زحمة مناورات عسكرية في الاردن..

زحمة مناورات عسكرية في الاردن..

موقع الاردن الاستراتيجي بين الدول العربية المركزية التي تشكل اللاعب الرئيسي في صياغة احداث المنطقة مثل العراق وسورية ومصر والمملكة العربية السعودية الى جانب فلسطين المحتلة، يجعله موضع اهتمام خاص، ومحور متابعة لكل خطوة يقدم عليها سياسيا او عسكريا.

نبدأ بهذه المقدمة للاشارة الى ثلاث تطورات رئيسية وقعت في الاردن، او كان طرفا فيها، في الايام الاخيرة يمكن ايجازها كالتالي:

*التطور الاول: ابرام وزارة الدفاع الاردنية مذكرة تفاهم مع القوات البحرية الامريكية يوم امس لشراء 200 صاروخ موجه بالليزر من طراز “APKWS”، وبذلك يكون الاردن اول دولة في العالم يتعاقد على هذا النوع من الصواريخ المتطورة.

*التطور الثاني: استضافة الاردن لحوالي عشرة آلاف جندي من 24 دولة من بينها الولايات المتحدة الامريكية للمشاركة في مناورات الاسد المتاهب الشهر المقبل التي ستجري على الحدود السورية الجنوبية وتنخرط فيها مختلف القطاعات الجوية والبرية وذلك للعام الرابع على التوالي.

*التطور الثالث: مشاركة قوات وطائرات اردينة الى جانب نظيراتها المصرية وللمرة الاولى في تدريبات عسكرية في منطقة الخليج في مملكة البحرين، وهي مناورات سنوية بدأت عام 1988 وتشارك فيها وحدات جوية من دول خليجية ايضا على رأسها المملكة العربية السعودية، الجديد في هذه المناورات هو حالة التوتر المتزايدة في المنطقة بين ثلاث دول خليجية هي السعودية والامارات والبحرين من ناحية، ودولة قطر من ناحية اخرى التي لم تدع للمشاركة تماما مثلما تم استبعادها، اي قطر، من مناورات سعودية عسكرية اختتمت الاسبوع الماضي.

هذا النشاط العسكري المكثف للاردن هذه الايام يوحي بانه يأتي في اطار تحضيره “لدور ما” في المستقبل القريب، سواء في سورية التي تعيش صراعا طاحنا، او في منطقة الخليج المتوترة ايضا، حيث الخلاف القطري البحريني السعودي الاماراتي، والمخاوف المتعاظمة من خطر تمدد النفوذ الايراني في  المنطقة.

ولعل الازمة السورية هي الاخطر بالنسبة الى الاردن ودوره المستقبلي حيث تتزايد التكهنات حول “تسخين” الجبهة السورية الجنوبية القريبة من الحدود الاردنية، كمقدمة لتشديد الخناق على العاصمة السورية دمشق، بعد خسارة المعارضة السورية لمنطقة القلمون الاستراتيجية وبعض مناطق ريف دمشق، ومدينة معلولة واخيرا مدينة حمص مولد الانتفاضة السورية المسلحة الرامية الى اسقاط النظام.

الاردن بحكم حجمه، وازماته الاقتصادية المتفاقمة، (ديونه تقترب من الاربعين مليار دولار) ولعتماده على المساعدات الخارجية لا يستطيع ان يرفض الضغوط الامريكية والعربية عليه للانخراط في ازمات المنطقة، والسورية على وجه الخصوص، واذا كان قد نجح فعلا في الاستفادة من انخراطه هذا ماديا، ودون ان تنعكس هذه الازمات سلبا على امنه الداخلي، فان هذه المعادلة ليست مضمونة النجاح والاستمرار، فضبط القوات الامنية الاردنية العديد من الاسلحة والعناصر الاسلامية المتشددة تحاول التسلل الى العمق الاردني في الاسابيع الاخيرة هو احد المؤشرات التي تؤكد هذا الطرح.

الحدود السورية الجنوبية لم تعد آمنة ومسيطر عليها بعد انسحاب القوات السورية النظامية من معظمها وقيام جماعات اسلامية مسلحة بملأ هذا الفراغ، ولذلك فان الاطمئنان الزائد عن الحد ربما يكون في غير مكانه.

باختصار شديد الاردن يقدم على مغامرة خطيرة بل خطيرة جدا في منطقة متفجرة، لان رأس ماله الاساسي هو الاستقرار وتأمين جبهته الداخلية من اي هزات، وهنا يكمن التحدي الاهم.

المصدر: رأي اليوم

آخر تعديل على الجمعة, 09 أيار 2014 11:29