المنطقة الشرقية بؤرة توتر أم قاطرة نمو؟

تعد المنطقة الشرقية الخزان الحقيقي لمعظم الثروات الطبيعية في سورية، وهذه الثروات كثيرة ومتنوعة واستراتيجية لدرجة أن المرء يستغرب الإهمال التاريخي لها، وغياب دور الدولة الفاعل عنها سواء من حيث الخدمات والمشاريع التنموية، أو من حيث الاهتمام بالموارد البشرية وتطويرها وتلبية حاجاتها الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، أو من حيث الإدراك الحقيقي لمستوى وحجم مساهمتها الكامنة في النمو الشامل فيما لو جرى الاستفادة منها بشكل صحيح..

المنطقة الشرقية هذه والتي تضم أجزاء كبيرة من البادية الشامية والجزيرتين العليا والسفلى، وتقوم فيها مدن كبيرة (ديرالزور ـ الرقة ـ الحسكة – القامشلي- البوكمال وغيرها..)، وتنتج تربتها أهم المحاصيل الزراعية كالقمح والقطن، وتحتوي أعماق تربتها على أهم الثروات المعدنية والنفط، ويجري فيها أهم الموارد المائية (نهر الفرات).. هذه المنطقة في ظروفنا الحالية تعتبر من المناطق الأكثر تخلفاً في البلاد وهي الأكثر فقراً دون منازع، وهذا فيه من الخلل الخطير الشيء الكثير أنتج وسينتج آثاراً اجتماعية واقتصادية وسياسية بغاية الخطورة إذا استمرت الأمور على ما هي عليه..

انطلاقاً من كل ما سبق، ورغبة منا في التعرف أكثر إلى أهمية المنطقة الشرقية من جميع النواحي، أجرت قاسيون حواراً موسعاً مع د.حيان سليمان المطلع على خصوصية المنطقة ودورها الحالي والمستقبلي وآفاق تطورها..

* د. حيان، أين تكمن أهمية المنطقة الشرقية؟

المنطقة الشرقية تأخذ أهميتها من خلال كونها منطقة سورية أولاً وتقع على حدود دولتين! وفيها أغلب الموارد البشرية والمادية والمالية وتعتبر مخزناً استراتيجياً للاحتياطي المائي والثروة الحيوانية والزراعية والنفطية ولذلك يجب أن تتوجه إليها الاستثمارات سواءً كانت عامة أم خاصة.

يقول علامتنا الكبير ابن خلدون (ما من أحد يقدم التنمية غير الداخل) إذاً القضية تحتاج إلى عمل من الداخل ـ لنأخذ المنطقة الشرقية ـ من المعروف أن عوامل نجاح أي مشروع اقتصادي يكون بتوفر عدة عوامل: المادة الأولية، الأيدي البشرية، ورأس المال اللازم ولكن الخطأ الذي يقع فيه كافة أو أغلب الاقتصاديين أنهم يركزون على (رأسمال) ويعتبرونه من أهم العوامل، نعم أنا لا أنكر دور الرأسمال في نجاح العملية التنموية ولكن أركز على الرأسمال المتجدد البشري.

ما وُضع على الورق، وما سينفذ على الأرض

على الحكومة أن تعمل ليس من موقعها وإنما من ضرورة أن توجد استراتيجية لتحول /185/ ألف كيلو متر مربع إلى 185 مركز نمو وبالتالي أن لا تضيّع ذرة تراب إلا وأن تستفيد منها ولا طاقة بكافة أنواعها (مادية ـ بشرية ـ مالية) إلا وأن تستفيد منها ـ المنطقة الشرقية تحد دولتين كبيرتين (تركيا ـ العراق) ـ مساحتها تعادل أكثر من 16% من مساحة سورية حيث  تبلغ 7601 هكتار ـ وأقصد هنا طبعاً بالمنطقة الشرقية (دير الزور ـ الرقة ـ الحسكة) ـ عدد سكان هذه المنطقة 3 مليون إنسان ـ تتميّز هذه المنطقة بكثرة الأراضي الخصبة التي يمكن استثمارها زراعياً وأيضاً بإمكانية إقامة مناطق صناعية أو معامل تتناسب مع المواد الأولية المتواجدة هنا. ولو عملنا دراسة إحصائية لهذه المنطقة فإننا نرى أن كافة أنواع المواسم موجودة.

