الوطن.. وأصحاب الاقتراحات (السحرية)

باقتراح مرفوع من وزارة الشؤون والعمل التي ما فتئت منذ عدة سنوات تبذل أقصى ما بوسعها لفرض مفاهيم معولمة حول قضايا العمل والعمال لا تتناسب مع المتطلبات والحاجات العامة للشرائح الأكثر فقراً في المجتمع السوري، وجهت القيادة السياسية للبدء بإعداد مشروع قرار يسمح بأن يتعاقد القطاع العام والحكومة والإدارات العامة مع الداخلين إلى سوق العمل لفترة زمنية محدد في نص العقد: 10 سنوات أو 15 سنة أو غيرها.. (حسب ما ينص عليه العقد) وذلك على النقيض من العقد المعمول به في شتى الوزارات حالياً والذي يبقى ساري المفعول حتى سن التقاعد.

وحسب الزميلة (سيريا نيوز) فإن وزارة الشؤون الاجتماعية صاحبة الاقتراح، شكلت لجنة لصياغة الشروط التي سيتم عليها نظام التعاقد الجديد.

إن هذه الخطوة التي تلجأ إليها الحكومة تأتي استمراراًً لمسلسل ادعاءاتها (الإصلاحية) التي لن تستطيع حل مشكلة البطالة المتفشية والمتزايدة بشكل كبير وجنوني من جهة، كما أنها لن تضيف إلا مزيداً من الأعباء على أصحاب الدخل المحدود والقادمين حديثاً إلى سوق العمل من جهة أخرى، حيث سيزداد القلق والشعور بعدم الاستقرار للعاملين بأجر وللعاطلين عن العمل على السواء، لأن هذا العقد المؤقت سيستمر في تقليص سنوات التعاقد بشكل مطرد وكلما ارتأت الحكومة أو أرباب العمل ذلك، كما أنه سيحرم العمال بشكل تدريجي من معظم حقوقهم: في الضمان الصحي والتعويضات والترفيعات والإجازات وغيرها..

وكان رئيس مجلس الوزراء محمد ناجي العطري قد أكد مؤخرا في تصريح صحفي أن «الدولة لا تستطيع أن تستوعب 1.3 مليون عامل في الدولة + 450 ألف متقاعد + العاملين في القوات المسلحة بحيث يصل العدد إلى 2 مليون عامل أي ثلثي السكان ترتبط حياتهم مع الدولة، ويتقاضون استحقاقاتهم من الموازنة الجارية التي وصلت إلى نحو 300 مليار وهذه الزيادة تؤثر سلباً في الموازنة الاستثمارية، عدا عن ضغوط تأمين فرص عمل لـ200 ألف مواطن من الفئة الشابة التي تمثل 65% من حجم السكان، ومشكلة البطالة المقنعة حيث الإنتاجية في الدوائر والشركات الإنشائية منخفضة دون 32%».

كما أكد رئيس مجلس الوزراء أنه في ضوء هذه الأرقام المشار إليها لا يمكن للدولة أن تتحمل مزيدا من الضغوط، ومن وجهة نظره أن هذا «التكدس غير موضوعي وغير منطقي»..

إذاً ما هو المنطقي الذي يبحث عنه رئيس الحكومة؟؟ هل هو الاستمرار في سياسة التخبط التي لا يدفع ثمنها في النتيجة سوى الاقتصاد الوطني الجريح والمنهوب والطبقة العاملة السورية المعدمة؟؟ أم أن المنطقي حسب رأيه هو الادعاء بالسعي لحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، بينما تأتي الوقائع واقتراحات الحلول لتعمق هذه الأزمات وتفاقمها أكثر فأكثر؟؟

لقد بات من الضروري إعادة النظر كلياً في سياسات الحكومة وتوجهاتها وقراراتها، وعلى القيادة السياسية أن تتنبه أكثر للمشاريع التي يعرضها عليها أصحاب (اقتراحات الحلول السحرية) فهي تسير بعكس المطلوب تماماً!!