من الذاكرة: 60 قرشاً سورياً فقط لا غير!

من الذاكرة: 60 قرشاً سورياً فقط لا غير!

أبو صلاح عبد الحميد السباهي «كندرجي» يعمل في دكان على بعد أمتار من جامع أبي النور في حي ركن الدين بدمشق، هو أول من سمعت منه عن النقابات والنضال النقابي..

وكنت حينها في الثانية عشرة عندما زرته مع والدي في دكانه لتفصيل حذاء لي، وبعد التفصيل أضحت الزيارة شبه يومية لأكون صديقاً صغيراً له، وقد سمعت منه شروحاً إضافية عن نشاطه النقابي العمالي في مراحل شبابه ورجولته. وكان الأمر في البداية لا يعنيني كثيراً كفتى صغير، لكن حديثه ما لبث أن أصبح يشدني، واليوم أشعر بأسى كبير لأنني لم أكن أسجل تفاصيل كثيرة عن نشاط العمال ونضالهم النقابي، ذهبت للأسف بذهابه!
وفيما بعد كان لي شرف التعرف إلى رفاق قدامى ممن نشطوا في صفوف العمال، ما زودني بمعلومات عن جانب هام من جوانب نضال حزبنا الشيوعي السوري.. ومن هؤلاء الرفيق أبو هشام حفظي البيروتي الذي انضم إلى صفوف الحزب عام 1933 عن طريق رفيق أرمني، لم يذكر اسمه. سمعت منه معلومات هامة عن نضال رفاق العمال والنقابيين ومنها قوله:
إن حزبنا كان المبادر إلى نشر الوعي الطبقي، وحض العمال على النضال في سبيل حقوقهم المعيشية والسياسية، وكان رفاقنا في الصفوف الأولى في جميع الإضرابات العمالية والشعبية، أيام مقاطعة الشعب لشركة الترامواي لتخفيض أسعار الكهرباء.. كنا نناضل وظروف علمنا صعبة جداً... يوم عمل طويل، ولا توجد ضمانات أو تأمينات، وكان يطلب من العامل قبل التحاقه بعمله أن يوقع تعهداً بعدم مسؤولية رب العمل عن أي حادث أو إصابة أثناء عمله.
وكانت الأجور لا تتعدى 60 قرشاً سورياً يومياً. نظمنا إضراباً في معمل شمينتو دمر لرفع الأجور فجرى اعتقالنا وطردنا من العمل.. وقد اعتقلنا فيما بعد وحكم علينا بالسحن ستة أشهر ثم بعد استئناف الحكم رفع إلى سنة كاملة وأخذونا بعدها إلى سجن حلب والتقينا هناك ببعض الرفاق منهم مصطفى العريس وفؤاد قازان، وفي السجن قرأت مجموعة من الكتب وأشرفت على دورة محو أمية للسجناء، أنشأت فريقاً رياضياً «النادي الأحمر». وقد طلب مني المستشار الفرنسي في السجن أن أدرب رجال الدرك وسمح لي بالخروج من السجن كل يوم من 4 – 6 ساعات، فانتهزت هذه الفرصة لكي اتصل بالرفاق ومنهم فوزي الزعيم واجتمعت مرة مع الرفيق الشهيد «بيرشدروفيان» وبعد السجن عدت إلى العمل في سكة الحديد وشكلت خلايا حزبية في كل أقسام الشركة، وطلبت من المدير السماح لنا بتأسيس نقابة فرفض وطردني من مكتبه، إلا أن موقف العمال أجبره على قبول تأسيس أول نقابة لعمال سكة الحديد..

آخر تعديل على الخميس, 14 تشرين2/نوفمبر 2013 15:54