لا عزاءَ للفقراء..

تلعب الحكومة السورية الدور الأساس، أو ربما الوحيد، في تحديد الرواتب والأجور من جهة، ومستوى الأرباح من جهة أخرى، لكنها عندما تقوم بذلك، لا تلتفت جدياً للأوضاع الاقتصادية - الاجتماعية لمعظم السوريين، وبالتالي فإنها تتجاهل توفير شروط معيشية تؤمن لهم الحد الأدنى من حاجاتهم الأساسية لبقائهم على قيد الحياة.

فالحكومة تتعامى عن الغلاء الفاحش الحاصل واقعياً، والآثار السلبية له على مستوى معيشة الفئات الفقيرة والمتوسطة الدخل، وتغمض عينيها عن تدهور الخدمات وزيادة الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف الشرائح، وهو ما أدى إلى انقسام المجتمع السوري إلى طبقتين، طبقة رأسمالية صغيرة جداً تدير الاقتصاد وتنهبه وتزرع الفساد، وطبقة مسحوقة مستعبدة من الأولى ينهشها الفقر..

فالمواطن السوري العادي، إذا حالفه الحظ وحصل على وظيفة بعد سنوات دراسة طويلة، سنجده عاجزاً عن تغطية نفقاته من خلال الراتب الذي يحصل عليه، فما يعطى للعاملين في القطاعين العام والخاص من رواتب وأجور لا تغطي مستوى الإنفاق، خصوصاً مع ارتفاع تكاليف الخدمات وازدياد الضرائب المستحقة عليه، والأسعار اللاهبة التي تجرده من بقية معاشه... فلو اعتبرنا أن كل عائلة في مجتمعنا السوري مكونة وسطياً من خمسة أشخاص، فإنه يترتب عليها في الحد الأدنى المدفوعات التالية كل شهر:

/1500/ ليرة استهلاك كهرباء..

/500/ ليرة استهلاك ماء..

/300/ ليرة بدل أسطوانة غاز.

/500/ ليرة لخدمات الهاتف..

 قرابة /2500/ ليرة مواصلات ونقل.

/1200/ ضرائب وتأمينات على الراتب.

12000 ليرة بدل طعام على أساس كل وجبة تكلف 200 ل.س، والعائلة بحاجة إلى وجبتين يومياً بالحد الأدنى..

وسنتجاوز هنا أجرة البيت، إن وجدت، علماً أن معظم الفقراء يسكنون بالأجرة، وسنتجاوز تكاليف الطبابة، واللباس، وتكاليف المدارس، واستبدال الحاجيات وصيانتها، وستكتفي بحساب التكاليف السابقة التي تصل إلى نحو عشرين ألف ل.س.. وبنظرة خاطفة إلى الراتب المخصص من الحكومة سنجده لا يتجاوز الـ/12000/ ليرة، فكيف يمكن لمواطن عادي ليس معه معيل آخر في أسرته بتعويض هذا الشرخ الكبير بين راتبه وحجم مصروفه؟

باختصار شديد أصبحنا مجتمعاً فقيراً والمقاييس على ذلك:

انخفاض الدخل وعدم القدرة على تلبية أبسط الحقوق في الحصول على السلع.

تدني نسبة استهلاك المواد الغذائية.

انخفاض الإنتاج الوطني.

والخلاصة الحكومية بهذا الشأن جاءت على لسان النائب الاقتصادي، وهي أننا بتنا محسودين اقتصادياً من الدول الأوروبية، وكان مقياسه على ذلك استعمال الشعب السوري للموبايل، ونقول له لمَ لا يكون مقياسك على ذلك هو امتلاء الحاويات بالقمامة والمخلفات التي تعجز الإدارات المحلية عن السيطرة عليها، هي الدليل على بذخ المواطن السوري؟.

وللتذكير، فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة /23/ على أنه:

«لكل فرد يقوم بعمل، الحق في أجر عادل مرضٍ، يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان، تضاف إليه عند اللزوم وسائل أخرى للحماية الاجتماعية». 

■ أحمد محمد العمر