المناهج الإنكليزية: السم في الشوكولا!

نعرف أن العلم علمان: علم مطبوع وعلم مسموع، ونعلم جيداً أن العلم المطبوع هو أثبت من المسموع، لذلك نلفت انتباه أصحاب الشأن في التربية وأصحاب الخبرة والمعرفة المختصة بعلم النفس الاجتماعي -كون ملاك التربية والتعليم هو الموطن الحساس والدقيق في غزو الأوطان فكرياً وخلقياً- أن مناهج اللغة الإنكليزية مليئة بالأفكار الغريبة عن مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا، وهي غالباً ما تدغدغ أجيالنا بالأفكار التي تدفع بمتلقيها وراء أهوائهم الشخصية القاتلة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر ننوه للمثال التالي: ففي قصة الخرافة الصينية Chinese fable يوجد سرد قصصي حول الشخصيتين (المدرس، والبروفسور الجامعي)، وكيف أنقذا ذئباً من براثن الصيادين بإدخاله إلى كيس لإخفائه ممن يترصدونه، لكن الذئب يبقى ذئباً، وبالتالي يتم إظهار هذه الإنسانية تجاه الحيوان ولم تظهر تجاه ما يعانيه البشر، ناهيك عن الحكمة the moral من القصة وهي: (بالرغم من أن مساعدة الناس خير، لكن من الحماقة أن يدمر هذا الخير الشخص الذي يقوم به).

إن منهاج مادة اللغة الإنكليزية يحتاج إلى دراسة معمقة ومراجعة دقيقة له قبل إقراره، وإلا ما معنى أن يضم الكثير من القصص البوليسية، وكأننا في ولاية تكساس، ويتجاهل روائع الأدب العالمي؟ هل القصص البوليسية تخدم مجتمعنا وأجيالنا الحالية والقادمة أكثر مما قد تفعله الآداب الراقية ذات الميل الواقعي الإنساني؟

كذلك في منهاج الصف الثالث الإعدادي (المسمى التعليم الأساسي) ثمة مثال آخر:

ففي الدرس الثالث عشر بعنوان (A Material World) والذي يبدأ بالسؤال الكبير:

 who wants to be a millionaire■

I don't، Says charles Gray.       

في هذا الدرس هناك تسطيح لعقول الأجيال بشكل ممنهج، إذ كيف يُزرع في عقول الطلاب أن مليونيراً سيعطي عن طيب خاطر أمواله للفقراء كي لا يعيش في قلق واضطراب، والترويج لهم أن مثله قد يقتنع يوماً أن قليلاً من المال يجعله حراً كما يستنتج هذا المليونير في هذا الدرس. أما علمتنا الحياة وتعلمنا أن غنى الأغنياء لا يتم إلا بإفقار الفقراء؟

 لذلك نرجو من وزارة التربية أن نكون أكثر دراية ومعرفة وحرصاً تجاه أجيالنا، وأن تعمل على عدم تشويشهم وتضليلهم، وأن تتعامل بحذر مع بعض الاقتباسات والأقوال المأثورة من أشباه: (لا التزام في الفن، لأن الفن حر).

إن مناهج مادة اللغة الإنكليزية تحتوي سموماً مغطاة بالشوكولا، لذلك يجب الانتباه لها، لأن أي تحول يبدأ بنقطة حساسة مثل الكتاب المدرسي، فهو أول ما يشكل عقل الناشئة..

■ طرطوس - يوسف يوسف

آخر تعديل على الجمعة, 29 تموز/يوليو 2016 18:34