«الحجر الأسود» نموذج «نموذجي» لأحزمة الفقر

كثير من المسؤولين يتجنبون الدخول إلى مناطق وأحياء أحزمة الفقر المحيطة بالعاصمة، لما سمعوه عنها من قصص وروايات تقشعر لها أبدانهم، والتي تتراوح بين مظاهر الفقر المدقع وتفاقم الأوبئة الاجتماعية من بطالة وجريمة وغيرها.. لذلك يقبعون في مكاتبهم المكيفة بفرشها الأنيق، ويطلقون على أبناء وطنهم الفقراء هؤلاء اسم الرعاع، دون أن يدركوا أنهم هم من أنتجوا هذه المأساة، وهم المسؤولون عن استمرار وجودها وتفاقمها، وازدياد أحوال الناس سوءاً وتردياً..

ونسوق مثالاً على ذلك حي الحجر الأسود على أطراف العاصمة، فهذا الحي المكتظ بالسكان يسود فيه غياب الأمن وانتشار الجريمة والعنف اليومي، والذي بات مألوفاً لدى سكانه، وكأنما هو أشبه بدولة داخل دولة، لها قانون واحد يحكمها وهو شريعة الغاب، حيث القوي فيها يأكل الضعيف، إذ يندر أن يمر شهر دون أن نسمع عن وقوع جريمة قتل أو شجار كان للسلاح الأبيض فيه دور فعال في حرمان الأشخاص المتعاركين من أحد أعضاء أجسامهم لبقية حياتهم، أو لحرمانهم من حياتهم بالمطلق!.

ففي الشهر الماضي مثلاً، وقعت ثلاث جرائم قتل في الحجر الأسود، وأغربها أن أباً لقي مصرعه على يد ابنه «البار»، كما قتل شاب في ريعان شبابه في حادثة أخرى، أما الجريمة الثالثة فوقعت إثر شجار دخله أربعة أشقاء مع مجموعة أشخاص في السوق، فخرجوا منه ثلاثة فقط. وقس على ذلك الكثير من المشاحنات اليومية التي أودت وستودي بحياة الكثير من أهالي هذه المنطقة أو حتى من عابري السبيل الذين لا ذنب لهم سوى أنهم دخلوا هذا الحي الفقير المهمل لقضاء حاجة ما أو لزيارة قريب أو صديق..

وهنا نضع أكثر من إشارة استفهام حول غياب الأمن، ودور رجال الشرطة في حفظ أمن السكان.. ولقد تجرأنا وسألنا أحد أهالي هذه الحي عن دور الجهات التنفيذية في رعاية أمن وسلامة الناس، فأجاب على الفور وبنبرة ساخرة: «الله يعينهم! ليش هم قادرين يحموا حالهم لحتى يحمونا؟؟ نحن لا نرى هؤلاء إلا بعد انتهاء الشجار ليأخذوا ما فيه النصيب مقابل لفلفة القصة».

ويقول آخر: «في أحسن الأحوال إن تجرأ رجال الشرطة وكانوا في موقع الحدث أثناء وقوعه، وحاولوا التدخل لفك النزاع، فسينالون نصيبهم، وقد يكون أحدهم من ضمن ضحايا الشجار».

والسؤال: لماذا ترتفع نسبة الجريمة في بلدنا عامة، وفي الأحياء والمناطق الفقيرة خاصة، بهذا الشكل الجنوني؟

إذا عُرف السبب بطل العجب.. وفهمكم كفاية!.

■ ماهر فرج