نزار عادلة نزار عادلة

ويتحدث الوزراء عن «الدلال» الذي يعيشه المواطن!!

إن الانتقاص من الحقوق المكتسبة لذوي الدخول المحدودة خلال سنوات طويلة، أو ضرب هذه الحقوق في الصميم، أصبح شيئاً مألوفاً من خلال قرارات وقوانين أو من خلال تصريحات حكومية تبشر بقرارات وقوانين أشد إيلاماً، ويأتي هذا ضمن استراتيجية اقتصاد السوق «الاجتماعي» والتي فهم منها ضرب وتصفية القطاع العام ومصادرة  كافة الحقوق المكتسبة خلال سنوات طويلة.

وعندما نقول أن هناك تصريحات تبشر بقرارات وقوانين نستعرض جملة من التصريحات الواحدة والموحدة من السيد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وأكثر أعضاء الحكومة في المؤتمرات النقابية ومجالس الاتحاد العام للعمال، وجميع هذه التصريحات تشكو  من الظلم الذي تتعرض له الحكومة والدولة من العمال وأفراد الشعب، حيث يؤكدون في مؤتمراتهم على حقوق مكتسبة حصلوا عليها في سنوات سابقة وتكلف الدولة أموالا ًطائلة، ويتم الآن الانتقاص منها أو إلغاؤها، أو يشكون من الغلاء دون رادع أو محاسبة ويقولون: لقد شهدنا اقتصاد السوق، ولكن أين الاجتماعي؟

وأين حماية المواطنين وقد تآكلت زيادة الرواتب والأجور الأخيرة وفقدت جوهرها.

تشكو الحكومة من الظلم الذي تتعرض له.

عندما نستمع إلى الخطابات نشعر بأن هؤلاء يعيشون في  عاجية، وفعلاً هم يعيشون في أبراج ذهبية وليس عاجية، ولو لم يكونوا كذلك فعلاً لاطلعوا على الدراسة التي شارك بها 11 خبيرا ًدولياً في العامين الماضين، حيث جاءت الأرقام لتؤكد أن سورية تضم 5.3 مليون فقير يشكلون 30% من السكان مع تفاقم الحاجة المعيشية للعاملين بسواعدهم وأدمغتهم من خلال تآكل الرواتب والأجور وتراجع القوة الشرائية عما كانت عليه في سنوات سابقة.

هم يعيشون فعلا ًفي أبراج عاجية، وإلا كانوا سمعوا أو قرأوا بأن أكثر الدول الرأسمالية تقوم حكوماته بوظائف تقليدية تتعلق بإشباع الحاجات الأساسية، كالخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة وغيرها، بالإضافة إلى الضمانات ضد البطالة مع وجود سلم أجور متحرك يرصد حركة ارتفاع الأسعار من أجل زيادة الأجور.

نعم، نحن نصاب بالخيبة والانكسار والخجل عندما نسمع من يؤنبنا ويوبخنا على الإسراف والتبذير وعلى الأرصدة التي نودعها شهرياً كوفر من رواتبنا وأجورنا على حساب الدولة.

عفواً أيها السادة الوزراء:

ألغوا الدعم بلا مقدمات، وألغوا كافة الحقوق المكتسبة وألغوا الرواتب والأجور، ونحن على استعداد لأن نكون «مرابعين» أي بأكلنا وشربنا فقط، ولكن بشرط أن لانشعر بالذل والخجل أمامكم.

قال السيد الوزير أمام مؤتمر عمال النفط:

لايوجد دولة في العالم تقدم لشعبها ماتقدمه سورية، مبيناً أن خسارة الدولة في قطاع الطاقة لعام 2005 كانت 350 مليار ل.س نتيجة الفرق مابين السعر الحقيقي للمشتقات المستوردة والمصنعة محلياً ورغم ذلك فإن الدولة تغطي هذا الفرق.

وتساءل السيد الوزير:ولكن إلى متى؟

وقال: إن المازوت يشكل مشكلة كبيرة في سورية حيث بلغ معدل الاستهلاك العام الماضي 1.7 مليون طن في حين سيصل العام القادم إلى حوالي 5.7 مليون طن تنتج منه سورية حوالي  4 مليون طن والباقي يتم استيراده وقد يتجاوز العام الحالي سعر الطن الـ 500 دولار مبيناً الفرق مابين السعر الذي تبيعه الدولة والسعر المستورد في كل لتر مازوت هو 23 ل.س وخسارة سورية في بند المازوت تعادل 220 مليار ل.س.

طبعاً لم نكن نأمل أن يتحدث السيد الوزير عن الإجراءات التي اتخذت من أجل الحد من الهدر في مصاريف محروقات وإصلاح ومهمات سيارات المسؤولين في كافة مواقعهم الإدارية والسياسية وغيرها، وهي مبالغ تعادل ما تقدمه الدولة من دعم للطاقة وغيرها، ولم نكن ننتظر بأن يتحدث السيد الوزير عن إجراءات اتخذت لمحاربة الفساد  ا لذي يعشعش في الشركات التابعة لوزارة النفط وغيرها، ولو تمت المحاسبة لاسترجعت أموال فلكية.

ولم نكن ننتظر من الحكومة الحديث عن الأموال المهربة إلى الخارج والتي تفوق استثمارات الكويت والسعودية في دول العالم، ولكن السيد الوزير تحدث عن الدلال الذي يتمتع به المواطن ويعيش في ظله، وعن البحبوحة التي ينعم بها، وقد سبق لأكثر من مسؤول أن أعلن أكثر من مرة بأن عهد الدولة الأبوية قد ولى ولن يرجع، وفي هذا السياق ترتفع الأٍسعار بشكل جنوني دون ضوابط ويتدهور الوضع الاجتماعي والمعيشي لأكثر من نصف الشعب السوري، ويستمر التخبط الاقتصادي والمواطن يدفع الثمن!!