كافة هذه الأمور يمكن أن تقيم حركة صناعية تنموية تصنيعية تقوم باستثمار هذه المواد ـ ولتحقيق معدل النمو(7%) لا بد من ربط الزراعة بالصناعة أو ما يدعى (بالتصنيع الزراعي) ماذا أعني بهذه النقطة؟ أعني بأن تكون منتجات الزراعة مدخلات للصناعة، فتقوم الصناعة بإعطاء منتجات (مخرجات) تدخل كمدخلات في الصناعة.

وبتقوية هذه العلاقات القطاعية أو التشابكات ما بين الزراعة والصناعة يمكننا أن نصل إلى معدلات نمو في المنطقة الشرقية.

أقول إن أهمية هذه المنطقة تأتي من خلال مساحتها الواسعة ـ ومن خلال سكانها وكوادرها المؤهلين ـ من خلال إحاطتها بدولتين (تعتبران بؤرتان من بؤر التوتر في العالم) ـ ومن خلال الثروة المائية فيها ـ ومن خلال قدرتها على امتصاص هذه البطالة بكل أشكالها وأنواعها ـ ومن خلال التكامل الزراعي والصناعي ضمنها.

وفي هذا الصدد كل ما أرجوه أن يكون هناك نوع من التوافق والترافق بين ما وضع على الورق وما سينفذ على الأرض.

المشكلة ليست في التوصيف فقط.. وإنما في العلاج

* ما المشاكل الناجمة عن تخلف هذه المنطقة ؟وما هي اتجاهات تطويرها ؟

أريد أن أقول إنه أثبت التاريخ دائماً أن هناك علاقة بين المشاكل الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية وبقناعتي أن هذه العلاقة تتجلى من خلال دراسة العلاقة بين البطالة من جهة وبين المشاكل الاجتماعية والسياسية، فكل عاطل عن العمل هو بؤرة توتر. فالعاطل عن العمل يبحث عن وسيلة تأمين معيشته وهو إذا لم يجد فرصة عمل في قطاع منظم سيلجأ إلى قطاع غير منظم وهذا ما كنت قد أكدته في جمعية العلوم الاقتصادية في محاضرة لي في مكتبة الأسد الوطني (اقتصاد الظل في سورية بحدود 40% ) وبخصوص هذا الموضوع فالمنطقة الشرقية من أكثر المناطق التي تعاني من البطالة وتصل بها إلى 16ـ 17%.

هنا المشكلة ليست في التوصيف،لكن المشكلة تكمن في العلاج.

بقناعتي حتى نعالج هذه الأمور يجب أن نضع الخريطة الاستثمارية ،ماذا تعني الخريطة الاستثمارية؟ هو أن أحاول أن أصل إلى نقطة أعرف فيها أين تتمركز الموارد ومن ثم أبني الصناعة التي هي قاطرة التنمية القادرة على استثمار هذه الموارد لعدة أسباب:

السبب الأول: أن تحويل الموارد الغذائية إلى مواد مصنعة يؤدي إلى تعظيم القيمة المضافة، والقيمة المضافة هي مقدار ما يضيفه العمل على السلع عندما تتحول في سياقها الانسيابي من مادة أولية إلى مادة مصنعة.

السبب الثاني: الاستفادة من الأرباح ،فهنالك فارق كبير بين ما يصدّر كمادة خام و ما يصدّر كمادة مصنّعة.

السبب الثالث: لدينا هجمة كبيرة على سوق العمل (حيث ينضم إلى سوق العمل أكثر من 200 ألف فرصة عمل سنوياً).

أعتقد وبلغة واقعية أن القطاع الحكومي غير قادر على أن يستوعب هذه 200 ألف فرصة عمل على الإطلاق.

ولكن تفعيل الخريطة الاستثمارية سيؤدي إلى بناء المشاريع، والذي بدوره سيؤدي إلى تشغيل اليد العاملة وبالتالي تشغيل اليد العاملة سيؤدي إلى تقليل نسب الإعالة وبالتالي يؤدي إلى امتصاص البطالة وبالتالي يمكن أن تحل الكثير من المشاكل الاجتماعية إذا ما عولجت اقتصادياً.

المنطقة الشرقية تتطلب تدخلاً حكومياً إسعافياً

هنا لا أركز فقط على الصناعة وإنما أيضاً آخذ قطاع الخدمات بعين الاعتبار، حيث أنه ومن خلال دراسة متواضعة قمنا بها في المنطقة الشرقية، وجدنا أن عدد الفنادق جداً قليل.

التوازن الاجتماعي هناك سيأتي ضمن إطار إجراءات اقتصادية تتناغم مع أهداف وتطلعات اجتماعية يأتي في مقدمتها ما نص عليه الدستور السوري وهو تأمين فرصة العمل الحقيقية للمواطن.

