موضة جديدة!

لم تعد الموضة وصرعاتها محبوسة في دور الأزياء وبيوتات العارضين، بل بدأت جهات كثيرة تتفنن بأنواع وأشكال وابتكارات، أفضّل أن أطلق عليها بدل «الاختراع والابتكار» موضة جديدة.

ذلك أن الحكومة في الآونة الأخيرة غيرت أسلوب تعاملها مع بعض الفاسدين, فهؤلاء أصبح التخلص منهم، لا بالمحاكمة، ولا بالتفتيش والعقوبات، ولكن بعبارة غريبة اختصارها: «استقالتك مقبولة».

تظن الحكومة أنها بقبولها لاستقالتهم، استراحت منهم وأراحت، وأنهم أُبعدوا عن الإفساد والإضرار، ونحن نظن أنها بذلك تفتح الأبواب مشرعة أمام جميع الفاسدين، والمتجهزين للفساد.

فمن كان في السابق يخشى المحاكمة والسجن والملاحقة، صار على يقين اليوم أنه حين يكشف أمره، (سيُدفع) لتقديم استقالته وينتهي الأمر.. أما مقدار من ظلمهم ومن سرق منهم, ومقدار ما سرق والأموال التي جمع، فهذه «حلال عليه»، كما يبدو من فعل الحكومة.

قبول استقالة ثلاثة من القضاة، أثارت سخرية الوسط المحيط، فواحد من هؤلاء على الأقل، ذاع صيته وطار اسمه بالفساد، حتى لم يبق في الوطن كله من لا يعلم فساد الرجل، خلا السيد الوزير ـ فيما أحسب ـ.. بل إن المحكمة التي كان يديرها الرجل اكتظت بالدعاوى، طبعاً.. ولكل دعوى تسعيرة، ولكل تسعيرة تشفيرة.

 ولعل من المفارقات أن ذلك الفاسد حين أحس بدنو أجله، وأنه مفارق منصبه لا محالة، حاول تسوية وضعه، لا بالاعتدال، ولكن بكثرة استجرار الأموال، وكأنه كان يعلم أن أقصى ما سيواجهه، هو «استقالتك مقبولة»!.

للأسف فإن هؤلاء وأمثالهم ـ الذين يتزايدون بكثرة ـ سيتمتعون بأموال هذا الشعب أمام عينيه بكل لؤم ووقاحة، ولن يجرؤ أحد على اتهامهم، فلا يد الحكومة جرحتهم ولا يد الشعب أدمتهم، والوزارة التي لم ترد أن يكون هؤلاء وصمة عار في صحيفتها لو أنها حاكمتهم، جعلتهم ـ دون أن تدري ـ سُبّةً في جبينها، سيخلدها التاريخ، وسيسجل أن الفاسدين المفسدين نجوا مرة أخرى من يد العدالة، لأن هناك من يعض عليها.

أما لهؤلاء فنضرع إلى العليّ، أن تكون استقالاً مقبولاً، وسعياً مشكوراً، وتجارة لن تبور... و«عقبال» البقية!! 

■ محمد عصام زغلول

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.