ندوة في الجزيرة: أهمية الحوار تزداد بازدياد المخاطر

في مساء 16/7/2003 ، وبمدينة القامشلي، عقدت ندوة سياسية دعا اليها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية، شارك فيها أكثر من ثلاثين من ممثلي مختلف الأحزاب والفعاليات السياسية المتواجدة في المحافظة من عربية وكردية وآشورية. وقد حضرها ولأول مرة وفد رسمي من حزب البعث العربي الاشتراكي كما حضر الندوة ممثلين عن :

1-التجمع الوطني الديمقراطي في سورية. 2-الحزب السوري القومي الاجتماعي. 3-الحزب الشيوعي السوري (جناح يوسف فيصل).4- اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين. 5- المنظمة الاشورية الديمقراطية. 6- لجان الدفاع عن حقوق الإنسان وإحياء المجتمع المدني. 7- شخصيات ثقافية واجتماعية مستقلة من المحافظة.

وننشر فيما يلي النص الكامل لكلمة الرفيق عبد الرحمن أسعد:

باسم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين أتوجه بالشكر للإخوة في الحزب الديمقراطي التقدمي،لدعوتهم لنا لحضور هذه الندوة. 

بداية لا بد من التأكيد على أهمية الحوار، على الساحة السورية بين جميع القوى والأحزاب الوطنية، الجبهوية وغير الجبهوية. وتزداد اهمية الحوار بازدياد المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها لبلاد. وبسبب الحاجة الماسة لاصلاح اوضاع البلاد. ولانجاح اي حوار، لا بد من توفر مستلزمات الحوار. وهذه الجلسة رغم اهميتها. لكن الشكل الذي مارسناه جميعاً في الحضور. والانتقال الى مكان الندوة (مكان آخر) بشكل شبه سري وعلى دفعات. له دلالات واضحة تعبر عن المستوى الديمقراطي. ومستوى الحريات الذي تعيشه الحركة السياسية، وربما لا نستطيع الحديث بحرية. (انا احد الحضور اخشى من الكلام) والاسباب متعددة اهمها: اننا كقوى سياسية نعاني من الخوف ومنع الحريات والمساءلة لسنوات طويلة....

ولا بد من القول بجرأة ان حواراً ديمقراطياً وطنياً شاملاً يستوجب ـ رفع الاحكام العرفية ـ وقانون الطوارئ وتوفير الحريات العامة بشكلها السليم المقونن ومنها حرية التظاهر وتشكيل الأحزاب وحرية التجمع والصحافة والكلام وحق الإضراب. فلإنجاح الحوار و العمل الوطني بمجمله نحتاج لتوفير الديمقراطية. بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وكما اكد الاخوة اهمية الحوار والوحدة اليوم اكثر من اي وقت مضى فان تلك المسالة كانت ضرورة قصوى، منذ ان سقط الاتحاد السوفياتي، وتغير موازين القوى على الساحة الدولية، وكان على قيادة البلاد ان تعيد النظر في التحالفات الداخلية وان توسع الاعتماد على قوى الشعب الخيرة من احزاب وجماهير وشخصيات , وان تعمل وتسير لملاقاة مصالح اوسع الجماهير في البلاد . ولكن الدولة لم تعر هذه المسالة الاهمية اللازمة. واستمرت الامور وكان شيئاً لم يكن.

لماذا أؤكد على حرية التفكير والديمقراطية، لأن التفكير والابداع وانجاح الحوار مستحيل دون توفر مناخ ديمقراطي.

حول مفهوم الوطنية : الوطنية لا تعني العيش داخل الوطن . والدفاع عنه. فقط ولا يمكن الفصل بينهما. فلا وطنية دون مستوى محدد من الديمقراطية ومستوى لائق من الاوضاع الاقتصادية ـ والاجتماعية وهذه تحفظ كرامة المواطن والوطن. وهكذا تكون الوطنية شاملة للديمقراطية و للاقتصاد ـ وللقضايا الاجتماعية.

حول المسالة الكردية: هي احدى مسائل البلاد وهي مرتبطة بمسائل الحقوق الثقافية والاجتماعية لباقي القوميات التي تعيش على الأراضي السورية. والمدخل لحل هذه المسالة هو الديمقراطية اي ان حلها يرتبط بشكل جوهري بالديمقراطية فهذه القوميات (الأكراد. الاشوريون، وغيرهم) تعيش مع العرب منذ مئات وآلاف السنين. وارتبطت مع العرب بوشائج عديدة دينية واجتماعية وثقافية وشاركت بفعالية في الدفاع عن هذا الوطن. وتحملت المآسي والآلام معهم. لكنها اليوم تعاني من عدد من الأمور فالأكراد مثلاً يعانون من مسالة الأجانب منذ 5/10/1962 الذين جردوا من الجنسية السورية. ورغم الوعود المتكررة.... لم تحل هذه المسالة حتى اليوم ومن تغيير اسماء القرى الكردية (تعريب) ومن مسالة فلاحي الغمر وحرمان الفلاحين الأكراد من الأرض . ومن تسريح العمال وفصل الطلاب الأكراد من المعاهد وغير ذلك من الممارسات وهذه الأخيرة خفت في السنوات الأخيرة. وكذلك من المحاربة بلقمة العيش (وهذه المعاناة تشمل الأكراد وغيرهم وتصل الى العرب) وغالباً يكون التقييم على أساس الإنتماء الحزبي. ويشمل هذا تقييم العاملين في الدولة وليس على أساس العمل نفسه ومدى الإخلاص والنجاح فيه.