 تمّ تشكيل هيئة لتطوير هذه المنطقة ـ كما تمّ وضع الخريطة الزراعية أيضاً في هذه المنطقة ـ وأيضاً الخريطة الاستثمارية ـ تمّ تحديد بعض المناطق التي يمكن أن تخصص للاستزراع الرعوي ـ تم إقامة محميات ومنشآت ـ هناك توجه لإيجاد نوع من التكامل في الصيغة ما بين التكامل الحيواني والنباتي.

لقد قرأت أخيراً في الصحف أن هناك مخططات تنظيمية وعمرانية لهذه المنطقة والبدء بالتفكير بإقامة محميات للطيور أيضاً وهنا اقترحت أيضاً في مقالة سابقة على ضرورة تشكيل مجالس مختصة (مجلس القمح ـ مجلس القطن ـ مجلس لكل المواسم التي يمكن أن تكون موجودة وأن يتركز الإرشاد الزراعي بشكل خاص في هذه المنطقة) لزيادة مردودية الهكتار الواحد من الأرض. وأيضاً هناك الثروة المائية، حيث أنه من المعروف أن المنطقة الشرقية تعطي من الثروة المائية السورية بحدود 58%.

هنا أيضاً يمكن أن نقترح الاهتمام بالثروة الحيوانية ويمكن أن ندخل تشابكاً صناعياً معها من خلال نقل مؤسسة الأعلاف أو دعمها في تلك المنطقة أي بيت القصيد أقول (وبصراحة) إن المنطقة تتطلب تدخلاً حكومياً، ولا يمكن أن تترك لمبادرات القطاع الخاص، فالقطاع الخاص أحياناً يشتت الموارد، إذاً الموضوع يحتاج إلى (خطة منهجية) بحيث تكون الدولة هي اللاعب الأساسي فيه أي تعرف أين تقيم المعمل وما هي مبررات هذا المعمل؟ لأن التنمية الاجتماعية أحياناً ببعدها تتجاوز التنمية الاقتصادية فالتنمية الاجتماعية  تنمية شاملة ـ مجتمعية ، ولا يمكن التعبير عنها بالأرقام في حين أن التنمية الاقتصادية يمكن التعبير عنها بالأرقام (وأهم رقم مكوّن لها هو النمو الاقتصادي).

المشاكل الاجتماعية يؤججها عاملان: خارجي.. وداخلي

* أي أن حل المشاكل الاجتماعية يتطلب استثماراً اقتصادياً؟

أعود وأقول أن التوازن الاجتماعي يتطلب استثمارا اقتصادياً، هذه هي المعادلة.

أنا لا أنظر إلى المشكلة الاجتماعية أنها متوضعة في مكان ما ولكن أنظر إلى المشاكل الاجتماعية أنها دائماً تتأجج بعاملين:

العامل الأول داخلي: يعطي نوع من الاستعداد.

العامل الثاني خارجي: الذي يؤجج العوامل الداخلية.

هنا أذكر حادثة رواها الجاحظ وهي حادثة رمزية، فالجاحظ يروي الحادثة على الشكل التالي: «كان هناك مجموعة من الشجيرات الصغيرات الباسقات، رأين فأساً بينهن، فقالت شجيرة صغيرة لأختها: والله ما رمي هذا الفأس بيننا لخير ،فأجابتها أختها قائلة: إذا لم تكن إحداكن عصاً لها فلا تخفن».

أعتقد أن الرؤية العلمية لبؤر المشاكل في أية منطقة على الأرض السورية تساعدنا في المسيرة التنموية هذا من جهة ومن جهة ثانية فعندما تكتمل الخريطة الاستثمارية الزراعية والخريطة الاستثمارية الصناعية، فيمكن عندها أن يتم التكامل ما بين الزراعة وما بين الصناعة.

المطلوب تنفيذ مشاريع صناعية تتكامل أمامياً وخلفياً

وما هي الخطة العملية لذلك؟ الخطة العملية (واضحة) بكل ما تحمله الكلمة من معنى مثلاً: إقامة مصفاة للنفط في دير الزور (وقد بُدىء بها) بـ طاقة 4 مليون طن سنوياً (على ما أعتقد) كما يمكن إقامة معامل للصناعات البتروكيمياوية في تلك المنطقة .

