مزارعو الساحل يُظلمون مرّتين!

نعم لا تستغربوا هذا العنوان، فإذا كانت الانتخابات الفلاحية قبل سنين قد طبقت قوانين جزر القمر فإن الجميع يتحدث الآن عن دور اتحاد الفلاحين في حل مشاكل الفلاحين الكثيرة، فيؤكد الكثيرون أننا نعيش نحن في جزيرة، واتحاد الفلاحين في جزيرة أخرى.

فالكوارث الذي تعرض لها الأخوة المزارعون هذا العام، وخاصة مزارعي الساحل، بفعل الكارثة الطبيعية التي ضربت الزراعة المحمية ضربة قاسية، وإذا كان الإخوة الفلاحون يسألون السؤال المشروع: أين اتحاد الفلاحين؟ ولماذا تراجع دوره؟ وهل هو فعلاً ترهل وتقاعس عن أداء أهدافه التي وجد من أجلها، أي خدمة الفلاحين والتدخل الدائم للدفاع عنهم؟! أم أن القوانين والظروف والصلاحيات فعلاً تغيرت، ويحتاج الأمر إلى إصلاح فعلي في بنية الاتحاد الذي أصبح متفرجاً؟!

ـ مزارعو الساحل يصرخون فهل من مجيب:

إن السنوات القليلة الماضية شهدت تحسناً لزراعة الحمضيات والزراعة المحمية، وذلك بسبب تحسن المناخ، ولم تشهد موجات صقيع تتلف المواسم، ولكن هذا العام جاءت الكارثة الطبيعية التي ضربت البيوت البلاستيكية، وأتلفت الآلاف منها، من عواصف هوجاء وصقيع متواصل، والأسوأ من ذلك، فقدان مادة المازوت الذي زاد الطين بلة، وأدى لخسائر تجاوزت المليار ليرة سورية! فاجتمعت الطبيعة والحكومة ضد المزارع، وكتبت كل وسائل الإعلام عن الخسائر الفادحة، وانتظر الفلاحون التعويض، وحتى مصادر اتحاد الفلاحين قالت: «إننا رفعنا التوصيات اللازمة للجهات العليا ولكن لا مجيب حتى الآن». فيبدو أن قرارات الحكومة ذهبت أدراج الرياح، مع العاصفة الهوجاء وبرودة الصقيع، التي قضت على البيوت البلاستيكية، فالمزارعون يصرخون ولكن لا أحد يجيب، لماذا لم يجر أي تعويض، ولو لجزء من الخسائر، أو على الأقل إلغاء فوائد القروض الزراعية وتأجيلها؟!

ـ أين الضمان الزراعي؟! هل يعقل أن تنظيماً فلاحياً يضم مئات الآلاف من المزارعين، ولا يستطيع تأمين صندوق للضمان الزراعي، يعوض عن خسائر الطبيعة وكوارثها؟!!

المزارعون جاهزون للاشتراك بالصندوق، وإيجاد رأسماله الخاص، الذي سيكون منقذاً لسنوات الصقيع والكوارث. ألا يكفي معاناة المزارعين بغلاء النايلون والسماد والأدوية، وكلها بأسعار كاوية، وبالدولار وبيد التجار؟!

ـ مزارعو القمح يسألون عن الفضيحة: نعم إنها فضيحة القمح الذي استلمته الدولة من الفلاحين بسعر متدنٍ، باعتباره غير صالح إلا للعلف! وبعدها أقرت لجنة ثانية أن القمح يصلح للغذاء الإنساني، وقام التجار والسماسرة ببيعه للدول المجاورة بأسعار مضاعفة، وحققوا أرباحاً فاقت حسب الخبراء الاقتصاديين، الـ 12 مليار ليرة سورية، ذهبت «من جيوب مزارعينا، إلى جيوب التجار»، وكما قال الإمام علي: «ما اغتنى غني إلا بفقر فقير». ألم تسمعوا ماذا قالت وزيرة خارجية أمريكا «رايس»، في ردها على أحد الصحفيين، الذي سألها: «لماذا لم تستطيعوا إخضاع سورية؟» فقالت: «لأنهم لا يشترون منا قمحاً».

ـ ماذا يفعل اتحاد الفلاحين؟!: إننا لا نريد إلقاء الاتهام جزافاً، ولا ظلم اتحاد الفلاحين، ولكن الجميع يسأل هذا السؤال المشروع، فماذا يفعل هذا التنظيم الواسع، الذي يشمل كل أرجاء سورية؟ ولا يستطيع القيام بدور يوازي قوته وانتشاره، فنحن لا نريد اتحاداً شكلياً، وهو عبارة عن مكاتب وسيارات وهدر، دون أية قوة فعلية على الأرض. نعم نريد اتحاداً فعلياً وليس شكلياً؟ فقضية الفلاحين والغذاء أصبحت قضية وطنية، وليست قضية مطلبية فقط، فهل اتحاد الفلاحين لا يملك أية صلاحيات ليكون فعالاً؟!! رغم أننا نقدر عالياً، موقفه الجيد مؤخراً، ضد رفع الدعم عن المحروقات، وهذه هي المواقف التي نريدها منه.

ـ هل يحتاج الاتحاد إلى تجديد في هيكله التنظيمي؟! إذا كان مزارعو الخضراوات يشتكون، ومربو الأغنام والدواجن يشتكون، ومزارعو الزيتون والتفاح والشوندر والقطن وغيرهم، كلهم يشتكون، فمثلاً يحذر الإخوة مربو المواشي، بأنه إذا بقيت الأمور في غلاء الأعلاف على هذه الحالة، دون تدخل الدولة، فإنه، وخلال سنوات قليلة، ستشهد الثروة الحيوانية كارثة حقيقية.

وهنا يقترح الكثيرون تجديد هيكلية الاتحاد، بتأسيس اتحادات متخصصة، (مثل اتحاد مزارعي الحمضيات، واتحاد مربي الأغنام،...إلخ)، كي تتحدد مشاكل الفلاحين بشكل فعلي، وتنحصر المسؤوليات بشكل تخصصي، لإعادة الروح لاتحاد الفلاحين!!