والجميع يعرف حالات كثيرة عن  بعض البعثيين وبقية أطراف الجبهة غير النزيهين في دوائر ومؤسسات الدولة وقد حوسب العديد منهم في السنتين الأخيرتين الصحيح المنطقي أن يعامل المواطن في عمله على أساس الكفاءة والأداء. وأن تتوفر ضوابط وأسس لتقييم أداء العاملين في الإدارات ووظائف الدولة. جميع مجالات العمل في الدولة. وهذه خدمة لتطوير البلاد لا تقدر بثمن.

أما ما حدث في الفترة الأخيرة من مواقف متعصبة من العرب أو من الأكراد أو اتهامات.... إلخ فهي فردية. ولا تعبر عن وعي المسالة الوطنية. ومسؤولية ذلك تقع على القوى السياسية التي يجب عليها العمل لتجاوزها عبر الحوار واللقاءات. فالوطن ملك للجميع وليس ملكاً لحزب أو حركة.

أما حول الموقف من الأحداث الأخيرة التي جرت في بعض المناطق السورية . ورفعت شعارات حول المسالة الكردية والمواطن. فهي حق يراد به باطل ونحن في الحزب الشيوعي السوري /اللجنة الوطنية لوحدة الشوعيين السوريين/ لانملك معلومات دقيقة وكافية لاتخاذ الموقف اللازم في الوقت الحاضر. ويمكن القول أن أي حركة أو تنظيم وطني. يجب أن يستند إلى الوطن. لا إلى أي موقف آخر..

أما عن الاعتصام الذي جرى أمام مجلس الشعب. والمسيرة السلمية (للأطفال بمناسبة يوم الطفل).. وطالبت بالحقوق الثقافية للاكراد... فنحن بغض النظر عن موقفنا مما جرى ومدى تأييدنا لهذه الحقوق نعلن تضامننا مع السجناء الذين تم توقيفهم وهم 10 مواطنين. ونحن مع اطلاق سراحهم. وغيرهم من سجناء الرأي والمحرومين من الحقوق المدنية.. وقد بين الرفيق ابراهيم اليوسف موقف الحزب في هذا الجانب.

حول التعددية السياسية. التي يقال عن وجودها في البلاد. نعم هناك تعددية. لكنها غير قانونية. ومن الهام اصدار قانون عصري للأحزاب. ينظم عملها. ويلحظ الواقع السياسي في البلاد.

وحول الإخاء العربي الكردي. تحدث بعض الأخوة عن حسن العلاقات مع الأكراد. وهذا جيد. لكن نحن في هذا المجتمع نحتاج إلى مساواة كاملة في الحقوق والواجبات وإنهاء الاوضاع الاستثنائية تجاه الاكراد والقوميات الاخرى. عندها فقط يمكن الحديث عن الاخاء الحقيقي. وإنهاء حالات التعصب لدى جميع الأطراف. بل وتزداد الوحدة الوطنية رسوخا. فالوحدة الوطنية ليست شعورا يلزم به المواطن بتعميم. بل حالة واقعية تتحقق بالعيش والمساواة. في كل مجالات الحياة. أي باختصار نتيجة ممارسات ديمقراطية من قبل الدولة تجاه المجتمع الواحد.

أما عن موقف الحركة الكردية في سورية. والتي تشمل تنظيمات مختلفة فهي تجمع على الحقوق الثقافية والاجتماعية رغم بعض التباين في وسائل عملها كما أنها تعتبر نفسها قوى وطنية (وهذا صحيح) وتجمع على وحدة التراب السوري. ونحن نرى ان الحركة الكردية أو غيرها من الحركات القومية على أرض سورية يجب أن توسع صلاتها مع الأحزاب والقوى الوطنية السورية، جبهوية وغير جبهوية، وان تندمج اكثر في المجتمع السوري وأن تناضل من أجل حقوق كافة أبناء المجتمع فهي جزء من هذا المجتمع وحقوقها جزء من الحقوق العامة في سوريا.

وأخيراً أُوضح أن ما قلته من منطلق وطني ومن أجل تصميد سورية بوجه قوى السوق والسوء وضد مخططات الامبريالية الأمريكية الصهيونية العالمية ومن أجل كرامة الوطن والمواطن.

 

وشكرا لإصغائكم.