ـ يمكن الاستفادة من مفهوم (العناقيد الصناعية) ما هو العنقود الصناعي؟

هو أن أعرف تماماً المشاريع الصناعية التي تتكامل أمامياً وخلفياً مثلاً: القمح يزرع بكميات كبيرة في المنطقة الشرقية ـ حيث يمكننا إقامة معمل لصناعة المعكرونة ، وبالتالي هذا المعمل سيولّد بدوره فرص عمل سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة وتؤكد كل الدراسات أن كل فرصة عمل مباشرة تخلق حوالي 3 فرص عمل غير مباشرة.

هنا أيضاً آتي إلى اللغة الرقمية، أي معمل يتناسب مع ثروة تلك المنطقة يمكن أن يعطي قيم مضافة عالية ، فالقمح مثلاً تصل أحياناً القيمة المضافة فيه إلى أكثر من 800% .

ولو أخذنا القطن وهو أحد الموارد الأساسية في المنطقة يجب أن نصل إلى النقطة الصفرية في تصدير المادة الخام، ماذا أقصد بالنقطة الصفرية؟ أقصد بها أن لا يصدّر إلا كمية قليلة جداً وأن يستثمر الباقي استثماراً داخلياً وكذلك القمح والشعير والثروة الحيوانية ..إلخ

خطورة الاستيراد على الاحتياطي من القطع الأجنبي

وقد يقول البعض أن إقامة مثل هذه المشاريع قد لا تنجح ،هنا أقول يجب أن نبحث بلغة تشريحية علمية عقلانية عن سبب فشل هذه المشاريع وليس بإعطاء وصفات مجانية تعتمد أكثر ما تعتمد أحياناً إلى حد ما على التنجيم. وإنما يتطلب الموضوع دراسة وتحليلا وتشريحاً  لهذا الموضوع.

لنأخذ مثال آخر: إقامة مشروع لصناعة الألبان والأجبان والزبدة وحليب الأطفال خاصة وأن المنطقة الشرقية تساهم بحدود 21% من إجمالي الحليب المنتج في سورية، فإذا قمنا بإقامة معمل لصناعة الحليب والزبدة، فإننا بذلك نستطيع أن ندرس كم من مادة الزبدة نستورد، حيث أنه بمقدار ما يتم الاستيراد بمقدار ما يتم الخطورة على الاحتياطي من القطع الأجنبي الموجود في المصرف خاصة في ظل الظروف الحالية التي تحيط بسورية من تكالب واشتداد الهجمة الغربية ، وبالتالي إذا لم نعتمد على هذا التوطين الصناعي بمتطلباته القليلة فلا يمكننا التطور.

كما يمكننا إقامة المشاريع التالية: (معمل للدباغة) ،معمل للإسمنت ،كما يمكن أن تتوجه القروض الزراعية إلى تلك المنطقة وأن يتم ضمان بعض المواسم، حيث أنه هناك الكثير من الأخوة المزارعين في تلك المنطقة يضمنون مواسمهم لمافيا معينة تتلاعب بلقمة العيش، فهنا يمكن للمصرف الزراعي أن يعطي قروضاً بضمانة الموسم.

هناك أيضاً نقطة غير مرئية اُكتشفت حديثاً، حيث أنه يمكن في المنطقة الشرقية زراعة النباتات الدوائية التي تستخدم في الطب من خلال قيام مزارع معينة لها.

المنطقة الشرقية جزء عضوي من النسيج السوري، جزء من الحركة التنموية

* إذاً برأيك يجب إدماج هذه المنطقة في عملية التطور الاقتصادي الاجتماعي اللاحقة ولماذا ؟

يجب أن ندرس هذه المنطقة كجزء عضوي من النسيج السوري و كجزء من الحركة التنموية وأيضاً كجزء من الخطة الزراعية والصناعية حتى نصل إلى المطلوب.

الإمكانية موجودة ولكن كل ما نحتاج إليه هو أن يتم التناغم والانسجام ما بين الإجراءات من جهة وما بين الإمكانيات الموجودة في المنطقة الشرقية.

أما فيما يتعلق بالقيمة المضافة، فهو المفهوم الدارج في اللغة الاقتصادية، إلا أن موضوع الربح أحياناً يكون موضوعاً ضبابياً وخاصة في المجال الحكومي،وهناك الكثير من النظريات الاقتصادية التي تؤكد على أنه في البداية يجب تطوير القيمة المضافة لأن الربح مؤشر فردي.

كيف الوصول إلى تعظيم القيمة المضافة؟

قناعتي أن أكثر المشاكل حتى في القطاع العام عندما توجه له بعض الاتهامات هي ناتجة عن عدم المعرفة بالفارق الأساسي بين القيمة المضافة والربح.

