

بالرغم من أن الدوام إلزامي لكافة طلاب المعهد إلا أن ذلك طبق جزئياً على عدد محدود من الطلاب فنسبة الدوام الفعلي لم تتجاوز الخمسين بالمئة اللهم بعض الطلبة الذين واظبوا على الدوام في مكتب العميد بشكل دائم وهم من حظيوا بوعد الترشيح والقبول بالمعهد ومن بين أولئك المداومين من نال شرف تكليفه بمهمات سفر خارجية ولم يتم فصلهم إثر عودتهم بالرغم من مخالفتهم للتعليمات الأساسية. ،هذا في مركز دمشق أما في بقية المراكز فعلى الدنيا السلام.

تغيب الطلاب لم يكن مشكلة بقدر تغيب المحاضرين أنفسهم،فقد ظهرت خلال السنة الدراسية حالات كثيرة من تغيب المحاضرين دون أن تكلف الإدارة نفسها الاعتذار من الطلاب أو إبلاغهم عن تأجيل موعد المحاضرة أو تأمين محاضرين بدلاء.

مناهج حسب الطلب

ومع أن ألف باء الإدارة تقضي بوضع الرجل الكفء في المكان المناسب إلا أن ذلك لم يكن قاعدة عامة في المعهد الوطني للإدارة فقد كلف العميد نفسه بتدريس عدة مقررات وهي ليست من اختصاصه ( مقرر تقييم المشروعات مثلاً) في حين وجود أساتذة أكفاء وخبرات كثيرة في البلد بإمكانها تدريس هذه المقررات كذلك تكليف هذا عدا تجاهل هذه الأسماء ، كما كلف مدير المناهج بالمعهد بتدريس مادة المحاسبة كمقرر لطلبة الدورة التحضيرية رغم عدم وجودها بمفردات منهاج السنة المذكورة. وكأن التدريس في المعهد المذكور أشبه ما يكون بالتنفيعة !

أما في المراكز الأخرى فهنالك مقررات عدة دمجت في بعضها وأعطيت في محاضرة واحدة ) مقرر الرقابة ومقرر تخطيط الموارد البشرية والمنظمة) إضافة لمقررات لم تعط أبداً في المراكز الأخرى والأمثلة كثيرة عنها( أساليب أخرى في الإدارة ،تقييم مشروعات، محاسبة تحليلية..( وبذلك كان الإعداد مختلفاً جداً بين مركز دمشق وبقية المراكز لطلاب الدورة التحضيرية وأتت الأسئلة الإمتحانية كما لو أنها معدة لطلاب اقتصاد أو طلاب حقوق وليس لطلاب إدارة .

أزمة لغات:

بالرغم من أن هنالك مناهج ليس من الضرر تدريسها في المعهد، إلا أن ذلك كان على حساب مناهج أساسية في صلب الإدارة ، أما مناهج الإدارة الرئيسية فقد تم تدريس البعض منها في آخر السنة الدراسية على سبيل رفع العتب ومنها اللغات الأجنبية. فمع أن المعهد قد أنشىءً بالاستعانة بخبرات فرنسية كما ذكرنا سالفا إلا أن ذلك لم يقنع إدارة المعهد بجدوى تعليم اللغة الفرنسية فيه، فطلاب اللغة الفرنسية يشتكون من التجاهل التام في تدريسهم للفرنسية وبنفس الوقت يشتكون من صعوبة الأسئلة الإمتحانية الفرنسية مقارنة بأسئلة اللغة الإنكليزية مع العلم أن منهم من درس في فرنسا سابقاً أو من درس الفرنسية قبل دخوله المعهد مما أعطى أفضلية لطلاب الإنكليزية في إمكانية النجاح وخلق عدم تكافؤ في الفرص فيما بين الطلاب. أما طلاب اللغة الإنكليزية فقد أعد لهم المعهد دورات لتدريس اللغة، لكن على حسابهم الخاص!

تأخر إجراء الامتحان الشامل في المعهد لأكثر من ساعة في المعهد وعاش الطلاب على أعصابهم أثناء فترة التأخير والسبب كان أقل من تافه: التأخير في طبع الأوراق الامتحانية.

هذا عدا عن الكثير من القرارات الإدارية المتضاربة كإلغاء تثقيل المواد الذي اتبع في السنة التحضيرية دون أي مبرر (بالمناسبة وضعت دون أي مبرر أيضاَ) والعودة إلى نظام المثل الواحد لكل مادة في السنة التحضيرية الثانية. كذلك إبلاغ طلاب المعهد بأن تفريغهم سيتم حتى العاشر من تشرين الأول بناء على موافقة رئيس مجلس الوزراء ومن ثم إبلاغهم في اليوم الأخير من الامتحانات بوجوب الالتحاق بأعمالهم في اليوم التالي لانتهاء الامتحانات.

هذا كله لا يثير أسئلة بقدر ما تثيره ملاحظات الطلاب الكثيرة حول تهريب أسئلة الامتحانات إلى بعض الطلاب

 

كما أنهم يشعرون بأن تلاعباً في تقدير العلامات جرى ويجري التحضير له، وهنا ستكون الكارثة الكبرى في بلد أراد الإصلاح فأناط بالمفسدين هذه المسؤولية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
228