ملاهي ليلية في الشقق السكنية بجرمانا..

ملاهي ليلية في الشقق السكنية بجرمانا..

حركة النزوح من الريف الساخن إلى الريف الآمن لم تقتصر فقط على البشر، فقد نقل بعض المستثمرين ورشهم ومشاريعهم إلى تلك المناطق، وكان منها ما هو مفيد اقتصادياً واجتماعيا،ً ومنها ما عاد بشكل سلبي على شريحة واسعة من المواطنين نتيجة عدم التنظيم وغياب الرقابة.

عشرات الملاهي الليلية انتقلت من مناطق عدة في ريف دمشق إلى مدينة جرمانا، لكن القضية لم تكن هنا فقط، بل كانت في استغلال أولئك المستثمرين حالة الفلتان في المدينة، وتحويل المطاعم التي قاموا بترخيصها عبر البلدية، إلى «نوادٍ ليلية» بحسب السكان، إضافة إلى افتتاح «نوادي» ضمن الأبنية وفي الأقبية دون أي ترخيص يذكر لا لمطاعم ولا لملاهي.

لم يكترث مستثمروا تلك «الملاهي» في أن يكون نشاط منشآتهم «المخالفة بشكل علني» داخل شقق الأبنية السكنية أو في أقبيتها، ما زاد من مشاكلa المواطنين الذي أكدوا لـ «قاسيون» بأن «هذه النوادي يقف خلفها بعض المتنفذين الذين يحولون دون إغلاقها».

حملات وهمية!

وقال خلدون قسام مدير شبكة أخبار جرمانا على «فيسبوك» لـ «قاسيون» إن «النوادي الليلة منتشرة بدءاً من ساحة الرئيس وحتى حي النسيم، والحملات جميعها التي شنت لإغلاقها كانت وهمية»، مشيراً إلى وجود «نوادٍ ليلية ليس لها أي ترخيص أساساً، أي أن أصحابها استأجروا أقبية أو شققاً ووضعوا بداخلها طاولات واستخدموا فتيات الليل لجلب الزبائن».

وأردف «الحملات السابقة على تلك الملاهي كانت ناجمة عن ردات فعل لإشكاليات بين روادها، ولم تفض ولا حملة لإغلاقها نهائياً»، مشيراً إلى أن «آخر حملة على تلك الملاهي كانت نتيجة مقتل أحد الرواد من قبل مسلحين، واجتمع وجهاء جرمانا مع المعنيين إثر الحادثة مطالبين بإغلاق الصالات، وفعلاً تم إغلاقها فترة بسيطة لم تتجاوز الـ 25 يوماً، ثم عادت للعمل بعد تهديد رئيس البلدية السابق».

واتهم قسام ما وصفه بـ «مافيات تدير هذه الملاهي، إضافة إلى مجهولين يقومون بوضع العصي بالدواليب لعرقلة تطبيق القانون» على حد تعبيره.

رئيس البلدية يناشد: لا تتواسطوا!

رئيس بلدية جرمانا برجس حيدر أشار بطريقة غير مباشرة إلى بعض الضغوط التي تتعرض لها البلدية نتيجة ملاحقة هذه الملاهي المخالفة، قائلاً في حديث مباشر مع إذاعة ميلودي اف ام «أتمنى من المواطنين كلهم وخاصة سكان جرمانا عدم التوسط للمسيئين عند إغلاق أي محل مخالف».

حيدر، لم يتهم «مافيات ومتنفذين» بالوقوف خلف عرقلة تطبيق القانون، قائلاً: إن من يقوم بالتوسط لأصحاب الملاهي هم مواطنون عاديون، ما يعني أن البلدية رضخت طيلة المدة السابقة لوساطات «مواطنين عاديين» لعدم إغلاق النوادي الليلية رغم كل الشكاوى التي تطالب بإغلاقها.

أكثر من النصف دون تراخيص نهائياً

وأضاف حيدر «هناك عدد كبير من المنشآت مرخصة كمطاعم، لكن أصحابها قاموا بتحويلها لنوادٍ ليلية بشكل مخالف، ونحن على علم بذلك»، مؤكداً وجود حوالي 35 نادي ليلي مخالف في جرمانا، أقل من 15 منشأة منها مرخصة كمطاعم، والباقي مخالف تماماً، أي أنها لا تحمل أي ترخيص، ولا يوجد سوى محل أو محلين فقط مرخصين كنوادي ليلية».

وتابع «أنذرنا معظم هذه المحلات المخالفة منذ فترة، وتم إغلاق مطعمين تحولا لنوادي ليلية هما الياسمين والفانتوم وختمناها بالشمع الأحمر بعد شكاوى مباشرة من المواطنين»، مشيراً إلى أن البلدية منحت المخالفين يوم الخميس الماضي مهلة 48 ساعة بعد جرد كامل للمخالفات، وبعد 48 ساعة سنغلق المحلات المخالفة كافة، موضحاً أنه وفق «القانون لا يمكن إغلاق المحل المخالف قبل إنذار 48 ساعة لوجود بعض المواد التي قد تتلف» على حد تعبيره.

لكن بحسب حديث حيدر الذي لم يبرر عدم إغلاق الملاهي في الفترة السابقة، فإنه لن يتم معاقبة المخالفين عن الفترة السابقة التي خالفوا بها، قائلاً: «نحن أبناء اليوم ومن يلتزم بالقانون سنقول له أهلاً وسهلاً!، وسنبدأ بالمحاسبة من اليوم».

«قاسيون» حصلت من مصادر محلية موثوقة في جرمانا، على قائمة ببعض الملاهي المخالفة وعناوينها، واتضح بأن غالبيتها تقع ضمن الأبنية السكنية، وغالباً في الأقبية، وتلك العناوين تغطي الكثير من أحياء مدينة جرمانا، ولكن النسبة الكبرى كانت في الشارع الرئيسي فيها.

كما حصلت «قاسيون»، على قائمة بأسماء بعض المطاعم المشهورة في جرمانا، والتي تخالف بترخيصها وتعمل كصالات أفراح وببرامج فنية، علماً أن جميعها غير مرخص لها تقديم البرامج الفنية، وذلك لوقوعها ضمن المناطق السكنية أيضاً. 

لا توجد أي تراخيص

إياد النادر عضو القطاع التنفيذي في محافظة ريف دمشق، أكد أن المحافظة لم تمنح أي ترخيص لنادي ليلي في جرمانا، وأنه تم تكليف بلدية جرمانا بمعالجة قضية المخالفات.

وأوضح النادر، أن أهم شروط ترخيص النوادي الليلية هي أن تكون بعيدة عن السكن وعن دور العبادة، إضافة إلى شرط مهم وهو عدم ازعاج الجوار، مشيراً إلى أن المحافظة وجهت بلدية جرمانا لحل القضية أكثر من مرة، دون أن يشرح سبب نأي المحافظة بنفسها عن التدخل المباشر بمثل هذه القضية .

وبين نأي المحافظة، ودور البلدية الملتبس، ما زال سكان جرمانا يعانون التبعات السلبية لتلك الملاهي والنوادي الليلية، وما زال أصحابها يجنون الأموال والأرباح على حساب راحة هؤلاء وأمنهم.