 أحياناً البعد الاجتماعي يكون عاملاً ضاغطاً على الربح  الذي قد يؤدي إلى زيادة النفقات الداخلية فتؤثر على نسبة الأرباح.

إذاً القيمة المضافة هي الأساس.

ومن خلال دراسة بسيطة للموارد في المنطقة وجدت أن كلها تعطي قيماًَ مضافة سواءً كان في المجال الصناعي أو المجال الزراعي أو في المجال الخدمي.

فلو افترضنا أننا قمنا ببناء تجهيز البنية التحتية في المنطقة الشرقية بإيجاد تكامل ما بين الخدمات من جهة وما بين القطاع الصناعي والزراعي من جهة أخرى فأن ذلك سيؤدي إلى تعاظم القيم المضافة والذي بدوره سينعكس على سورية بأكملها.

ففي صناعة الغزل والنسيج تصل القيمة المضافة فيها إلى 500%، وفي صناعة التبغ تصل القيمة المضافة إلى أكثر من 1000%.

 هناك نقطة أخرى لاحظتها في المنطقة الشرقية تتمثل بالفوضى العمرانية ،هنا أؤكّد بأنه  يجب إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية للمنطقة، فمثلاً إحصائيات 2005 أكدت أن المنطقة الشرقية تضم 10 مناطق تشكل نسبة 16% من مناطق سورية و40 ناحية تشكل 15% من نواحي سورية و16 مدينة تشكل 14.4% من مدن سورية.

على صعيد القرى، عددها في هذه المنطقة 1724 قرية من إجمالي قرى سورية أي نسبة 37%.

ـ العبرة الاقتصادية هنا: إن هناك انتشاراً للقرى بشكل لا يتناسب مع عدد المناطق والنواحي وهذا يترك عبئاً على التنظيم العمراني من خلال تأمين مقومات الحياة (كهرباء ـ طرق ـ صوف صحي.. الخ).

عوامل النمو داخلية بالدرجة الأولى..

يفضل لو تمّ تنظيم هذه القرى العشوائية ضمن وحدات سكنية نظامية كما يفضل دراسة كيفية تنظيم المجتمع الريفي حتى في المجال السياحي. في محافظة الحسكة يوجد 691 موقعا أثرياً مسجلاً وهذه المنطقة تدعى منطقة التلال وهي تعكس الحضارة البيزنطية والإسلامية والأيوبية .

كل هذه الأمور يمكن أن تشجع الاستثمار السياحي،بإقامة قرى سياحية نموذجية وتشجيع السياحة الدينية فهناك مقامات وأديرة قديمة وآثار تعود إلى الآشوريين والكلدانيين والأكراد.

ـ برأي أن الإمكانية متاحة للاستثمارات الداخلية وتفعيلها ورغم أهمية الاستثمار الخارجي إلا أن أهمية الاستثمار الداخلي أكبر وبالتالي فأنا أركز على الاستثمار الداخلي لأن عوامل النمو عوامل داخلية.

وهنا أقترح:

1 ـ زيادة نصيب هذه المنطقة من الاستثمارات.

2 ـ تفعيل البنية التحتية والإسراع بإيجاد المخططات التنظيمية.

3 ـ إعطاء حوافز وتقديم تسهيلات للمستثمرين.

4 ـ تطوير المشاريع الصغيرة وتشكيل حاضنات الأعمال .

5 ـ دعم مراكز التنمية الريفية كالمراكز الموجودة في الشدادة وتل حميس وتطوير الصناعات المحلية.

6 ـ يمكن المشاركة مع الرأسمال العراقي والتركي في قيام بعض المشاريع المشتركة وخاصة أن عائدية الرأسمال في هذه المنطقة كبيرة وكذلك القيمة المضافة.

وبالتالي الحكمة الاقتصادية أين تكمن؟ تكمن في أن تحوّل اللامورد إلى مورد.

المستعمرون الجدد يبحثون عن نقاط التباين لتحويلها إلى بؤر توتر! 

وأخيراً كلنا يعرف أن المستعمرين الجدد يبحثون عن نقاط التباين ليحولوها إلى مشاكل وبؤر توتر، لذلك لا يجب ترك هذه المشاكل في الداخل لتحل بشكل تلقائي وإنما يتوجب الانتباه وتسليط الضوء على هذه النقاط ومعالجتها بأسرع وقت ممكن في ظل وجود دور فعلي وضروري لتدخل الدولة لتتحول هذه النقاط إلى نقاط قوة لسورية .

■ حاوره: سعيد قاسم

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 11:53