الملتقى الاقتصادي العمالي الأول بين موقفين؟

الملتقى الاقتصادي العمالي الأول بين موقفين؟

مجرى الجلسات التي عقدها الاتحاد العام لنقابات العمال تحت عنوان «الملتقى الاقتصادي العمالي الأول لدعم مقومات الصمود» والتي شارك فيها مجموعة من الاقتصاديين والنقابيين وغرفتي الصناعة والتجارة. تلك الجلسات والردود تمحورت حول الموقف من السياسات الاقتصادية الليبرالية واقتصاد السوق «الاجتماعي» من حيث الدور والفعل في خلق المناخات التي جعلت من إمكانية انفجار الأزمة الوطنية أمراً واقعاً، بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية،

وبالتالي الانقسام في المواقف الذي بدا واضحاً وجلياً ومعبراً عن واقع الحال السياسي والاقتصادي، بين من يريد الاستمرار بتلك السياسات ويعتبرها انجازاً للحكومات المتعاقبة وأن الاستمرار فيها يؤمن «التطور» الاقتصادي المطلوب، وبين من يرى ضرورة مواجهتها كونها لا تتوافق مع المصلحة الوطنية للشعب السوري، وهي رأس حربة في الهجوم على مكتسبات وحقوق السوريين، عبر اختراقها لجهاز الدولة وتسخيره لنهب الثروة ومركزتها. وكانت الدلالات على هذا واضحة من خلال معادلة الدخل الوطني التي تبين حجم الثروة المنهوبة، حيث أنكر البعض من المداخلين والمعقبين أن يكون للسياسات الاقتصادية أي دور بما نحن فيه الآن، ورد الواقع الحالي إلى المؤامرة الخارجية ولا شيء آخر غير المؤامرة. 

الحركة النقابية بما قامت به من تحضير وصياغة للمحاور الأساسية لهذا المنتدى الحواري، تكون قد فتحت الباب على مصراعيه بما تملك من وزن سياسي واجتماعي، يمكن استثماره لبلورة موقف وطني جامع في مواجهة السياسات والقوى الليبرالية، أساسه المصلحة الجذرية للشعب السوري، بأغلبيته الفقيرة ومنه الطبقة العاملة السورية الأكثر تضرراً من تلك السياسات، وهذا يتطلب من الحركة صياغة برنامجها الوطني لمجمل الواقع الاقتصادي، الذي يتطلب أيضاً تعبئة الطبقة العاملة السورية باتجاه الدفاع عن مصالحها وحقوقها الوطنية، في إعادة تشغيل المعامل وزيادة انتاجيتها، والدفع باتجاه تحسين مستوى معيشتها الذي تدهور إلى الحدود القصوى، بسبب النهج الاقتصادي السائد الذي دافع عنه ممثلو الحكومة الحاضرين للملتقى الحواري وخاصة، سياسة تبديد الاحتياطي النقدي بضخ الدولار والمستفيد منه قوى النهب والفساد والاحتكار.
إن التوافق في المواقف التي كانت واضحة بين كوادر الحركة النقابية، والحاضرين الذين أدلوا بدلوهم في الرد على أصحاب الليبرالية، وبين الشخصيات وممثلي القوى الوطنية، يعكس طبيعة المعركة الحالية والقادمة لأي اقتصاد نريد من أجل تحقيق توزيع عادل للثروة يؤمن أعمق عدالة اجتماعية.