انقطاعات عشوائية للكهرباء... وبرامج التقنين لم تنضج بعد

قد يتمكن المواطن السوري رغم صعوبات وغلاء الأسعار مقابل قلة المعروض، من تأمين حاجاته من غذاء ومازوت وغاز، لكن تأمين الإنارة والكهرباء التي وصلت مدة انقطاعها في بعض المناطق إلى 12 ساعة يومياً، أمر خارج استطاعة السوريين خاصة ذوي الدخل المحدود، إذ أن حل مشكلة الكهرباء عبر المولدات الكهربائية تفتح على المواطن باباً آخر لنفقات إضافية هو في غنى عنها، مع تدني الدخل عموماً وصعوبة تأمين المحروقات وغلاء أسعارها بشكل لافت.

 

ومن جانب آخر، بات من الواضح نتيجة المعلومات الصادرة عن وزارة الكهرباء، أن الثبات على وقت محدد لتقنين الكهرباء أو تخفيض هذا الوقت، ليس بالأمر السهل، خاصة إذا علمنا أن خطوط التوتر العالي اللازمة لنقل لطاقة الكهربائية والبالغ عددها /82/ خطاً رئيسياً، تتعرض يومياً إلى اعتداءات متكررة، بمعدل (1-3) خطوط يوميا،ً بعد أن كان مجموع ما يتعرض لأعطال نحو (5-15) خطا خلال عام كامل، الأمر الذي أدى حاليا إلى خروج /30/خطاً من الخدمة تعمل الوزارة على إعادتها للخدمة.

 

انقطاع عشوائي وتعطل المصالح

نهلة ربة منزل في منطقة جرمانا بريف دمشق قالت إن «انقطاع الكهرباء في منطقتنا عشوائي بكل معنى الكلمة، وخاصة في فترة المساء، وقد وصلت مدة الانقطاع إلى عشر ساعات غير منتظمة»، مشيرة إلى أنه «أصبح من الصعب القيام بأي عمل سواء كان متعلقاً بتنظيف المنزل أو الطبخ أو دراسة الأولاد لأننا غير قادرين على تحديد وقت الانقطاع».

أحمد موظف ورب أسرة يعيش في منطقة البحصة بدمشق قال إن «التقنين في دمشق هذا العام كبير، خاصة أن فصل الشتاء ما زال في بدايته والبرد الشديد لم يأت بعد، ومع ذلك يطبق التقنين لمدة ست ساعات يومياً، عدا عن الأعطال التي قد تطرأ حسب ما نسمع من المعنيين بالأمر».

وأضاف إنه «استطعنا حل المشكلة بشكل جزئي كون أوضاعنا المادية ميسورة، عبر شراء مولدة كهرباء، لكنها تشكل عبئاً رغم ذلك بسبب مصروفها الكبير وحاجتها للوقود باستمرار».

أما ماهر موظف في شركة خاصة فقد ارتبط وقت ذهابه للعمل وعودته منه بالكهرباء، ويقول إن «عملي يعتمد كثيراً على الكومبيوتر، وبالتالي فإن الانقطاعات الطويلة والمتكررة للكهرباء خلال اليوم أضرت بعملي بشكل كبير، وجعلت من يومي فوضى لأني لا أستطيع الخروج من العمل ما لم أقم بمهامي، ما قد يطول حتى المساء مع غياب الكهرباء لثلاث ساعات أو أكثر يومياً».

 

شركة الكهرباء مهمتها التوزيع

مدير شركة كهرباء دمشق عبد الله حنجر قال إن «التقنين يتم وفق برنامج وليس بشكل عشوائي، لكن الأعطال هي سبب تكرر الانقطاع خارج وقت التقنين، علماً أن الشركة مهمتها توزيع الكهرباء على المناطق حسب الكميات التي تردها من مؤسسة التوليد، وبالتالي هذه الكميات تحدد ساعات التقنين».

«وخرجت 8 محطات تحويل في محافظة ريف دمشق من الخدمة من بين 52 محطة موجودة، ويحتاج إعادة تجهيز هذه المحطات إلى فترة طويلة إلى جانب صعوبة دخول ورش الإصلاح إلى بعض المناطق» حسب مدير شركة كهرباء ريف دمشق زهير خربطلي، الذي بين إن «سبب زيادة عدد ساعات التقنين في مناطق جنوب دمشق وجزء من الريف يعود إلى تعرض أحد خطوط التوتر العالي الذي يغذي هذه المناطق للتخريب».

