ماذا تقول يا صاحبي؟ الطحن… والطحين

صباح الخميس الماضي وفي لقاء ضمن رسالة حلب وزير الاقتصاد في إجابته عن سؤال للمذيع حول وضع الاقتصاد السوري ومدى تأثره بما يجري وبخاصة على صعيد المنطقة 

والعالم قال: إن اقتصادنا بخير وهو من حيث الأساسيات في خير.. وقوي.. والطريف أنه بعد انتهاء الرسالة التلفزيونية مباشرة صدح صوت مطرب بأغنية «ماحاسبك.. ما عاتبك.. خلي العتب بعدين». وأنا بدوري سأتجاوز هذه الطرفة وأسألك: ما هي الأساسيات في الاقتصاد؟!

■■ أساس الأساسيات ليس في الاقتصاد وحده، بل في الوجود كله هو الإنسان.

■ إذا كان  الأمر كما تقول فأين هو الخير الذي ينعم به اقتصادنا، طالما أن العنصر الأهم يعاني ما يعانيه من ترد وتدن مؤلم في حياته المعيشية. والشواهد أكثر من أن تعد وتحصى، فنحن أصحاب الدخل المحدود مادتها الأساسية. أما أن يغطي بعضهم الشمس بغربال فهو واهم وكلامه وهم سرعان مايتهاوى أمام حقيقة الواقع  وقسوته. ويكفي أن نستعرض صوراً سريعة من واقعنا من واقع شبابنا وبالأخص خريجي المعاهد والجامعات الوافدين إلى «ساحة» العمل ولاعمل، تعييهم الحيلة في اقتناص «فرصة عمل». ولن أسألك كيف تؤمن الدول الأخرى للعاطلين عن العمل نفقات معيشتهم، ولكنني أسألك: ما شعورك وأنت تبصر هؤلاء الشباب وهم يشكون حالتهم الصعبة المرة. وترى أحدهم «من حملة شهادة الحقوق منذ أكثر من أربعة أعوام» تطفر الدموع من عينيه وهو يقول: ليس معي ثمن رغيف خبز، وآخر من طلاب الدراسات العليا وهو يقول: ليس معه «أجرة» ركوب الميكرو من الجامعة وإليها فكيف يقول الوزير إننا بخير؟!!

■■ قوله هذا جزء من أقوال تقال وهي تملأ الآذان صباح مساء تتحدث عن الإنجازات التي لاتنتهي.. إنجاز بناء مدرسة أو مستوصف أو حتى تبليط رصيف!!

■ كل دول العالم ومن خلال حكوماتها وأجهزتها تتابع تنفيذ مهامها في إعمار بلادها وبناء مرافقها وخدماتها وغير ذلك، وهذا واجبها. فإن قامت بما يفوق هذه الواجبات الأساسية حق لها أن تفاخر وتعتز بما أنجزته أو تنجزه.

■■ هذا يذكرني بجار لنا بسيط حتى السذاجة، فهو يخاطب زوجته كلما أحضر الخبز من فرن قرب بيته: أحضرت لك الخبز.. هذا هو الخبز.. لقد أحضرته. يعيد ويكرر بمباهاة، وزوجته تنظر إليه حائرة مشفقة وتقول: أنا من أعطيتك ثمن الخبز، وكل الأزواج يحضرون الخبز لأسرهم. «تسمع جعجعة ولاترى طحناً ولا طحينا» فماذا تقول يا صاحبي؟!!