وداعاً «بردى»!

لم يكتف البعض بما حملته الممارسات الخاطئة من ويل على النهر الذي اشتهرت به دمشق على مدى التاريخ، إذ هاهو الفريق الاقتصادي يتابع سيره على طريق «تجفيف» كل أنهار وسواقي البلد، واضعاً نصب أعينه القضاء ربما على جميع ما بقي للشعب السوري من منجزات ومكاسب ناضل طويلاً لتحقيقها، وعلى رأسها مؤسسات القطاع العام.

وهاهو وزير الصناعة يطلق مفاجأته الجديدة بإيقافه القسم الخاص بصناعة البرادات في الشركة العامة للصناعات الهندسية « بردى»، تحت ذريعة أن برادات بردى ذات العراقة والسمعة الطيبة التي التصقت بها طيلة 40 سنة بفضل جهود عمال الوطن وفنييه ومهندسيه.. لا تستطيع الصمود أمام « قوة ومتانة وروعة» البرادات التي ينتجها القطاع الخاص، وتحت ذريعة أن هذه البرادات تفتقد الكثير من مقومات المنافسة. وقد تناسى وزير الصناعة هنا أن هذا المنتج الوطني كان يباع بسعر معقول ومقبول يناسب الشرائح الأوسع من المجتمع السوري الذي يمثل أصحاب الدخل المحدود الأغلبية المطلقة فيه، وتناسى أيضاً أن الشركة العامة للصناعات الهندسية قد أثبتت في الفترة الأخيرة جدواها الاقتصادية، وربما هو الأمر الذي لم يرق للعديد من المتربصين بالقطاع العام.
فمن المعروف أن معمل بردى بدأ بتحقيق أرباح فعلية خلال السنوات القليلة الماضية، واستطاع أن يخفف من الخسائر التي لاحقته لسنوات قبل ذلك.
كل هذا يدفع إلى طرح السؤال الدائم: لماذا يصر البعض على تشويه سمعة القطاع العام؟ ولماذا دائماً تكون الرموز هي الضحية؟ وطبعاً لابد من الاستفسار هنا عن مصير 370 عاملاً لهم سنوات طويلة من الخبرة في هذا المجال؛ فهل سينتظرهم الشارع كما العديد من العمال السوريين الذين استيقظوا ليروا شركاتهم ومعاملهم مطروحةً للاستثمار السياحي« النيو ليبرالي»؟! وهل سيتم فرز هذه الخبرات الخلاقة إلى وزارة التربية أو السياحة مثلاً؟
المطلوب اليوم وقف هذا القرار المجحف دون إبطاء، وذلك حفاظاً على مكاسب السوريين وشركاتهم ومؤسساتهم العامة.   

معلومات إضافية

العدد رقم:
415