وبلغت قيمة الأضرار التي لحقت بالشبكة الكهربائية في مناطق الغوطة الشرقية وببيلا ويلدا والسيدة زينب نحو 675 مليون ليرة، موزعة بين 325 مليون ليرة في ببيلا ويلدا والسيدة زينب، و350 مليون ليرة في الغوطة الشرقية.

وعلمت قاسيون من مصدر في وزارة الكهرباء إن «الضرر الذي أصاب خطوط الغاز في محافظة دير الزور نتيجة الاعتداءات، أثر على عمل محطات التوليد كافة، حيث تعذر نقل الغاز إليها ما أدى لتوقفها عن العمل، وبالمحصلة لم يعد ممكناً تخفيض ساعات التقنين».

 

جاهزية شبكة نقل الطاقة تحدد مدة التقنين

وكان وزير الكهرباء عماد خميس صرح في وقت سابق إن «توقف بعض معامل الغاز عن العمل بشكل كامل نتيجة اعتداءات خلال الأيام القليلة الماضية، وتوقف العمل في إحدى محطات توليد الكهرباء الكبرى نتيجة تهديدات المجموعات المسلحة للعاملين فيها، أدى إلى انخفاض كميات الطاقة الكهربائية المولدة أكثر من 40% الأمر الذي أثر بدوره على ساعات التقنين وأوقاتها».

وأوضح وزير الكهرباء إن «التباين في تطبيق برامج التقنين بين منطقة وأخرى يتعلق بجاهزية شبكة النقل فيها، وخاصة بعد تعرض قسم من خطوط نقل الطاقة الكهربائية لأعمال تخريبية في بعض المناطق وخروجها عن الخدمة، وبالتالي تعذر نقل الطاقة إليها».

وتعاني محطات التوليد من مشكلة نقص الوقود اللازم لعمل هذه المحطات نتيجة التعديات المستمرة على خطوط الإمدادات وإحجام بعض سائقي الصهاريج عن نقل الوقود والتعديات التي طالت السكك الحديدية.

وأشار وزير الكهرباء إلى أن «جاهزية محطات توليد الطاقة الكهربائية وتأمين الوقود اللازم لعملها وسلامة شبكات النقل والتوزيع وجهوزيتها مؤشرات تحدد واقع قطاع الكهرباء الحالي» مبينا أن «نسبة جهوزية محطات التوليد للعمل تبلغ 98 % نتيجة الجهود الكبيرة التي يبذلها جميع العاملين في الوزارة في ظل هذه الظروف الصعبة».

 

خسائر بعشرات المليارات

وبين الوزير خميس أن «تكلفة التعديات التي تعرض لها قطاع الكهرباء خلال الأزمة التي تمر بها سورية منذ نهاية العام الماضي وحتى الآن، تكفي لإنارة جميع القرى المحدثة في الريف لمدة ثلاث سنوات، حيث تم استبدال أكثر من /2500/ محول كهربائي واستخدام أكثر من /12/ ألف عمود إنارة وأكثر من /1000/ طن من خطوط النقل العارية».

وأعلنت وزارة الكهرباء، في شهر تشرين الأول الماضي، إن خسائر القطاع الكهربائي تجاوزت 10 مليارات ليرة سورية، والحكومة بدأت بتخصيص مبالغ لدعم القطاع من خلال لجنة الانجاز التي تم تشكيلها برئاسة مجلس الوزراء.

وكشفت وزارة الكهرباء في دراسة أجرتها مؤخرا أن حاجة سورية لتوليد ونقل الكهرباء تتراوح بين 114 و124 مليار يورو حتى عام 2030 ، حيث اعتمدت الوزارة من خلال هذه الدراسة، سيناريوهين، حول تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية لغاية العام 2030.

وتشير تقارير إلى أن الطلب على الطاقة الكهربائية في سورية يزداد سنوياً بنسبة 10%، وأن هذا الأمر يتطلب إنشاء محطات توليد جديدة تصل استطاعتها إلى أكثر من 800 ميغا واط سنوياً.

يذكر أن الاعتمادات المخصصة لوزارة الكهرباء في موازنة الدولة لعام 2013 تقدر بنحو/43/ مليار ليرة و/222/ مليون ليرة سورية.

 

آخر تعديل على الخميس, 26 أيار 2016 23:43